لا لمحاكمة الضمير… لا لإهانة النضال؛ فالحرية لا تُحاكم، والمبادئ لا تُهان / عالي محمد ولد أبنو

في وقتٍ يتطلع فيه المواطن الموريتاني البسيط إلى عدالة تنصف المظلوم وتردع الظالم، ووسط تراكم الشكاوى من السب والقذف والاعتداء دون استجابة فعّالة من الجهات القضائية، نفاجأ اليوم بفتح ملف قضية كيدية ضد أحد أبرز رموز النضال الحقوقي في البلاد.
القضية التي نستنكرها تتعلق بمحامٍ جاوز الثمانين من عمره، أمضى جُلّها في مواجهة الأنظمة القمعية التي مضت إلى مزبلة التاريخ، بينما ظل هو واقفًا بشموخ، وفيًا لمبادئه، منسجمًا مع ضميره. واليوم، وبعد كل ذلك التاريخ النضالي، يُستهدف هذا الشيخ الوقور ليس بسبب مخالفة قانونية حقيقية، بل لمجرد استحضاره لعمل درامي بشكل رمزي تضمّن شخصية افتراضية، تصادف أن تحمل نفس اسم ممثل كوميدي أدّى دورها !!.
أي منطق قانوني أو أخلاقي يجيز الزج بالقضاء في قضايا من هذا النوع؟
وأي عدالة تُغض الطرف عن معاناة آلاف المواطنين ضحايا الجرائم الجسيمة، لتسارع إلى التعامل مع واقعة تخيلية لا تُرتب ضررًا ولا تُشكل إساءة !؟.
إن ما يحدث هو محاولة لتركيع صوت حر، ومسٌّ بكرامة من أفنوا أعمارهم في سبيل الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية. إنها كذلك إهانة لذاكرة نضالية جماعية، وتشويهٌ خطير لوظيفة العدالة، وتوظيفٌ مرفوض لمؤسساتها في صراعات الأهواء والظلال.
لقد آن الأوان لأن يرتفع القضاء في موريتانيا إلى مستوى المسؤولية، وأن يتتبرّأ من هذه التصفية الرمزية، وأن يردّ كيد العبث عن وجوه سطّر أصحابها تاريخًا ناصعًا في التضحية من أجل الكرامة والحرية.
وإننا، إذ نستنكر هذه المسرحية القضائية ذات السيناريو الركيك والإخراج العبثي، ندعو إلى إسقاط هذه القضية فورًا، ونؤكد ضرورة تحصين القضاء ضد محاولات التوظيف الشخصي، وحماية حرية التعبير، وصيانة كرامة رجالات الوطن، فالحرية لا تُحاكم، والمبادئ لا تُهان.
 
عالي محمد ولد أبنو/ رئيس اللجنة الاعلامية باللجنة الوطنية لحقوق الإنسان
 

30. أبريل 2025 - 23:25

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا