عملة خليجية موحدة... حلم قابل للتحقق؟ / مريم اصوينع

في رحلاتي إلى بعض دول الاتحاد الأوروبي، لفت انتباهي مشهد متكامل من الاستقرار والازدهار، اقتصاد متنوع، عملة موحدة، وانسيابية في الحياة اليومية. لم يكن الأمر مجرد تنظيم إداري أو تنسيق شكلي، بل بدا وكأنه هوية موحدة تعزز الشعور بالانتماء، وتمنح الأفراد والشركات والزوار ثقة أكبر في المستقبل.
ولعل المشهد نفسه تكرر أمامي، ولكن هذه المرة في الخليج، وتحديدًا في المملكة العربية السعودية، التي تعيش تحولا جذريا بقيادة رؤية 2030. وجدت نفسي أتساءل، لماذا لا تخطو دول الخليج خطوة جريئة نحو توحيد العملة ؟
هل يمكن أن يشكل هذا المشروع بداية جديدة لتكامل اقتصادي حقيقي، ورافعة تنموية تليق بإمكانات هذه المنطقة الغنية بالثروات والطموحات؟
لطالما راودني حلم الاتحاد الخليجي، لكن حديث ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عن التكامل ضمن رؤيته الطموحة جعل هذا الحلم يبدو أقرب من أي وقت مضى. حديثه كان واقعيا ومقنعا، وكأنه رسالة مفادها “لدينا ما يؤهلنا لنكون قوة موحدة”

العملة الموحدة ليست مجرد رمز... بل أداة نفوذ.

في ظل التغيرات العالمية المتسارعة، و تنامي التكتلات الاقتصادية الكبرى، تبدو الحاجة ملحة إلى خطوات استراتيجية تعزز مكانة دول الخليج عالميًا. وتوحيد العملة هو إحدى هذه الخطوات الجريئة، التي قد تفتح أبوابًا جديدة للاستقرار النقدي، وتعزز الثقة بالاقتصاد الخليجي، وتزيد من جاذبيته للمستثمرين.
الدول الخليجية تتقارب اقتصاديا من حيث معدلات النمو، التضخم، ومستوى الإنتاجية، ما يجعل من توحيد العملة خطوة منطقية وفعالة. فهي تزيل تقلبات أسعار الصرف، وتقلل التكاليف على المستثمرين والمستهلكين، وتخلق سوقًا مشتركة أقوى.
كما أن وجود سياسة نقدية موحدة يسهم في تعزيز الاستقرار المالي، وتحسين إدارة الديون، وتوفير بيئة استثمارية واضحة المعالم. فضلًا عن إمكانية تكوين احتياطي نقدي مشترك يعزز من قوة العملة الجديدة.
وتبقى إدارة الحشود في الحج والعمرة نموذجا ملهما. إذا كانت السعودية قادرة على تنظيم تدفق ملايين الحجاج سنويا والمعتمرين، من مختلف الجنسيات واللغات، بحرفية مذهلة وإدارة دقيقة، فهذا يؤكد أن الخليج يمتلك من الكفاءات والإمكانات ما يؤهله لقيادة مشاريع إقليمية كبرى بنفس الاحترافية والطموح.

اليورو ليس المثال الوحيد.. لكنه الأكثر إلهاما.
رغم التحديات التي واجهها الاتحاد الأوروبي، إلا أن تجربة اليورو أثبتت أن توحيد العملة يمكن أن يكون وسيلة فعالة لتعزيز التكامل الاقتصادي والسياسي.
فلماذا لا تسير دول الخليج في هذا الطريق، وهي تمتلك من المقومات ما يجعلها أكثر قدرة على النجاح ؟
وقد سبق أن سمعت الأمير محمد بن سلمان يقول إن الخليج سيكون أكثر اتحادا وازدهارا من الاتحاد الأوروبي، ليس من باب التفاخر، بل بروح الطموح والإيمان بقدرة دول الخليج على تحقيق تكامل فعلي ومستدام.
توحيد العملة قد لا يكون مجرد خيار اقتصادي، بل مشروع حضاري يعبر عن إرادة سياسية مشتركة، وشعور جماعي بالمصير الموحد.
فهل يكون الأمير الجريئ هو من يخطو هذه الخطوة التاريخية ؟ 

15. avril 2025 - 22:01

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا