في دائرة الخطر/ سعدبوه سالم فال اجيه

أردته أن يكون على النسق الذي أريد، بذلت الغالي والنفيس ، قمت بتوزيع المال والدواء، شاركت في التكفل بالمرضى والمحتاجين ، كنت حاضرة معه دائما  ، ألفني، اعتادني في أوقات المحن، حاولت أن أثبت له أنني أسعى لمصلحته، أشاطره حاضره وأتأمل معه مستقبله، لأن ذلك لا يتعارض مع توجهي بل يخدمه، استمتعت كثيرا بإنفاق المال ،بالجهد ،بالوقت، ولا يهمني في هذا المجال قيمة الغلاف المالي الذي أنفق،ولا حتى قيمة الفاتورة. 
  لم أهتم كذلك بالأشهر ولا بالسنوات، رغم أنني مدركة لقيمة الوقت، تعودت على طول النفس، لأنه شرط أساسي لتحقيق الغايات والأهداف. هكذا تعلمنا وتدربنا، فهي مجرد عملية اقتصادية بحتة تستهدف الربح المعنوي والمادي والوصول إلى الأهداف المنشودة بشتى الوسائل. ولا إشكال مادام الهدف مضمون التحقق، في ظل غفلة الخصم واستكانته للماديات وابتعاده عن الأخذ بناصية العلم والمعرفة اللذان هما الخلاص والوسيلة الوحيدة لتبوء مراكز الصدارة و التميز. ذالكم هو التفكير الناطق للمنظمات التبشيرية وأعوانهم من الملحدين ومن يدور في فلكهم، مسوقين بذالك تجارتهم للفقراء والمحتاجين وضحايا الحروب والأزمات، شعارهم الإنسانية ودثارهم الإلحاد والنفاق. لكن قصر نظر خصم هؤلاء الملحدين وتناسيه لموروثه الثقافي والديني، ومحدودية أفق تفكيره ورعونته الجلية ، بفعل انهماكه بالشكليات وغياب جوهر الأشياء عن مخيلته، أمور من ضمن أخرى ألقت بظلالها على تصوره وفلسفته في الحياة ، وأدت إلى تفريغ هذه الأخيرة من مضمونها ولبها الذي هو الطمأنينة والسعادة اللتان لاتوجدان إلا لدى معتنقي ديننا الإسلامي الحنيف ، دين الأخوة والتصالح، فعدونا يتربص بنا الدوائر ويعرف كيف يصطادنا، ولديه الإمكانات العلمية و المادية الكفيلة باستقطاب شباب الأمة المفتقد في أغلبه للتربيةالدينية القويمة والمفتقر للتوجيه والتأطير السليمين، مما قد يجعله فريسة سائغة لسهام العدو البارعة. وكأني بهذا العدو بذر بعض البذور في وطننا الحبيب وتعهدها بالرعاية والسقاية منذ فترة الاستعمار، وهاهو الآن يتطلع لجني وقطف ثمارها ولعل موجات الإلحاد والتزلف للمشركين التي نلاحظها من حين لآخر تجليا من تجليات حصاد و ريع تلك الثمار، وقد ساعد في ذالك عدم تحصين أغلب شبابنا بحكم انخفاض منسوبهم من العلوم الشرعية وعدم التأطير والتوجيه المناسبين إلى درجة انزلاقهم وراء الشعارات الإلحادية، متذرعين بحجج واهية من قبيل المعاصرة والتمدن غافلين عن أن الإسلام دين ودولة ومنهجه يمتلك مقومات تخوله مسايرة كل العصور وفق مايقتضيه الشرع من وسطية واتزان، منهجه يجسد معنى الحديث(اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا ، واعمل لأخراك كأنك تموت غدا)، بمعنى آخر أن يتخذ المسلم من الدنيا مطية للآخرة، متمثلا روح الإسلام التي هي السلام والتسامح والمحبة والإيثار وكل القيم الفاضلة التي تحث على التآخي والمصالحة ، مستحضرا حجم الخطروالتحديات التي تطوق معتنقي هذا الدين من كل الإتجاهات والبحث عن الحلول من القرآن والسنة واجتهادات فقهاء الأمة العاملين فذلك هو الحل الأوحد لحل مشاكلنا فمن خلال تبنينا وتمثلنا لهذا الحل بشكل فعلي سنحقق النجاحات تلو النجاحات ونتغلب على مؤامرات الأعداء وإلا سنبقى في دائرة الخطر.

27. مايو 2020 - 0:56

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا