قبل التّجْوالِ مع القراء الكرام في الحقل الدلاليّ لبعض الكلمات الواردة في العنوان، أرجو من الناخبين المحترَمين العُقلاء أن يجعلوا الخُلُقَ الحَسَنَ عَامِلَ تَرْجِيحٍ بَيْنَ المُتَرَشِّحِينَ/ المُرَشَّحِينَ لخوض الانتخابات الرئاسية الموريتانية (2019م).
يشار إلى أنّ صاحب الخلق الحسن، يتصف بالعدل، وحب الخير للناس جميعًا والرفق بهم ومراعاة مصالحهم. وهذا من أهم ما ينتظره الناخب من رئيسه القادم.
غير أنّ جعل العامل الأخلاقي عامل ترجيح، لا يلغي أهمية المعايير الأخرى ولا يتعارض معها. ومن هنا مطالبتنا بالجمع بين السياسة والأخلاق الحَسَنة.
من المعايير المطلوبة (بعد التحلي بمكارم الأخلاق في المقام الأول)، على سبيل المثال: القوة الجسمية والفكرية، الخبرة والحُنكة والتجربة، النزاهة الفكرية والمالية، حب الوطن والإخلاص له، الوفاء بالعهود، السمعة الطيبة، حسن العلاقات مع الآخرين وطنيًّا ودوليًّا، إلخ. مع ملاحظة أنّ هذه المعايير الإضافية لا تبتعد كثيرا عن الجانب الأخلاقي.
نقول هذا الكلام، في إطار النصح للإخوة الذين أعلنوا -حتى الآن-عن ترشُّحهم لمنصب رئيس الجمهورية، ولمن قد يترشحون في المستقبل.
ونترك للقارئ اللبيب النّبِيه أن يصنّف أساليب المترشحين، ليتبين بنفسه مدى قدرة أصحابها على الجمع بين السياسة والأخلاق السامية لدى المجتمع الموريتاني.
تلك هي الفكرة الرئيسة التي أردنا إيصالها إلى الناخب الموريتاني الغيور على دينه ووطنه، المقتنع بأهمية الاخلاق في بناء المجتمع والمحافظة على بقائه، الناخب الذي يحرص على الوحدة الوطنية، والتنافس الشريف، وقرع الحُجّة بالحُج بأسلوب متحضّر.
ولمن لديه الوقت لقراءة التفاصيل المتعلقة بالحث على الأخلاق، نقترح عليه ما يأتي:
الطُّوبَى: الحُسْنَى. وَالخَيْرُ. وَالغِبْطَةُ. وَالسَّعَادَةُ.
الحُسْنَى: مُؤَنَّثُ الأَحْسَنِ. وفي القرآن الكريم: (وَلِلهِ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى). وَالعَاقِبَةُ الحَسَنَةُ.
وفي القرآن الكريم: (وَأَمَّا مَن آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الحُسْنَى).
الأَحْسَنُ (ج. أَحَاسِنُ): الأَفْضَلُ. وفي القرآن الكريم: (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ القَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ).
وفي الحديث النبويّ الشريف: "إِنَّ أَقْرَبَكُمْ مِنِّي مَجَالِسَ يَوْمَ القِيَامَةِ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلَاقًا".
الخَيْرُ: الحَسَنُ لِذَاتِهِ، وَلِمَا يُحَقِّقُهُ مِنْ لَذَّةٍ، أَوْ نَفْعٍ، أَوْ سَعَادَةٍ. وَالمَالُ الكَثِيرُ الطَّيِّبُ.
وفي القرآن الكريم: (إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ).
الغِبْطَةُ، من معانيها: المَسَرَّةُ وَحُسْنُ الحَالِ.
السَّعَادَةُ، من معانيها: مُعَاوَنَةُ اللهِ لِلْإِنْسَانِ عَلَى نَيْلِ الخَيْرِ. أَسْعَدَ اللهُ فُلَانًا: وَفَّقَهُ.
ومن معانيها: الفَرَحُ وَالابْتِهَاجُ (أَيْ كُلُّ مَا يُدْخِلُ البَهْجَةَ وَالفَرَحَ عَلَى النَّفْسِ).
يقول/ أبو العتاهية:
وَمِنَ السَّعَادَةِ أَنْ تَعِفَّ عَنِ الخَنَا * وَتُنِيلَ خَيْرَكَ أَوْ تَكُفَّ أَذَاكَا.
الخَنَا: الفُحْشُ فِي الكَلَامِ.
وَ"طُوبَى" في قوله تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ): كُلُّ مُسْتَطَابٍ فِي الجَنَّةِ مِنْ بَقَاءٍ بِلَا فَنَاءٍ، وَعِزٍّ بِلَا زَوَالٍ، وَغِنًى بِلَا فَقْرٍ.
الخُلُقُ (ج. أَخْلَاقٌ): المُرُوءَةُ وَالعَادَةُ وَالسَّجِيَةُ وَالطَّبْعُ (مَا طُبِعَ عَلَيْهِ الإِنْسَانُ مِنْ سُلُوكٍ).
يقال، في الجانب الحَسَنِ/ الإيجابيّ: فُلان فَاقَ أَقْرَانَهُ بِسُمُوِّ أَخْلَاقِهِ.
وفي الجانب السَّيِّئِ/ السلبيّ: عَرَفْتُ فلانًا سَيّئَ الخُلُقِ.
وفي قوله تعالى: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)، في وصف نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، قالت عائشة رضي الله عنها: "كان خُلُقه القرآن".
إنّ انعدام الأخلاق في الأمم، يؤدي إلى زوالها.
يقول/ أحمد شوقي:
إِذَا أُصِيبَ القَوْمُ فِي أَخْلَاقِهِمْ * فَأَقِمْ عَلَيْهِمْ مَأْتَمًا وَعَوِيلَا.
ويقول:
وَإِنَّمَا الأُمَمُ الأَخْلَاقُ مَا بَقِيَتْ * فَإِنْ هُمُو ذَهَبَتْ أَخْلَاقُهُمْ ذَهَبُوا.
ويقول/ محمود الأيوبي:
وَالمَرْءُ بِالأَخْلَاقِ يَسْمُو ذِكْرُهُ * وَبِهَا يُفَضَّلُ فِي الوَرَى وَيَوَقَّرُ.
ويقول/ الجاحظ:
لَا مُرُوءَةَ لِكَذُوبٍ، وَلَا وَرَعَ لِسَيِّئِ الخُلُقِ.
نقول في الختام لإخوتنا في العقيدة والوطن، راجين لهم التوفيق في اختيار الرئيس المناسب:
يمكنكم الجمع بين السياسة والأخلاق الرفيعة، من أجل الوصول إلى الهدف المنشود.
وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.