تابعت الليلة البارحة الحلقة الماضية من برنامج الطريق إلى الرئاسيات على قناة " الوطنية " والتي تمحورت حول محورين اثنين هما تقييم خطابات المترشحين لرئاسيات 2019، ومدى خدمة حصيلة ونهج الرئيس محمد ولد عبد العزيز في العشرية الأخيرة للمرشح محمد ولد الغزواني، وقد ضمت الحلقة لفيفا من الضيوف لبعضهم مواقفه السياسية المناوئة التي قال إنه لا ينكرها لكنه لم يأت للحلقة للحديث انطلاقا منها، إلا أن طبعه غلب على تطبعه وخصص كل وقته ل " تشحيم " وتشغيل ماكينة الدعاية الشغالة اليوم في محاولة يائسة ل " تجريب " ( من الإصابة بالجرب ) نهج ومشروع الرئيس عزيز ك " مصدر للعدوى " يجب على المرشح محمد ولد الغزواني الابتعاد عنه والتبرؤ منه! أما بقية الضيوف فقد قصُرت بهم محاولة الحديث بتجرد واستقلالية عن ذكر بعض الحقائق التي أنا أجزم بأنهم يعرفونها جيدا، وقد كان من سوء حظ المرشح غزواني، في هذه الحلقة، خشبية أسلوب الضيف الوحيد الذي كان واضحا أنه داعم له ومدافع عن ترشحه ومؤهلاته، وعدم إلمامه بما يكفي برصيد عشرية الرئيس عزيز الذي سنقول هنا، ولا نخاف عقباها إنه، أي هذا الرصيد، هو الدافع و" الدينامو " الأساسي في حملة محمد ولد الغزواني، بالإضافة طبعا إلى مكانة المرشح ومؤهلاته..
نعم لن يجد محمد ولد الغزواني صعوبة في تسويق نفسه كمرشح في أي مدينة أو قرية أو منطقة من البلاد لن تطأها قدمه إلا ومنشأة أو مشورعا من إنجاز النظام الذي رشحه، مدرسة، معهدا، جامعة، مسجدا، محظرة، مستوصفا، مستشفى، سدا، ميناء، مطارا، شبكة مياه، شبكة كهرباء، مزرعة، واحة، قناة راي، ملعبا، دار شباب، جسرا، طريقا.. وهي كلها كانت مطالب للسكان ومتطلبات للتنمية لن يتساوى مترشح وجدها أمامه وسيعتمد عليها مع آخر يبخسها ويفندها، ويذر الرماد في عيون المستهدفين بها كي لا يروها، لكنهم يرونها!
نعم سيخدم المرشح محمد ولد الغزواني أن يأتي لسكان الحوض الشرقي ويقول لهم أنا جئتم طالبا دعمكم وأصواتكم لأواصل النهج الذي دحرج إليكم الماء العذب عبر مئات الكيلومترات وآلاف الأنابيب وبعشرات المليارات قاطعا الكثبان والأودية والصخور، شاقا مدنكم وقراكم وتجمعاتكم بعد عقود من شرب الماء المالح والملوث إن وجد.. النهج الذي ربط مدنكم وقراكم بالطرق بعد طول عزلة ومعاناة في آمرج وبنكّو وعدل بكرو وجيكني وباسكنو وفصاله.. وشيد لكم مصانع الألبان والأعلاف، وزود منطقتكم بالخدمات الكهربائية التي لا تغيب أعمدتها وأسلاكها عن أي عين بصيرة ومنصفة لقاطن أو مار من تلك المناطق.
وسيخدمه أن يأتي لسكان آفطوط ويقول لهم أنا جئتكم طالبا دعمكم وأصواتكم لأواصل النهج الذي جر إليكم المياه العذبة من سد فم لكليته عبر مئات الكيلومترات وآلاف الأنابيب وبعشرات المليارات بعد عقود من شرب المستنقعات والديدان والأملاح في باركيول، وأمبود، والغبره، وبولحراث، 1 و2، ولعويسي، وأكّطع وطيه، ولبحير، وارظيظيع، وبورات، وأفجَّار، وصبوالله .. وغيرها من مئات القرى بآلاف النسمات البشرية التي لم يعرفها ولم تطأها قدم رئيس آخر قبل صاحب هذا النهج؟! جئتكم لأطلب دعمكم لأواصل النهج الذي ربطكم بالعالم من خلال طرق ( القايره ـ باركيول ) و ( شكار ـ مال ـ السواطه ) والذي جمَّع من قبِل التجميع من شتات قراكم للحصول على خدمات أفضل مياه وكهرباء وتمدرسا وصحة..
