أنا و"ابن عمى" على المواطن..!!/ حبيب الله ولد أحمد

altلدى بعض المجتمعات العربية مثل سائر يقول (أنا وأخي على ابن عمى وأنا وابن عمى على الغريب)...هذا المثل يمكن القول إننا نطبقه هنا في "موريتانيانا" الجديدة ولكن بطريقة أخرى...فنحن بلد للأخوة فيه مكانة حتى في شعار الجمهورية، ولأبناء العمومة مكانة خاصة تصل حد التعيين، والتمليك، و"الترئيس" وحتى التقديس أحيانا..!!

تذكرت هذا المثل ولكن بنسخته المحلية(أنا و"أخي" على الوطن وأنا و"ابن عمى" على المواطن) وأنا أقرأ خبرا عجيبا في بعض المواقع المحلية، يتحدث الخبر عن اتفاق وقع بين"الناقلين"(ينتظمون في خليط عجيب من الأسماء الغريبة والتراخيص الأكثر غرابة والتجمعات الربحية القبلية الفئوية أحيانا ولا تسمع باسم إحدى مؤسساتهم إلا إذا سمعت عن حادث سير خلف عشرات القتلى والجرحى والموقوفين وغالبا فهذه المؤسسات تستأجر(الضعيف الخائن) من السائقين الأجانب فمن لم يمت منهم في حادث سير هرب إلى بلده حتى لا يطاله العقاب لأنه أزهق أرواح الناس تلاعبا أو(كسكدرة) أونعاسا أو جهلا أو سكرا بالخمر وأخواتها) و"الحكومة" لإنهاء إضراب كانت مؤسسات نقل خاصة تعتزم القيام به.
الاتفاق فتح الهي، ونصر له ما بعده في تاريخ الناقلين "الخصوصيين"، وأيضا في تاريخ الحكومة" العمومية"(من العمومة) الحالية...لقد قرر الطرفان الانتصار على المواطن الموريتاني، ولاغرو فالناقلون مصاصو دماء، يبحثون عن الربح بأية طريقة متاحة، ولو بنقل الناس والبضائع على ظهور السلاحف، وأكوام الخردة، وقطع "الجالوط"، والكل يعرف أن الناس يدفعون أرواحهم- مع أموالهم- للناقلين الذين لا يتقيدون بأبسط المعايير الأخلاقية، ودعك من القانون، والحمولة، ووسائل السلامة، والراحة والأمان (تذكروا أن المواطن الموريتاني هو الوحيد في العالم الذي يدفع لمؤسسات النقل مقابل إزهاق روحه وتضييع ممتلكاته، أما الحكومة فتبحث فقط عن إسكات أي صوت يرتفع ضدها(ولو مبحوحا) بأية طريقة متاحة..!!
الاتفاق- أيها السادة- يقضى بإبقاء الإتاوات التي تفرضها الحكومة على الناقلين، مقابل أن يرفع الناقلون السعر على نقل الأفراد والبضائع من جديد، وبالطريقة التي يرونها مناسبة..
طبعا المواطن هو الضحية الأولى والأخيرة، فهذا الاتفاق هو تماما مثل ما يقول البيظان ( الناس تغلبني وآن نغلب ملات خيمتي)... إن المواطن الموريتاني مسكين بطبعه ف"الخبطة" فيه و"العظة" فيه..!!
من الواضح أن درجة الاستخفاف بالمواطن الموريتاني بلغت حدا لا يطاق، فأي منطق(حكومي) هذا.. "أنا أفرض عليكم الإتاوات، وانتم ارفعوا تكاليف النقل على المواطن"..؟!!
المهم من هذا الاتفاق- كما هو واضح من السياق- أن "تمص" سلطة تنظيم النقل البري والقائمون عليها من صناع الأزمات، ما يمكن "مصه" من دماء الناقلين، وأن يجهز الناقلون على المواطن المثخن بالجراحات الاقتصادية وبجراحات الجفاف والبؤس والمهانة، وهم الذين لا يرعون فيه إلا ولا ذمة، يحملونه - مع بضاعته- بأسعار فلكية(غالبا إلى العالم الآخر)، فإذا تحطم أحد "صناديق" النقل التي يديرونها فقد روحه وممتلكاته، هربوا عنه محتمين بإحدى شريكات (الترويع) - التي يديرونها أو تدار نيابة عنهم- ليستجير من "النار" ب"النار"..!!
إن هذا الاتفاق - إذا صح أنه تم بهذه الطريقة الفجة- هو اتفاق مخجل ومسيء، وغير واقعي، وتنبغي مساءلة الأطراف التي وقعت عليه عن أسباب استضعافها للمواطن، وطحنه بهذه الطريقة، سعيا وراء الربح والربح وحده بالنسبة للناقلين، وتلاعبا بالمواطنين، واحتقارا لهم، وركوبا على ظهورهم المحنية جوعا وجهلا ومرضا، بالنسبة للحكومة، وغيابا للوطنية والمسؤولية لدى الطرفين.
لقد عجز "الناقلون" و"الحكومة" عن تحمل المسؤولية، وأبرما(بليل) "طبخة" تحت الطاولة، حتى لا يقال إن ذراع "الحكومة" قدتم ليها من طرف "الناقلين"، وحتى لا يقال إن "الناقلين" انهزموا أمام "الحكومة"، فقررا معا ضرب المواطن المسكين الذي عليه أن يدفع ل"الناقلين" من عرقه ودمه وروحه أرباحا خيالية، ويتولى عنهم دفع الإتاوات للدولة، وبالتالي فالأمر واضح تماما، "الناقلون" مستمرون في إذلال المواطن، و"الحكومة"- لعجزها عن التصدي لهم- نصحتهم بزيادة الأسعار، ليتولى المواطن دفع الإتاوات المقررة، و"ليكفي الله المؤمنين القتال"..!!
إن هذا الاتفاق برهن على ضعف "الحكومة"، وانتهازية "الناقلين"، وهوان المواطن عليهما معا، وغياب الدولة نصا وروحا، وخوفها الوراثي من رجال الأعمال والخصوصيين وأهل النفوذ، بينما "تستأسد" على المواطن المسكين، وتسومه الخسف وسوء العذاب، بمناسبة أو بدونها..!!
وأوضح الاتفاق (المخزي) كذلك أنه لا خير في كل اسم يبدأ بالسلطة عندنا(تستثنى من "عدم الخيرية" هذا السلطات القضائية والأمنية والعليا عسكريا وسياسيا) خاصة إذا أضيفت إليها (لأدنى سبب) كلمة "تنظيم" فكل "السلط التنظيمية" عندنا فاشلة، ولكم أن تنظروا إلى سلطات "تنظيم الصحافة والاتصال(عبر الهاتف) والنقل" فهي عبارة عن لافتات للتسلط والظلم والعمل الظلامي، لا أقل ولا أكثر..!!
إنها "سلط تنظيم" تطبق- مع الحكومة- المثل العربي المعكوس عندنا (أنا و"أخي" على الوطن، وأنا و"ابن عمى" على المواطن) ..!!

11. يوليو 2012 - 13:09

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا