تمر موريتانيا هذه الأيام بمرحلة حاسمة ومهمة في تاريخها السياسي الحديث حيث سيجري تنظيم انتخابات رئاسية في آجال محددة بقوة الدستور تنتزع الكرسي من رئيس لتسلمه إلى آخر، وكلما اقترب الموعد ازدادت وتيرة التحالفات السياسية، وانطلقت المبادرات الداعمة لهذا أو ذاك، لكن الأسئلة المطروحة للمواطن الذي يتسابق الكل هذه الأيام لإرضائه أو استرضائه. من صاحب البرنامج الشامل الطموح الذي سيحقق لنا قدرا من التنمية يشملنا نحن أهل الريف؟ من الجاد في خدمة الوطن والمواطن؟ إن هذه الأسئلة لا شك تدور في أذهان الكثيرين من الطامحين الذين يحبون أن يروا مستقبل بلادهم بأيد أمينة عليه جادة في إصلاح شأنها عازمة على تغيير حالها إلى الأفضل، ويحزنهم أن يروا من يهتف عن وعي أو غير وعي لهذا أو ذاك دون أن يفكر في مستقبل وطنه وما يمكن أن تؤول إليه أوضاعه، إن من المأثور من الكلام أن " الدول تقوم على الكفر لكنها لا تستقيم على الظلم" وإن موريتانيا دولة غنية بموارد طبيعية منحها الله لها وجعلها في أرضها وقد تم استخراج كل تلك الكنوز ولا زالت موريتانيا تتردى في أوحال الفقر والتخلف الأمر الذي جعل فئة كبيرة من أبنائها الأكفاء يغادرونها ويهجرون أرضها وما ذلك إلا بسبب الظلم والحرمان الذي تعيشه هذه البلاد من خلال الطبقة الحاكمة التي لا تريد شريكا لها أمينا في الحكم ينصح، ولا خبيرا يخطط ليصلح، إنما تريد مقلدا مطيعا أعمى ينبح لا يهمس لنفسه بالإصلاح ولا يسعى لتحقيقه.
إن التخلي عن إصلاح التعليم مع الاتفاق على فساده هو مكمن داء هذه البلاد وهو أكبر دليل على فشل الأنظمة المتعاقبة على البلاد، إن أمة لم تستثمر في العقل البشري ولم تمنحه قيمة لن تستطيع النهوض أبدا.وإن الأنظمة في هذه البلاد كأنما تحارب العقل البشري خوفا من نموه كي لا يشكل عقبة أمامها فيقطع الطريق على ممارسات الغش والتزوير والتحايل ونهب المال العام..... وغيره مما يمارسه الكثيرون في ظلها كأنما تقول للشعب لا تنهض من جهلك وغفلتك لأننا نستفيد منها، فلن ندعك تنهض أيها الشعب، لقد نظرت إلى الكثير من المشاريع التنموية "التنويمية" التي ادعى النظام الحاكم إقامتها فرأيت أنها لا تستند على أي معيار لا علمي ولا تنموي إنما على مزاج الفرد ولذلك تهاوت هذه المشاريع رغم ما تم إنفاقه عليها من أموال الشعب " مشروع سكر فم لكليته مثلا" " التجمعات السكنية المستحدثة".
مما يظهر أن مخططو هذا النظام لا يخططون لما يبقى ويستفيد منه الوطن بل لما سيدخل جيوبهم من هذه المقاولة أو هذا المشروع أو ذاك.
إن هذه فرصة الموريتانيين أن ينهضوا ويعبروا بجلاء عن رفض استمرار الظلم والتحايل على الشعب ونهب أمواله واللعب بمقدراته الاقتصادية، ويعملوا على بذل الغالي والنفيس من أجل التخلص من قبضة الأنظمة الفاسدة ويعيدوا الدولة لحكم المدنيين من أبناءهم الأكفاء الذين خدموها فترة من الزمن، والذين يحملون برنامجا طموحا من أجل خدمة الوطن والمواطن وذلك من خلال إحداث تغيير حقيقي لا صوري، يتم بموجبه انتخاب مدني ذا كفاءة يقود البلاد إلى بر الأمان ويحدث القطيعة مع الماضي البغيض الذي عاشته هذه البلاد من التلاعب بمقدرتها الإقتصادية ونهبها، وذلك من خلال برنامج انتخابي متكامل تعده مجموعة من العارفين بالبلاد وأهلها وطبيعتها الجغرافية والديموغرافية.