وسيخدمه أن يأتي للجانب الآخر من ولاية لعصابة ويقول لسكانه أنا جئتكم طالبا دعمكم وأصواتهم لأواصل النهج الذي ربط منطاقكم بالطرق في كنكوصه وبومديد، وفي الوقت الذي أنا بينكم تم توقيع تمويل ربط منطقتكم بشمال البلاد وجنوبها عبر الطريق الوطني ( تجكجه ـ القديه ـ بومديد ـ كيفه ـ كنكوصه ـ ول ينج، سيليبابي ـ غابو )، ويأتي لعاصمة الولاية طالبا دعم وأصوات سكانها ليواصل النهج الذي زودها بأحد أكبر المستشفيات في البلاد سعة وتجهيزا وتزويدا بالأخصائيين تقريبا للخدمة منهم، وليكون وجهة لكل سكان المنطقة من جوارهم، وزودها بمحطة للطاقة تفيض عن حاجياتها لتنير جوارها..
وسيخدمه أن يأتي لسكان الضفة في بوكي وأمبان وبابابي ولكصيبه 1 و2 وغيرها من المدن والقرى ويقول لهم أنا جئتكم طالبا دعمكم وأصواتكم لأواصل النهج والمشروع الذي ربطكم بالطرق والكهرباء عبر المشروع الشامل لكهربة الضفة، واستصلح لكم الأراضي الزراعية وشق لها القنوات وزودها بالمضخات..
وسيخدمه أن يأتي لسكان ألاك ومكطع لججار وصنكرافه ومال وبوحديده ويقول لهم أنا جئتكم طالبا دعمكم وأصواتكم لأواصل النهج والمشروع الذي عمم عليكم مياه بوحشيشه بعد سأمكم لعقود رغم وجود تلك البحيرة بجواركم، والنهج الذي طور الخدمات الصحية والتعليمية في مدنكم وأريافكم..
وسيخدمه أن يأتي لسكان المذرذره ويقولهم أنا جئتم طالبا دعمكم وأصواتكم لأواصل النهج الذي ربطكم بالطريق بعد عقود من العزلة خلف الرمال المتحركة، ويطلب ذلك من سكان أركيز ليواصل النهج والمشروع الذي ربطهم أيضا بالطريق، وطور خدماتهم الصحية والتعليمية والكهربائية، واستصلح الآلاف من هكتاراتهم الزراعية، ويطلبه من سكان كرمسين ليواصل النهج والمشروع الذي زودهم بالماء بعد عقود من الاعتماد المباشر على مياه النهر الملوثة، وعمم الكهرباء على أحياء مدينتهم وعلى قراهم، النهج الذي شق لهم أكبر قناة ري في البلاد على طول عشرات الكيلومترات لري عشرات آلاف الهكتارات وإقامة الزراعات الحديثة والمشروعات الإنتاجية، وربطهم بالطريق قبل ذلك وشيد أكبر ميناء متعدد الاستخدامات على شاطئهم..
وسيخدمه أن يأتي لسكان الشمال، في آدرار ويقول لهم أنا جئتم طالبا دعمكم وأصواتكم لأواصل المشوار والنهج الذي طور موردكم الاقتصادي الأساسي من خلال تزويد واحاتكم بمحطات ري الطاقة الشمسية، وأنشأ لكم مركزا لبحوث وإكثار النخيل بالتقنيات الحديثة، ومصنعا للتمور لتثمين منتوجكم وزيادة قيمته المضافة وتخزين وحفظ إنتاج أوديتكم من الخضرات، وشيد لكم سد " سكّليل " الكبير الذي انتظرتموه كثيرا، وزود عاصمة ولايتكم بمحطة للطاقة الهجينة قضت على معاناتكم من النقص المزمن في الكهرباء امتدت أعمدتها وأسلاكها لواحاتكم وأوديتكم، ومستشفى كبيرا لإراحتكم من التنقلات طلبا للعلاج خارج مدينتكم، وربط مناطقكم بالطرق شوم، ترجيت، أوجفت، العين الصفره، بوعبون.. وعمل من خلال بسط الأمن في ربوع البلاد بالمقاربة الأمنية المشهودة والفريدة في المنطقة على استعادة النشاط السياحي لولايتكم بعد عقد من " احمرار " منطقتكم وهجران مزاراتكم السياحية وضياع استثماراتكم وتخييم العنكبوت على أبواب ومداخل نزلكم وفنادقكم..
وفي تيرس زمور ليقول لهم أنا جئتكم طالبا دعمكم وأصواتكم لأواصل النهج والمشروع الذي من خلاله تم ربط عاصمة ولايتكم بالطريق بعد 55 سنة من الاستقلال و " الاستغلال " لعائدات مناجمكم في غير صالح ولايتكم وبلدكم، ولأواصل النهج والإرادة التي قضت على العمل من الباطن في صفوف عمالتكم منذ قيام شركة اسنيم خمسينات القرن الماضي، والنهج الذي سيطلق بعد أيام مشروع ربط مدينتكم بخطوط الجهد العالي انطلاقا من نواكشوط ومرورا بآكجوجت وأطار وشوم في اتجاه مناجمكم لتوفير الطاقة الكافية لتطوير خاماتكم وتركيزها وتصدريها مركزات بدل خام، والنهج الذي هو اليوم في المراحل الأخيرة من إطلاق مشروع سقي وري نصف البلاد الشمالي بما في ذلك ولايتكم مرورا بولايتي إينشيري وآدرار من خلال مشروع مياه الشمال المتدفق من نهر السنغال في أقصى الجنوب عابرا " لخشومه " و " برويت " و أفطوط " و" آمكرز " و" تفلي " و " سهول إينشيري " ثم " آمساكه " صعودا إلى جبال " ظهر أركّيبات " في آدرار، مواصلا الصعود باتجاه " كدية الجل " في أقصى الشمال بخاماتها من الحديد، و " بير النار " وخامته من اليورانيوم وغير ذلك من الخامات التي ظلت ناقصة المردودية لغياب البنى الأساسية للإنتاج وخاصة الماء والكهرباء.
وفي داخلت نواذيبو ليقول لساكنتها أنا جئت طالبا دعمكم وأصواتكم لأواصل النهج والمشروع الذي نقل مدينكم من عاصمة اقتصادية بالإسم الذي يكذبه واقعها الراكد وأحياء البؤس المحيطة بها، إلى عاصمة اقتصادية بالنشاط والتطور والرواج والعمران والاستثمار، وسيعزز ذلك بوصول خط الجهد العالي الذي تنغرس أعمدته وتمتد أسلاكه اليوم عبر كثبان " آكّشار وأزفَّال " وسهول " تازيازت وتيجريت " وصخور " لكربْ وأصويصيه وأكّركر " باتجاه مدينتكم، وسيتعزز ذلك أكثر بوضع الحجر الأساس خلال أسابيع لميناء الأعماق ومطار نواذيبو الدولي لتصبح مدينتكم بحق عاصمة اقتصادية، وسيخدمه أن يأتي لسكان إينشيري وتكانت وكوركول وكيدماغا طالبا دعمهم وأصواتهم ليواصل نهجا ومشروعا لنجاعته وحصيلته شواهد هناك في مختلف المجالات..
قولوا لنا وقولوا لولد عبد العزيز ولولد الغزواني إن هذا كله أساسيات تجاوزها العالم منذ زمن بعيد ولم يعد مناسب اليوم ذكرها كإنجازات، لكن أسألوا انفسكم قبل ذلك لماذا تكون كل هذه الأساسيات والأولويات لا زالت مطروحة اليوم بعد عقود من الاستقلال، وهل وجد النظام الحالي هذه البنية كافية ومكتملة فنسفها وأنشغل بإقامتها من جديد؟! لا أبدا، لو كان وجدها قائمة ومكتملة لكان الانشغال بغيرها مما بعدها وهو كثير، ولكن لا إمكانية للإنشغال به قبل وضعها، فبماذا كنتم ستبدؤون غير هذه الأولويات التي سميت بنى تحتية لكون البناء لا يكون إلا على أساسات ومن تحت لا من فوق، وكيف التفكير في التنمية وفي الصحة والتعليم والاستثمار والتصنيع والتشغيل ومناطق البلاد عطشاء ومعزولة وتغط في الظلام ؟!
للكلام بقية..