مآلات الحوار المنتظر في موريتانيا / محمد ولد عمار

يمثل الحوار السياسي المرتقب في موريتانيا منعطفاً مهماً في طريق التحول الديمقراطي وتعزيز الاستقرار الوطني، في ظل التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها البلاد. وبين الأمل والحذر، تختلف آراء المحللين حول ما يمكن أن يسفر عنه هذا الحوار من نتائج. في هذا السياق، يمكن تقديم قراءة تحليلية في أبرز الاحتمالات:

أولاً: الانفراج السياسي والوفاق الوطني إذا نُظم الحوار بشكل شامل، بمشاركة جميع الأطراف الفاعلة، وفي ظل إرادة سياسية حقيقية من السلطة والمعارضة، فإن ذلك قد يفتح الباب أمام انفراج سياسي واسع. وسيشكل هذا فرصة لإعادة بناء الثقة بين الفاعلين السياسيين، وتحقيق اتفاقات حول القضايا الخلافية مثل النظام الانتخابي، وضمانات الحريات العامة، واستقلالية القضاء.

ثانياً: إعادة تشكيل المشهد السياسي من المتوقع أن يؤدي الحوار إلى تغيير مواقع القوى السياسية، سواء في صفوف المعارضة أو الأغلبية، مما قد ينتج عنه ظهور تحالفات جديدة وتراجع أو صعود أطراف أخرى. وهذا قد يؤثر مباشرة على التحضيرات للاستحقاقات الانتخابية القادمة، خاصة الانتخابات الرئاسية2029.

ثالثاً: بين تعزيز الثقة وتعميق الأزمة الحوار الناجح سيعزز مستوى الثقة بين المواطن والنظام السياسي، ويؤسس لمسار إصلاحي طويل الأمد. أما إذا فشل الحوار أو اقتصر على أطراف دون أخرى، فقد يؤدي إلى تفاقم الأزمة، واتساع نطاق الإحباط الشعبي، وربما تنامي الاحتجاجات والمطالبات بالتغيير الجذري.

رابعاً: التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية و الاستقرار السياسي الناتج عن حوار ناجح من شأنه أن ينعكس إيجاباً على مناخ الاستثمار، وتحسين الخدمات العامة، وفتح آفاق جديدة لمعالجة الملفات التنموية. أما الفشل لا قدر الله، فقد يؤدي إلى استمرار التوتر وغياب الاستقرار، مما سيؤثر سلباً على الوضع الاقتصادي والاجتماعي.

خامساً: البعد الإقليمي والدولي موريتانيا تلعب دوراً مهماً في الأمن الإقليمي، خصوصاً في منطقة الساحل المتوترة بصراع القوى الدولية، وأي نجاح في الحوار سينعكس إيجاباً على صورتها لدى الشركاء الدوليين، ويعزز من مكانتها الجيوسياسية. وفي المقابل، قد يؤدي الإخفاق لا قدر الله إلى برود في العلاقات الدولية، خاصة مع القوى الغربية التي تعوّل على استقرار البلاد ولعب الدور المحوري في بسط النفوذ في المنطقة.
يبقى الحوار الوطني المنتظر فرصة حقيقية لتجنيب البلاد الوقوع في عدم الاستقرار، بشرط أن يتم في إطار شفاف، شامل، وجاد.
إن المسؤولية التاريخية تفرض على جميع الفاعلين السياسيين والاجتماعيين أن يرتقوا إلى مستوى اللحظة، ويضعوا مصلحة الوطن فوق المصالح الحزبية الضيقة.
حفظ الله موريتانيا و الى المزيد من الازدهار و النماء.

محمد ولد عمار

 

 

10. أبريل 2025 - 16:44

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا