يأخذُ البعضُ على المرشح محمد ولد الغزواني في جولته الراهنة غياب التنظيم في بعض المحطات، وضعف لبروتوكول، وعدم استقباله من طرف السلطات الإدارية وغياب الوزراء عن المحطات المزورة، وهي مآخذ واردة جداً إذا أخذنا بعين الاعتبار كم الجماهير الذي التي تعودت على أن مرشح الموالاة وقوى الأغلبية رئيسٌ قادم من القصر وعائدٌ له، وترافقه الدولة بخيلها ورجلها، وتُجندُ له الإدارة بجميع حلقاتها، ولا يقترب منه إلا خاصة الخاصة، فإذا بهم أمام مُرشح أعزل من كل أسلحة الدولة تلك.
لن أطيل عليكم بقضية المروحية العسكرية، فتلك ربما غير متاحة لولد مولود أو لبيرام، لكونهما كادحيْن ولا يمتلكان تكاليف تأجيرها، لكنها متاحة الآن الآن وليس غدا لأي مُرشح آخر، كما كانت متاحة لتازيازت ولشركات التنقيب، وللفنانة كرمي منت آبه التي أجَرتها إلى مدينة لعيون، كي لا تتأخر عن مهرجان "عين فربة" الفني والثقافي، أما بخصوص عناصر الدرك الذين شاهدناهم في بعض المحطات، فهم ليسوا مرافقين له، بل تابعين لفرقة الحرس المقاطعة المزورة، وقد أعلنت قيادة الدرك الوطني عن توفيرهم لكل المترشحين.
صحيحٌ أنه لم يستجلب معه في هذه الجولة الطويلة إعلاماً رسمياً أو مستقلاً لتغطيتها، وتجميلها، وأنه ترك الصورة كما هيً، ليتلقف البعض ما يسره منها، ويسوء المرشح وداعميه، وهو ما لن يقدم عليه أيُ مرشحٍ غيره، لكن ما ذا خسرَ في النهاية؟ لا شيء.
من المهم أن يتعود الناسُ على أن "مرشح الدولة" ليس بالضرورة هو مرشحها في الانتخابات الماضية واللاحقة، وأنه يمكن أن يأتي من خارج القصر، وأنه يمكن أن يطلب من الناس مباشرة ومن دون وسيط أو حجاب، أن يصوتوا له، وأن لا يجدوا له أي خبر في الإعلام الحكومي.
من المهم أيضاً لمن يترشح لمنصب رئيس الجمهورية أن يحتك بهذا الشعب وأن يقترب من هذا الشعب، وأن يستمع للجميع وأن يسمع منه الجميع ..
وإن كان مُرشحنا قد سقطَ من عيون بعض مُعارضيه الذين كانوا يتمنون أن يبقى في برجه العاجي، ليخلو لهم وجه الشعب، فإن موريتانيا، بجولته هذه، كسبت تقليدا ديمقراطيا جديدا، وهو أن مرشح الدولة والحكومة والحزب يتعففُ عن تلك الآلة والهالة جملة وتفصيلاً.