دمقراطية الهزل....من الجنرال إلي الجنرال...لماذا وإلي متي العقال؟؟؟ / ذ.سيد امحمد محمد فال

علي الرغم من ان بلادنا تعتبر من اوائل بلدان الوطن العربي وغرب أفريقيا التي اعلنت دمقرطة نظامها السياسي وكتبت دستورا جمهوريا يكرس الحريات وينظم العلاقة بين السلط  وبين المواطن  و هذه السلط ورخصت مئات الاحزاب ونظمت انتخابات... إلي غير ذاك  من الاجرائات والترتيبات التي تؤسس عادة لبناء الانظمة الدمقراطية الحديثة وتنظم مساراتها واجنداتها المختلفة وتنطر لمستقبلها ومئالاتها، علي الرغم من كل ذاك، فلا يزال شعبنا ابعد ما يكون من ان يعيش  حياة دمقراطية حقيقية. ليس فقط بالعايير والمقاييس الغربية وانما ايضا  بالمقاييس الاقليمية الصرفة. فهذه جمهوريات تونس و السينغال و مالي  الشقيقة قطعت اشواطا كبيرة جدا في تطوير وتنمية  مشاريعها الدمقراطية الخاصة الامر الذي انعكس ايجابا  علي التنمية والاستقرار في هذه الاقطار التي لا تقارن من حيث المقدرات الاقتصادية بما تزخر به بلادنا علي كافة الصعد.

نعم اقولها بالفم الملئان  مشروع دمقراطيتنا الفتي متعثر الي حد بعيد وتداعيات هذا التعثر بادية للعيان علي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية عندنا وحتي علي لحمتنا الإجتماعية المهزوزة اصلا  لاسباب عدة راجعة بجملها الي فشل خطط التنمية التي وضعتها الحكومات المتعاقبة. وما تمخض عن ذلك    من إنعدام للعدالة وأستفحال للغبن  وتفش للفقر  والبطالة  والفساد  وافلاس المنظومة التربوية   وضعف الغطاء الآجتماعي بشقية الضمان والحماية الإجتماعيين.

صحيح أن الدمقراطية نظام وضعي بشري ينطوي علي الكثير من النواقص مع ذلك فكلنا نعلم إلي أين وصلت الدول التي طوعت هذا النظام  وكيفته مع ثوابتها وخصوصياتها الوطنية ومارسته علي نحو سليم. (اليابان، تركيا، جنوب افريقيا، الهند، ماليزيا)وحتي المملكة المغربية الشقيقة عندما اشركت الشعب في صناعة القرار الإقتصادي والإجتماعي علي الأقل.  فكلها اصبحت  دول متقدمة او في طريقها الي تصدر  لائحة البلدان الصاعدة.

أما نحن فما زلنا للأسف الشديد في مربعات التنمية الأولي ومازال شعبنا يعيش تحت رحمة  الحاكم المطلق رغم أنه "منتخب من الشعب" فهو الذي يدير كل شيء ويشرف علي كل شيء حتي تسمية خلفائه.أما الشعب الذي هو صاحب الحق الاصيل ومصدر السلطات وغايتها فما زال مجرد مفعول به. وكأن المواطن المورتاني قاصر وفاقد للأهلية والتمييز ولا يحتاج إلا لدكاكين أمل ومركبات ثلاث عجلات وبضعة كيلوغرامات من سمك يايبوي ! فكل الشعب يعيش تحت الحجر والوصاية.ويستوي  في ذلك الموالون  المسؤولون للأنظمة  الغابضون علي الجمر خوفا علي مصالحهم    والأنصار المتملقون الإرتزاقيون المتشبثون بوهم من فتاة الإمتيازات والمزايا،  والمعارضون الصوريون الاقرب إلي النفعية والتملق منهم إلي المعارضة والرفض والمعارضون الحقيقيون المنهكون والمستنزفون بسبب  الإقصاء والقمع من جهة والأخطاء و الخلافات من جهة أخري.

هذا هو واقعنا المرير شئنا ذلك أم أبينا. والأسباب لا تحتاج إلي كثير عناء. لمعرفتها فغياب الدمقراطية وأحتقار الشعب وإبعاده عن صنع القرار  وتكريس حكم الفرد وبطانته الضيقة  من بين امور اخري من اهم  تلك الاسباب.مما اضعف الحس الوطني لدي كثيرين  وبعث   الياس في نفوس الشباب و شجع  هجرة  للعقول والطاقات الوطنية....  

بالمحصلة،  لقد آن الأوان أن يدرك الجميع فاعلون ومفعول بهم  أننا اليوم  نعيش في زمن لم يعد فيه لحكم الفرد ولا لحكم العسكر اي مكان. مع أحترامي الشديد لقواتنا المسلحة الباسلة التي نحبها  ونجلها ونعتز بها لكن هناك في ميادين الشرف الحقيقية المعروفة بعيدا عن السياسة ومتاهاتها القذرة.

لان الدمقراطية هي حكم الشعب لنفسه وليست  حكم الجيش للشعب وقواتتنا المسلحة مليئة بالضباط الذين تخرجوا  من اعرق الأكادميات العسكرية ويعلمون تمام العلم  ان العلوم العسكرية التي نهلوا منها تكرس الفصل  المطلق بين السياسة والعمل العسكري.

 علما أنه، وهذه خصوصية مورتانية خالصة،   يستحيل ان تجري انتخابات رئاسية في بلادنا دون ان يترشح فيها عسكري او مدني تم الزج به زجا في الانتخابات  بمباركة المؤسسة العسكرية التي ينشط قادتها علي نحو غير مسبوق في الحملات لفرض مرشحهم فرضا وباي ثمن. وكأن شعبنا بكل قواه وادمغته وعقوله واطره ومثقفيه وشبابه وشيبه هو مجرد  قطعان من البلهاء والسذج والعجزة؟

لماذا  العقال وإلي متي؟

نحن لسنا مصر ولسنا من دول الطوق العربي ولا نشكل خطرا استراتيجيا علي احد. فلماذا نظل مكبلين باحكام عسكرية او شبه عسكرية لا تجيد لا السياسة ولا الإدارة ولا الإقتصاد ولا تفهم لا في الزراعة ولا في الصناعة ولا في التجارة ولا في الدبلماسية ولا في الصيد ولا ولا....متي يدرك هواة السياسة من  العسكر عندنا أن شعبنا قد  تجاوز  سن الرشد ومن حقه بل ومن واجبه  حكم نفسه بنفسه؟

 اخيرا  أتمني ان لا افهم خطئا. فيقال هذا معارض رادكالي او ما شابه. فانا لست من المنتدي  ولست من الاخوان ولست من المتطرفين. أنا مجرد  مواطن حر من هذا البلد وسياسي مستقل لديه  ملاحظات كثيرة  علي الطبقة السياسية المهيمنة  بمختلف مكوناتها وخاصة منها ما يسمي  بحزب الإتحاد من اجل الجمهورية واجداده وبعض الموالين والمعارضين المعروفين الذين لا يعني لهم الوطن ولا المواطن أي شيء.

وكلي أحترام للمؤسسة العسكرية وابنائها. بمن فيهم الجنرال غزواني. لانني وبكل صدق ما علمت عليه من سوء ولا اكن له ولا لغيره من الضباط الا التقدير. والاحترام. ولا اري الا  ان الرئيس عزيز كان موفقا في اقتراحه وترشيحه ودعمه لانه الاصلح من بين زملائه من الضباط  وحتي من قادة الموالاة المدنيين بالاسم العسكريي الهوي. 

وحتي انني  كتبت في مقال سابق  أنني شخصيا من المستبشرين خيرا بترشيحه للرئاسة. لانني ادرك ربما اكثر من الجميع  عراقة ومسؤولية  و والتزام المدرسة  السياسية والاجتماعية والاخلاقية التي ينحدر منها هذا الجنرال.

فقط  انا سياسي وطني  مؤمن بالدمقراطية ومتأكد أن المدنيين اصلح للحكم من العسكريين. وبان الدمقراطية تحتاج شخوص مدنية بكل المقاييس.

هذا رايي الشخصي وراي حراك تيار الامة الواحدة المستقل الذي اقوده.   مع احترامنا الشديد  لكل  من له راي مغاير. لاننا في هذا التيار دمقراطيون  والدمقراطية ماهيتها تكمن في تعدد الآراء والمقاربات. والتداول  الدمقراطي علي الحكم.واحترام الحقوق والحريات، ان لم اكن مخطئا!

30. يناير 2019 - 7:47

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا