غزواني.. من الخطاب إلى الانتخاب / عثمان جدو

لم يكن خطاب مرشح الوفاق الوطني السيد غزواني بدعا من خطابات التعريفالجذابة والتأثير الفعال،شأنه في ذلك شأن خطابات المرشحين الذين تلوه فيإعلان ترشحهم؛ وإن كان هو قد حاز فضل السبق والإفلاق البكر، فكان الآتيبعده في حكم مقلده.لقد عرف الرجل أكثر عندما تكلم؛ وقديما قيل: (تكلم حتى أراك) سقراط.وينسب لأمير المؤمنين الفاروق -رضي الله عنه-قوله: ( أظل أهاب الرجل حتىيتكلم فإن تكلم سقط من عيني أو رفع  نفسه عندي).لا خلاف عند المهتمين والمتتبعين للشأن السياسي في بلادنا -موالاةومعارضة- حول قوة خطاب الرجل ووضوحه وتماسكه، في دلالة قوية على شخصيتهوإيضاح تام لميوله وتشبعه، فلقد كان منصفا في تقييمه دقيقا في طرحه،ناضجا في توجهه، حاضنا للكل؛ متلمسا منهم الإسهام والتشارك الفعال فيبناء الوطن وخدمته، من كل زاوية وركن، وبأي جهد أو رأي ومشورة، وتوقف عند*التعليم* بحديث خاص وأسلوب يدل على سقف العناية ودرجة الاهتمام ونسبةالتركيز وفهم عميق للرسالة التربوية، تلك الرسالة التي لا يمكن إيصالهادون إجلال المدرس وتحسين أوضاعه؛ وهو الذي تتعالى الأصوات الآن لإنصافهوقد سبق ذلك ما سبقه من إشارات وتنبيه -كتابة وتصريحا- ومن المؤكد أنالرئيس القادم -حيث هو- لن يتمكن من مفاتيح التنمية أو يهتدي إليها دونالولوج  من باب التعليم والاستعانة بتحسين واقع المدرس كمفتاح هام ومؤثرنحو تحقيق ذلك الهدف وبلوغ تلك الغاية.كثير من المعارضين للرجل أو من يقدمون أنفسهم كمتحدثين عنهم يحاولونإيجاد مآخذ عليه ويعوزهم ذلك، فتراهم يذهبون إلى الاختلاق والطمسوالتدليس، وهم الذين عرفوا الرجل-كغيرهم- بالهدوء والسكينة وحفظ اللسان ومعالجة المشاكل الداخلية والأخطاء الفردية في صمت الحليم، وهدوء الرزين،وفاعلية القائد...يعيبون عليه استغلال وسائل متاحة لهم بإثبات الواقع وتسجيل التاريخ، وهمالعارفون أن مثل تلك الخدمات (الطائرة) مثلا؛ أتيحت قبل خمس سنوات لبعضرموز المعارضة -بيجل- في أقوى أيام معارضته، ومن المعروف المكشوف أنالمؤسسة العسكرية لها معداتها وملحقاتها الخدمية التي باتت تنجز وتشيد،وتتعاون وتتدخل في غيرما مجال، وشبكة المياه في انواكشوط وبعض المدنالداخلية شاهدة على ذلك.لقد أكد الرجل بنفسه أن الزيارات الميدانية التي يقوم بها الآن لكلمقاطعات الوطن باستثناء عواصم الولايات؛ إنما هي لغرض إعلان الترشح بشكلمباشر مع المواطنين في إثبات منه للحيز الحقيقي والقيمة الكبيرة التييعيرها لكل فرد في كل منطقة، مخالفا بذلك اعتماد التمييز بين الناخبين،الذين يرى البعض أو يتمنى حصول تفاوتهم في قيمة التصويت(ناخبين كباروآخرين صغار) وهي الأمنية التي لم تتحقق ولن يسعى في طرحها مجازا، أماتجسيدها حقيقة فأبعد. يعيبون عليه هذه الزيارة ويريدون لها شكلا ومضموناغير الذي أراد لها صاحبها، وهو العارف بالوطن وطبيعة المواطن، ومساواتهفي حقوق الإعلان وطبيعة الاتصال، وهي أولى الخطوات نحو تجسيد المساواةالحقيقية في الحقوق والواجبات والحظوظ والامتيازات؛ يوم الظفر بالنجاح،ووجوب أخذ القرار بعد تحمل الأمانة ومواجهة مسؤولية قيادة الأمة،بمقتضيات ذلك وتحدياته، وهم يواكبون ذلك باتصالات وتفاهمات واتفاقات ومواثيق مع تشكيلات ونقابات عمالية!.

يتحاملون كثيرا على هذا المرشح ويعيبون المبادرات والتظاهرات الداعمة له،ويزداد مأخذهم على تظاهرة الحمالة الذين دعموا الرجل؛ التماسا لتحقيق مطالبهم منه أكثر دون غيره لاعتبارات واضحة من أهمها: أن بعض مطالبه متحقق في ظل النظام القائم، وإن كانت مطالب أكبر تنتظر الظرفية المناسبةوالقرار الشجاع وهو ما يلتمسونه منه ويأملون تحققه تحت قيادته، في ذاتالسياق يظهر هؤلاء المعيبون أصحاب المآخذ أحادية الجانب مزدوجة المعايير؛ويظهرون طيفا من الحمالة يعلن دعمه لمرشح آخر -بيرام- إذا بهذا الإظهارالذي مؤداه تكذيب دعم الحمالة المطلق وإجماعهم على مرشح الوفاق بتأكيد أنطيفا هاما منهم يدعم مرشحا آخر.. أليس في هذا إقرار بأن ما  أتيح للمرشحغزواني من ظهور مبادرات وتظاهرات ولقاءات وتحالفات؛ متاح لبقية المرشحينإذ لا خصوصية في ذلك ولا إقصاء لمرشح، وكل ذلك هو لقاءات واتصالات؛لاترقى إلى جو وطبيعة الحملة الانتخابية، في أوانها أو قبله.. أظن أننابحاجة إلى جو انتخابي شريف يكون فيه الخطاب السياسي ناضجا، لا تلفيق، لانفاق، لا تحامل، لا تدليس، كل ذلك حال حصوله سيساهم في بلورة المناخالمناسب لميلاد تناوب سلمي سلس على السلطة، يؤسس لما بعده من حياة سياسيةينبغي أن تكون منزوعة الأشواك، خالية من القلاقل والبلابل، ينتظر معهاالمواطن حصول حياة كريمة توفر العيش الكريم والاحترام المتبادل، في ظلوطن يجد كل مواطن فيه ذاته، وتكون فيه قيادة البلاد تحمل لواء الإعماروالتشييد والتصالح، والتأسيس على الموروث -أيا كان- تأسيسا إيجابيا،يستفيد مما هو موجود، يقيم المعوج، يهذب المشوه، يكمل النقص، يوفرالمفقود، بعدالة ومساواة، في رعاية ناضجة،  ومسؤولية متبصرة، بعيدا عنحمل لواء لعنة الآخر، وشيطنة السلف، وإخفاء ما تم إنجازه -مهما كانتقييمنا له- نحن بحاجة إلى وطن متصالح مع ذاته يؤمن بإيجابية كل أبنائه،وطريقنا إلى ذلك الآن الآن وليس غدا.. هو رئيس لا يحمل شعار لعنة سابقيه،يؤمن لكل ذي جهد بدوره، ينصف مخالفيه، ويعترف بمحاسن الجميع، ويحاول قلبالسيئات ضدها، ويهيئ المناج لتجاوز البلاد ويلات الفقر والمعاناة، ويكونلها بإذن الله صمام أمان في وجه الحروب والفتن التي عصفت من حولنا بشعوب وأمم، وأفسدت دولا كانت تتزين بها الحضارة عبر التاريخ، تشييدا وإعماراوتقدما في مجالات شتى؛ قضى على ذلك -بكل أسف- خلاف سياسي لم يكن عابرا،بل كان وقودا فعالا لنار حارقة، اشتعلت واستعصى إخمادها على من أوقدوها،واستعانوا بعدو لحظة يأس فزادها اشتعالا وازدادت هي لأبناء الوطن الواحدأكلا وإحراقا..

 ضاع الحلم الكاذب، وتجلت الحقيقة المرة، وخسر الجميع جهدهم، وأموالهم،ودماء الأعزاء، وأنس الرفقاء، ودفء الوطن..

6. أبريل 2019 - 18:36

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا