لحراطين.. والأرقاء السابقين! / الديماني محمد يحي

أولا دعونا نبدأ من المسلمة التي لايمكن أن يعترض عليها غير مكابر، وهي أن مكونة البيظان المسماة لحراطين تعيش تهميشا وغبنا أكثر من غيرها؛ لذلك كلنا مع العمل على تجاوز هذا التهميش وهذا الغبن.
 تلك مشكلة لم أقف قط على من ينكرها، والجهود منصبة من طرف السلطات العمومية والمجتمع المدني على حلها!
لكن، ذلك لايمنعنا من مناقشة الدعوات التي تصدر  بين الفينة والأخرى من طرف بعض الجهات، لفصل هذا المكون المحترم عن مجتمعه، واعتبار ذلك هو الحل السحري لتلك المشكلة التي تؤرقنا جميعا.
وهكذا سأتناول في هذا المنشور  وجاهة المبررات التي يطرحها مطلقو هذه الدعوات.
1القبيلة
يطرح بعض هؤلاء فكرة أن القبيلة عامل مهم لتكريس السيطرة على الامتيازات واحتكارها لصالح أبناء الأسياد التاريخيين، لذلك يطالبون بفصل لحراطين عن قبائلهم.
هذه الفكرة، رغم احترامي لمروجيها، لا أعتقد أنها ستوفر حلا، لهذا المشكل، بقدرما ستطرح من إشكالات..
 فمثلا أصحاب هذا الطرح نسوا أن هناك قبائل قائمة بذاتها من شريحة لحراطين، فكيف سيكون تعاملهم مع هذه القبائل؟
هل ستقبل هذه المجموعات بحل قبائلها والتخلي عما كانت توفر لهم من مكاسب لصالح هذا الطرح؟
2البيظان البيض
بعض هذه الدعوات ترجع سبب تهميش لحراطين إلى هيمنة البيظان البيض على الوظائف ومقدرات البلد، لذاك يروا أن بقاء لحراطين مع البيظان سيعمل على تكريس تلك الهيمنة، وعليه فإن الحل يبدأ بفك الارتباط مع هذا المجتمع، وهي فكرة تلقفها متطرفو افلام ويعملون الآن على ترسيخها في أذهان الكثيرين!
 ومناقشة لهذا الطرح يهمني أن أبين مايلي:
*هناك أمر جوهري ينبغي أن ننطلق منه. وهو الفرق بين التهميش الذي يعاني منه لحراطين كمكون من مكونات البيظان، لم يتعرض للاستعباد منذ قيام الدولة الوطنية على الاقل؛ بل فيهم من كانوا مستعبدين وبين تهميش الأرقاء السابقين، الذين عانوا من الرق حتى بعد الاستقلال.
فالأول بالنسبة لي مثل التهميش الواقع على باقي المكونات وحله ينبغي أن يكون في ذلك الإطار.
أما تهميش الأرقاء السابقين فهو ناتج عن فعل مستهجن لذلك ينبغي أن توجد له حلول استثنائية لتعويض الآثار الناتجة عنه، وأعتقد أنه من الظلم وضعهم في بوتقة واحدة مع أية مجموعة مهما كانت لونية أو ثقافية، ومن المهين استغلال مظلمتهم لمكاسبة اقتصادية أو سياسية، كما يفعل البعض!
*كذلك ينبغي أن يفهم دعاة التفرقة بين مكونات البيظان أن دعم متطرفي افلام لهم بكفي من الأدلة على أن طرحهم لايخدم القضية، ولتأكيد ذلك بإمكانهم استحضار الآتي:
*أن هؤلاء لم يقدموا أية خطوة في سبيل التمكين للحراطين، عندما كانت كل الدوائر والقطاعات تحت سيطرتهم في السنوات الأولى للاستقلال،
*أن تعامل هؤلاء المتطرفين في أحداث 89 المؤسفة لم يميزوا فيه بين فئات مجتمع البيظان!
*أن مستوى الطبقية في المجتمع الذي تنتمي إليه عناصر هذا التنظم أشنع منها في مجتمع البظان و"اللي اتريالك حرص ركبة امراحه"!
أخيرا، يطرح البعض التهميش في بعض القطاعات، هذا التهميش، مع أنه آن الأوان للعمل على تجاوزه، عائد في كثير منه إلى اهتمامات فئات المجتمع مع بداية الدولة، فمثلا:
القبائل المحاربة توجهت منذ البداية إلى القطاعات العسكرية، بينما لم تهتم قبائل الزوايا مثلا بهذه القطاعات، بالقدر الكافي، لذلك من الطبيعي أن نجد الآن عدة ضباط في أسرة واحدة من القبائل المحاربة، بينما لانجد ضابطا واحدا في إحدى قبائل الزوايا!
والعكس نجده في قطاعات أخرى..
إذن مثل هذا الغياب عن بعض القطاعات لايمكن أن يحسب تهميشا، لأنه غير متعمد، والوقت كفيل بتجاوزه.
حفظ الله بلادنا من كل مكروه وزادها رفعة وأمنا ونماء 
 

12. أبريل 2025 - 20:04

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا