بعد رحلة تزيد علي نصف قرن، هي عمر الدولة الموريتانية، من المنطقي أن نتساءل عن حصيلة الإنجازات وعن حجم ما تحقق علي الأرض ونقارن بين حالنا اليوم وآمال الجيل المؤسس، لنتمكن من الحكم الموضوعي علي مسيرة لم تكن دائما من صنعنا ولا كانت خطوطها العامة تعبر
المراقب المنصف لأوضاع موريتانيا اليوم، سيصاب بالدوار وعدم تصديق مايحدث: في الظاهر حكومة تترنح ومشاكل تستعصي علي الحل وشعب حائر يبحث عن حل لمعضلات بلده، أوعلي الأقل التخفيف من معانا ته المتشعبة، ونظام يسير في ظلمة، لايعرف الصديق ولا العدو ماهي أهدافه؟
طفح الكيل وبلغ السيل الزبى وتجبر الطغاة وتطاول المفسدون وانكشف القناع الحقيقي للجنرال وأعوانه وبدأت العودة بخطى متسارعة الى المربع القديم الذي ظن هذ الشعب المسكين أنه جعله وراء ظهره وبدأت حقيقة هذ النظام تتكشف للعيان بكل وضوح .
من سوء حظ الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز أنه تسلل إلى سدة الحكم في ظلمة فجرٍ عربي شفَّاف، سرعان ما تكشَّف عن ثورات عاصفة، بينما جاء زملاؤه الذين دشنوا الحكم العسكري لبلادنا عام 1978 في غسق من الليل البهيم أعانهم على البقاء في السلطة مدة مديدة.
أجل! إنها نصيحة إلى فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز.. دوافعها متعددة وأسبابها متنوعة؛ أولها أن فخامته رئيسُ بلد أعتز بالانتماء إليه وأذوب من الشفقة عليه.. وثانيها ما يربطني به من روابط أسرية ووشائج اجتماعية..
شكلت إهانة شرطية مغمورة لشاب مغمور عاطل عن العمل يمارس ما تيسر من تجارة متواضعة في بلد لا معقب فيه لحكم جبروت الأمن وما يفرضه مزاج الحاكم وزبانيته على المواطنين- شكلت نقطة تحول كبرى في العالم العربي مازالت تداعياته مستمرة.. وقد تطول..
"الشرطة تهاجم طلاب المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية، والقضاء الموريتاني يصدر مذكرة اعتقال في حق عدة أشخاص من ضمنهم المصطفى ولد الإمام الشافعي، والمعارضة تصعد من لهجتها، وتسريبات إعلامية وأمنية عن اعتقالات في صفوف قادتها، توجس وخوف لدى النظام من كل شيء.
ليس بالحديث المفترى ولا التقول بلا علم حين نقول إن ذاكرة الكبار من أهل ساكنة موريتانيا لتحفظ قيما وأخلاقا وسلوكيات لم يبق لها أثر بعد عين إندرست وعفا عليها الزمن ،وأصبح لعارفون لها أهل رجعية بداة جهال في عرف تخبط أجيالنا الحالية بمافيهم حكامنا وأتباعهم والمتربين على خطاهم .
إنّ موريتانيا اليوم لتمرُّ بأيام حالكة والسبب في هذا هم من يُسمّون بُهتانا وزرا " الصحفيون "
وليس غريبا هذا فقد وُجد في عصر النبوة صحفيون من نوع " مسيلمة " كان محررا لكل الصحف الصادرة في تلك الفترة ، يتظاهر للمسلمين أنه منهم وهو في حقيقية أمره مراسل لقنوات
في الوقت الذي يقود فيه حاكموا موريتانيا سفينة الوطن إلى درك الهاوية، وتسير فيه البلاد إلى قاع المجهول، و في الوقت الذي تشهد فيه البلاد العربية ثورات عارمة ، قطفت رؤوسا قد أينعت،و أسقطت حكومات بلغت من الفساد كل مبلغ،وتحركت الشعوب استنشاقا للحرية ،وطلبا لحياة أفضل.
تحدث المفكر الاستراتيجي الدكتور جمال حمدان رحمه الله عن توزع مراكز القوى على مستوى قلب الأمة (الشمال الإفريقي والشرق الأوسط) وقام بتقسيمها إلى مراكز قوى فرعية ومراكز قوى مركزية ،فعلى مستوى المغرب العربي يوجد مثلث قوة يتكون من " تونس- الجزائر- المغرب " .
إذا نظر الإنسان إلى التطورات التي تمر بها حاليا المنطقتان الأهم على المستوى العالمي منذ فجر التاريخ (أوربا والعالم العربي) بمنطق البرقيات الإخبارية فسوف يقتصر فهمه لها على أنها بشائر ثورة سياسية في إحدى المنطقتين ونذر أزمة اقتصادية في الأخرى.
رأيت فيما لا يرى النائم (ولا المستيقظ) أننى خرجت فى جولة مع رئيس الجمهورية داخل العاصمة، فى الواقع كانت جولة رائعة... فى البداية صافحنى رئيس الجمهورية... بعضكم قد لا يدرك معنى أن أتشرف بمصافحة سيادة الرئيس... يد الرئيس (التى فوق أيدينا) ليست يدا عادية..
إنّ الناظر في تــاريخ السياسة الموريتانية الحديثة سيصاب بالدهشة في الوهلة الأولى ، إذْ أنّ الجميع يُتقن بشيء من الحنكة هذه اللعبة التي كادت أن تصير مصدر رزقهم الوحيد .