إلى وزير الاتصال لا مصداقية للتكذيب إلا بعد التحقيق!! / محمد الحافظ ولد الغابد

altتابعت ليلة البارحة وزير الإعلام أو عفوا من يسمى حاليا في البلاد وزير "الاتصال" والعلاقات مع البرلمان وهو يتعرض بأجوبة متلعثمة للعديد من النقاط المتعلقة بالأداء الإعلامي وبما أنني من الذين تابعوا عن كثب العملية القيصرية التي تمت لما يسمى تحرير الفضاء السمعي البصري.

واشتغلت مع آخرين من زملائي وأصدقائي خلال أشهر على ملف إذاعة صوت الوطن الذي رفضته الهابا وأبان "خصام أشخاصها" خلال الفترة الأخيرة عما حدث له بدقة متناهية فقد أخرج من السباق بعدما انتزعت منه بعض الوثائق التي قيل لاحقا إنها كانت ناقصة في الملف بمبادرة من أحد اعضاء "الهابا" وهذا ليس ادعاء وإنما هو ما توصلت له عبر استقصاء ما حصل بعد السؤال والنقاش المستمر مع أشخاص في الهيئة "المحترمة!!" والتي كان من المفترض أن تكون موقرة.. لولا فعلتها الشنيعة في منح سبعة رخص منها خمسة لمقربين عائليا من الرئيس ولد عبد العزيز.. الذي يقول الوزير أنه لم يتدخل في هذه العملية!! وفعلا ما كان للرئيس أن يتدخل لأنه وكما يقول المثل الحساني:"أل أجبر شواي ما ينحرك أيديه" مع أن الرئيس لــ"حذقه بالشواء" يمكن أن يشوي هو شخصيا دون أن يناله أي أذى وكل ذلك من مناقبه الجمة عفا الله عنه. نرفزة الوزير ظهر الوزير وهو يرد على مداخلتي " المقتطعة بمقص الرقيب " وهو غاضب ومرتبك رغم أن تصريحي كان مهذبا "واقتطع منه ما يمس كبد الحقيقة فيما حصل" ولم يتجاوز بيان حيثيات اكتنفت تحرير الفضاء السمعي البصري وطرح سؤال أو اثنين حول شفافية العملية وهذا حق مشروع لي وللرأي العام الذي نهدف جميعا إلى تنويره بالحقائق لا الروايات المختلقة وأوراق الردود التي لم يقص علينا الوزير قصتها الكاملة ليحكم عليها جميع المواطنين وبلغ الغضب مداه عندما جزم الوزير بتكذيب ما قلت دون أن يقدم أي معطيات مقنعة سوى قراءة ورقة واحدة زودته بها الهابا قبل بث البرنامج بعد مشاهدة "البايت" كما نبه وتساءل الصحفي المتميز موسى ولد حامد مدير الوكالة الرسمية الأسبق. ومن أبرز مظاهر الارتباك التي تملكت الوزير وهو يرد على مداخلتي في هذا المحور كوني لم آت إليه في يوم من الأيام وهذه شهادة من الوزير أعتز بها فأنا فعلا لم أزر الوزير في مكتبه وأرجوا ألا أزوره في المستقبل مع رجائي له موفور الصحة والعافية وطول البقاء في الوزارة أو ما هو ارفع منها مقاما ..لكني لم أفهم وجه الاعتراض الذي قصده فزيارة الوزير ليست من شروط الترخيص ولا حتى من متطلباته وهو بشهادته البارحة لا يمنح الترخيص ولا يمنعه ويعتمد كليا على ما تتحمله الهابا على عاتقها والتي تذكرني قصتها مع الوزير بالقصة الشعبية عن (احمارة أعجي: ما تنعكب ولا تنخطم). جريمة الهابا سيدي الوزير إن انحيازكم للهابا ودفاعكم عنها لن يفهم إلا في إطار سعيكم التغطية على جريمة وأد حلم تحرير الفضاء السمعي الذي تحملت الهيأة وزره في غياب تام لكافة شروط الشفافية المطلوبة .. وهو انحياز يعبر عن عمق أزمة الإعلام فأنتم سيادة الوزير بهذا التصرف تطلقون رصاصة الرحمة على أي أمل مستقبلي في الشفافية مع ترك الحبل للهابا على القارب ..دون أن تأخذوا على يدها وتنصفوا المظلومين خصوصا وأن صلتكم بحقل العدالة كان ينبغي أن تدفعكم للترجيح بالقرائن والعدل في الحكومة لا أن تكونوا بين يدي الهابا كــ"الميت بين يدي مغسله". سيدي المحامي.. سيدي الوزير.. إنكم تُسَخِّرون خبرتكم في مهنة المحاماة للدفاع عن هيئة اعطاكم القانون 045/2010 حق التشاور معها وأنتم مسئولون عن القانون شرعا وعرفا وما تقوم به الهابا سواء كان عملا صحيحا أو خاطئا أنتم سيدي الوزير شركاء في المسئولية عنه ولا يجوز لكم إلا أن تدققوا في ما تقوم به هذه الهيأة وكان من الواجب عليكم أن تفتحوا صناديق الهابا وأن تقرئوا ما بين السطور في رسائلها وما قامت به الهابا لا يستحق تزكيتكم البريئة ظاهرا !! أمام الرأي العام.. ولن يتفهم أحد من مشاهديكم حجم الشفافية والبراءة الذي تتحدثون عنها عفو الخاطر بهذه الدرجة من البراءة !!.. إنكم سيدي الوزير تخطئون التقدير عندما تظنون أن الرأي العام الموريتاني بهذه الدرجة من "البلاهة". وإذا كان الوزير جادا في إعطاء الصورة فإنني ألفت انتباهه للملاحظات التالية: الملاحظة الأولى : ما هي تشكلة الهابا ؟!! سيدي الوزير لابد أن نكون منطقيين في التعامل ما جرى ويجري في الحقل الإعلامي واسمحوا لي أن أقول إن أجوبتكم عموما اتسمت بضعف الإقناع ولم تكن شافية في أغلب المحاور... ولكن لابد أن نتوقف مع هيئة الهابا المحترمة التي قدمتموها بوصفها صاحبة الكلمة النهائية في كل ما يجري فما هي تشكلة هذه الهيئة وما هي أجهزتها وهل تقوى فعلا على النهوض بكل هذه الأعباء الملقاة على عاتقها؟. لقد تشكلت الهيئة على عجل في المرحلة الانتقالية (2005/2007 ) وتكونت من عدد من الأشخاص لا يتجاوز العشرة وقامت بدور مهم خلال تلك الفترة يتعلق بمراجعة بعض القوانين وأعطت انطباعا بأن تحولا جذريا سيشهده حق الإعلام.. و لكن بعد كل هذه السنوات بقيت الهيئة كما شكلتها ظروف استثنائية .. انتقالية عابرة .. كان لها فضل تسويق أمل خادع تبخر بعد طول انتظار .. ثم جئت أنتم سيدي الوزير والنظام الذي تمثلون .. وواصلتم السير في درب تسويق الأمل الخادع بكل أسف ثم تلقون بالمسئولية على هيئة ضعيفة لم توفر لها المستلزمات البشرية والمادية الكافية للقيام بعملها .. ثم يريد وزير الاتصال من شركائه أن يمنحوا هذه الهيئة حقا مطلقا في اللعب بطموحات شعب وآمال جيل ونخبة أمة.. إن الهيئة تتكون من رئيس وأمين عام له سكرتير نشط إضافة لخمسة أشخاص يعينون على أساس المحاصصة السياسي فاثنين من نصيب رئيس الجمهورية وواحد من نصيب رئيس الجمعية الوطنية واثنان يعينهم رئيس مجلس الشيوخ ومن سوء التدبير الذي سجله التاريخ أن هذه الهيئة بهذه التشكلة هي التي قامت بفرز وتنقيط الملفات التي تم تقديمها وهي تشكلة غير فنية ولا حظ لأفرادها من اختصاص في الإعلام أو تسيير الصفاقات النزيهة إلا أن اثنين منها كانا من نشطاء الأحزاب خلال الحملات الرئاسية 2009 ولم يسبق لأي من هؤلاء الأشخاص أن تلقى تكوينا قانونيا أو فنيا يؤهله لدراسة 26ملف تتكون من حوالي سبعة آلاف صحفة.. إن أغلب أعضاء الهيئة هم معلمون سابقون تخلوا عن الطبشور منذ سنوات.. وصحفي واحد وموظف ضرائب ومدير مخبزة اشتغل أخيرا بالنشاط الإعلامي الدعائي في الحملات.. ويبقى الرئيس و الأمين العام وهم من الموظفين السامين في الإدارة الموريتانية من خلال تجاربهم.. ولا تسأل عن أي شيئ آخر غير ذلك.. إن هيئة هذه وضعيتها لا يمنكن أن يوكل إليها العدل في القسمة... وهي هيئة موزعة الولاءات حزبيا كما توحي محاصصتها السياسية .. ويستمر الوزير الموقر في براءته!! مطالبا الجميع بالنزول مرة اخرى على حكم هيئة هذا تدبيرها لملف حساس.. كالملف الإعلامي. ثانيا : غياب التعددية بكل ابعادها: يقول الوزير المحترم .. إن الهابا هي التي تمنح الرخص وأن مهمته تتحدد في البصم بالعشرة على أي رعاف لقلم "الهابا" "العليل" .. هو إذا قبول مطلق لما تفعله الهيئة ..و"كأن الوزير نسي :" أن السلطة المطلقة مفسدة مطلقة ". ولكن المحامي الماهر نسي أيضا .. أن وزير الاتصال انيطت به مهمة تطبيق القانون والسهر عليه فأين هي التعددية وحرية التعبير التي طالب بها قانون تحرير الفضاء السمعي البصري 045/2010 والذي ألزم كل الأطر والبنى التنظيمية في الدولة بمبدأ التعددية وتجاوز ذلك وكرسه عندما نص في المادة 3 على أن :"كل التباس أو غموض في النص يجب أن يؤول لصالح حرية التعبير". وفي المادة 4 نص على احترام التعددية واعتبر الرخصة مشروطة بسريان هذا المبدأ.. وأين هي حماية المنافسة في حقل الإعلام التي كرسها القانون المذكور.. عندما منحت الرخص للأكثر الجهات التجارية تغولا ونفوذا سلطويا ... اليوم اتضح لتلك الجهات النافذة أن تجارة الإعلام وعائداته ذات فلسفة قيمية خاصة ولا علاقة لها بتجار "احتكار مواد الأرز والسكر والشاي الأخضر" وقد نقل عن أحد العقلاء ممن منحت لهم الرخص قوله :"إنني أتاجر ببيع الورقة والأرز منذ سبعة عقود .. ولكني لن أتاجر في التلفزات والإذاعات .. هذا بالنسبة لي غير معقول ثالثا التنقيط ومدته: حذف المنتجون في البرنامج جزءا من مداخلتي يتعلق بمدة التنقيط فكيف يمكن للجنة من خمسة أشخاص تستعرض ما لا يقل عن سبعة آلاف صفحة في عطلة الأسبوع في أقل من ثمانية وأربيعن ساعة أن تنجز كل هذا العمل في مثل هذا الوقت .. هذا بالنسبة لأغلبية المشاركين غير مقنع وقد قالوها وأصدروا مذكرات وبيانات توضح الخروقات التي شابت العملية والتقوا شخصيات استنجدوا بها مثل الرئيس مسعود ولد بالخير .. الذي وعد بخير. إنما حصل من تزوير افتقد حتى لمهارة الإخراج علما بأن دفتر التنقيط يتكون 10 صفحات مليئة بالجداول المنصبة على مئات الجزئيات والشروط التفصيلية التي تتعلق بالشروط الواجب توفرها في كل ملف .. وإذا ما قدرنا أن التنقيط سيتم عن دراسة فمعنى ذلك أن تنقيط الملف الواحد يحتاج على الأقل للعدة ساعات من العمل المتواصل.. وإذا ما قمنا بحساب تقريبي فإن تنقيط عشر ملفات يحتاج قطعا لعدة أيام إن لم نقل أسابيع. من المؤسف أن وزير الاتصال ما يزال يعتقد أن الناس مستعدة للمشاركة في مهزلة جديدة ويتحدث عن القضية بروح أستاذ في الفصل يوزع النقاط بسخاء أو بخل حسب المزاج على تلاميذه الفاشلين ثم يوزع وعوده بنقاط أقل أو أكثر في دورات قادمة.. ووجه الأسف أن سخاء الوزير وقبوله بفبركة تقوم بها الهابا هو الأمل العائد بالنسبة للراغبين في المشاركة في المارتون القادم .. تبت يدا أبي لهب .. وتبا... لحمالة الحطب تبا لجيدها الطويل وتبا لخدها الأسيل. فلا يغرنك ما منت وما وعدت *** إن الأماني والأحلام تضليل وتبلغ هذه العملية المفبركة ذروتها عندما نعلم أن خمسة مقربين من الرئيس لا أقول قبليا ولكن أقول عشائريا وأسريا استحوذوا على خسة من سبعة من تلك الرخص.. إنها الشفافية التي يستول وزير الاتصال المدح عليها في الحقل الصحفي من خلال برنامج يمتد لثلاث ساعت في وقت الذروة .. ولكن فضيحة الإعلام السمعي البصري ونهب مدراء الإعلام العمومي السابقين لزيادات 50% و10% والفصل بدون حقوق لصحفي سلخ من عمره اربعة عقود في خدمة الوكالة الرسمية كلها كانت كافية ليظهر أن الوزير يسبح في بركة آسنة من المشكلات التي لا حل لها.. إني اشفق على الوزير وأتضامن معه في الجانب الإنساني على الأقل ولكن لابد من حلول جادة وعاجلة لمشاكل وطننا.. وحسبنا الله ونعم الوكيل. * صحفي وكاتب / متعهد مشروع إذاعة صوت الوطن الذي لم يرخص

5. يوليو 2012 - 16:10

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا