قراءة في المشهد / حمزه ولد محفوظ المبارك

تشهد الساحة السياسية في بلدنا حراكا مختلف السرعات في اتجاهاته المتعددة حيث ينشط مرشح السلطة السيد محمد ولد الشيخ محمد احمد منذ إعلان ترشحه يوم 01/03/2019 على أكثر من صعيد، ليصبح حاضرا في بيئات سياسية متنوعة و ليخطف الأضواء باتصالاته الملفتة بشخصيات وازنة، إضافة إلى الكتل السياسية الجهوية و القبيلة التي أعلنت دعمها لترشيحه، و المبادرات الشبابية على اختلاف مكوناته و عزمها على إنجاح برنامجه الانتخابي الذي أعلن أنه يمثل مواصلة الإنجازات التي تحققت في حقبة الرئيس المنتهية ولايته السيد محمد ولد عبد العزيز على حد تعبيره، و قد كان هذا الأخير قد وصف المرشح محمد ولد الغزواني بالصديق و رفيق الدرب معلنا دعمه، متبنيا ترشيحه للاستحقاقات الرئاسية، الشيء الذي أطلق أيدي المؤيدين للرئيس ولد عبد العزيز في اتخاذهم قرارا نهائيا بالسعي في تسويقه و الحشد له و تلميع صورته و تسويق خطاب ترشحه على نطاق واسع، فالرجل كما يصفه المؤيدون خدم في مؤسسة الجيش بكل صدق و شجاعة منذ نشأته الأولى، و لم يعرف عنه أي دور سلبي على امتداد سني خدمته العسكرية، إضافة إلى كونه شخصا متعلما و خطيبا مفوها قادرا على دغدغة مشاعر جمهوره بخطابه المتصالح مع الماضي المنفتح على الحاضر المتطلع إلى مستقبل عنوانه الوفاء بالعهد الذي أكد أن "له معنى عنده" ، ضف إلى ذلك وقوف الحزب الحاكم UPR بكل هيئاته و فروعه و تشكيلاته و إمكاناته وراء المرشح غزواني.  

في المقابل تسير أحزاب المعارضة نحو تشرذم أضعف حظوظها في ترشيح شخصية توافقية، لتتشظى في نهاية  المطاف إلى "نوايا ترشح مشتتة" أسفرت عن انخرام جعل من حزب تواصل ذو الشعارات الإسلامية آلة لتدوير مخلفات الحزب الجمهوري PRDS حيث تبنى هذا الحزب ترشيح شخصية من خارج النسق بل و من ماض لا يشفع لها في الحالة الطبيعية اللهم إلا إذا كانت حالة الحزب الحرجة هي السبب، فالانسحابات الكبيرة و تجفيف منابع المال و تشميع واجهات التمويل، و الوعي المجتمعي باستغلال الخطاب الديني، كلها عوامل من بين أخرى أثرت بشكل كبير على دينامية و حيوية هذا الحزب ما جعل من الوزير الأول الأسبق سيد محمد ولد بوبكر حصان مرحلة يكفل المشاركة و يتحمل أعباءها المادية تسييرا، و المعنوية نتائجا في حال الخسارة المدوية، دون أن تفوت علينا العشرة الطيبة بين المرشح ولد بوبكر و النظام الحاكم منذ الوهلة الأولى للانقلاب الذي أطاح بالرئيس معاوية حيث تولى إدارة الحكومة الانتقالية، ثم شغل مناصب رفيعة في الدبلوماسية كجزء من هذا النظام و لم يعرف عنه أي موقف سلبي تجاه الحكومات المتعاقبة إلى يومنا هذا، بمعنى أن حزب تواصل لا يريد أن يبعث برسالة راديكالية في هذه المرحلة للنظام بل على العكس من ذلك لكأنه يمد يدا و يقطع خطوة ود تجاه السلطة الحاكمة. 

لا يخفى أيضا على المراقب السياسي أيا كان أن أحزاب المعارضة الأخرى تعاني من الداخل تصدعا كبيرا على مستوى الثقة، حيث السلطة المطلقة للفرد، لكن ذلك لم يمنع من إعلان ولد مولود رئيس حزب اتحاد قوى التقدم ترشحه كإصرار على كسر قواعد لعبة الجمود التي أضنت حزبه ضمن أحزاب أخرى جنت نتائج مقاطعة وخيمة لم تخل من نكوص و غدر خاصة من طرف حزب تواصل الذي باع تحالف المنسقية و المنتدى أكثر من مرة! 

و بخصوص حزب التكتل(الرجل المريض)، خاصة بعد انسحاب نائب رئيسه السيد محمد محمود ولد ودادي و المنع القانوني للرئيس أحمد من الترشح و لأسباب أخرى مادية و معنوية فقد وجد في الوقوف خلف المرشح ولد مولود طوق نجاة له من الاستقالة من المشهد و تفاديا للعزوف عن إكمال ماراتونه الذي بدأه قبل 25سنة، فبقراره هذا يحافظ رغم المرض على عهده و انضباطه ضمن ميثاق الشرف الذي تكتلت عليه أحزاب المعارضة في منابذتها للنظام. 

أما عن ترشيح زعيم حركة إيرا بيرام ولد اعبيد عن طريق حزب الصواب فمن الواضح جدا أنها مجرد حركة لا تهدف إلى الوصول للسلطة بقدر ما هي رسالة ذات بعدين:  بعد سياسي و آخر اجتماعي، حيث أن ظهور ولد حرمة إلي جانب بيرام و تقديمه له في مختلف المناسبات يعكس بجلاء اعترافا اجتماعيا بمشروعية قضية لحراطين من حيث المبدأ بغض النظر عن نوايا بيرام و وسائله و أخطائه، أما البعد السياسي فيتمثل في تطعيم اللوحة التنافسية و تشريع منبر لتمرير خطاب بيرام مستدرا من خلاله التعاطي الخارجي مع القضية التي يحمل شعارها في أكثر من محفل و يتخذها مطية لنيل الأوسمة و الأموال، ليكتفي حزب الصواب من الغنيمة بالإياب. 

بناء على ما تقدم و استنادا إلى معطيات و نتائج الانتخابات التشريعية 2018 و الاستحقاقات الرئاسية2014، و قراءة في الحراك الحالي و التحول الدراماتيكي لرؤوس كبيرة باتجاه المرشح محمد ولد الغزواني و اعتبارا لحالة التشرذم في صفوف المعارضة و يأس النخب من تغيير حقيقي يقلب الطاولة، فإن ترؤس المرشح محمد ولد الغزواني بات مسألة وقت فقط.

 

9. أبريل 2019 - 17:48

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا