لقد تعودتُ أن أتساءل مع كل توشيح أو تكريم: من أين جيء بهؤلاء الموشحين؟ وكيف تم اختيارهم؟ وبِمَ تميزوا عن غيرهم حتى يكرموا ويوشحوا؟ ويؤسفني أن أقول لكم بأني لم أكن في أكثر الحالات أحصل على إجابات مقنعة.
وللأسف الشديد فإن الأمر لم يعد يقتصر فقط على التكريمات والتوشيحات الرسمية التي تُمنح عادة مع كل ذكرى للاستقلال، بل إنه امتد واتسع في السنوات الأخيرة إلى أن وصل إلى تلك التكريمات التي تعودت بعض الجهات غير الرسمية منحها من حين لآخر، بمناسبة أو بغير مناسبة، لأشخاص قد لا يستحقون ـ في الغالب ـ ذلك التكريم.
لقد تم تمييع كل شيء في هذه البلاد إلى أن وصل الأمر إلى التوشيحات والتكريمات والتي كان من المفترض أن تبقى حكرا لأولئك الذين تميزوا في مجال أعمالهم وتخصصاتهم، فإذا بها تمنح لكل من هب ودب، ولا يحرم منها إلا أولئك الذين يستحقونها فعلا.
لقد أصبتُ بإحباط شديد، وأنا أتابع هذا الزهد الرسمي والشعبي الذي تم التعامل به مع الدكتور محمد ولد أصنيبه ومع قوافله الصحية القادمة من المغرب، والتي كان قد بدأ في إطلاقها منذ العام 2003على نفقته الخاصة، وبلغت في مجموعها 13 قافلة صحية منها 7 قوافل إلى مدينة لعيون، و6 قوافل إلى مدينة أطار، وقد استفاد من هذه القوافل الصحية آلاف المرضى الفقراء. ليس هذا فقط بل إن الدكتور محمد ولد أصنيبه قد تطوع أيضا في مجال التعليم، فافتتح على نفقته الخاصة بعض الأقسام الدراسية في بعض المدارس وتكفل بتجهيز تلك الأقسام.
وإذا ما توقفنا مع قافلته الصحية لهذا العام، فسنجد بأنها قد ضمت 27 أستاذا وجراحا وطبيبا متخصصا في مختلف التخصصات الطبية، وقد أجرت 155عملية جراحية وأكثر من 3500 معاينة، هذا بالإضافة إلى 5 حالات معقدة ومستعصية سيتكفل الدكتور محمد ولد أصنيبه بعلاج أصحابها في الخارج.
لقد تعود الدكتور محمد ولد أصنيبه أن يطلق في كل عام قافلة صحية على نفقته الخاصة، وأن يأتي إلى أطار أو لعيون لعلاج عدد كبير من المرضى، ومع ذلك فلم يجد هذا الدكتور ما يستحق من عرفان بالجميل، لا على المستوى الرسمي، ولا على المستوى الشعبي.
ففي الوقت الذي يكون فيه الحضور كبيرا للمبادرات السياسية وللأنشطة "الغثائية"، فقد كان الحضور متواضعا للمؤتمر الصحفي الذي تحدث فيه الدكتور محمد ولد أصنيبه ورفاقه بمناسبة اختتام أنشطة قافلتهم الصحية لهذا العام، وهو المؤتمر الذي كان قد تم تنظيمه في أحد فنادق العاصمة مساء السبت الموافق 13 إبريل 2019.
كان الحضور لهذا المؤتمر الصحفي متواضعا جدا، وكانت التغطية الإعلامية أكثر من باهتة.
قد نتفهم تجاهل السلطات الرسمية لمن يتطوعون بأموالهم وجهودهم من أجل علاج الفقراء، وقد نتفهم الغياب الكامل لوزارة الصحة وللإعلام الرسمي، ولكن الشيء الذي لا يمكن تفهمه، هو لماذا يتجاهل الصحفيون والمدونون والناشطون في المجتمع المدني حدثا هاما كهذا، وقافلة صحية بهذا الحجم وبهذا المستوى؟
إن هذا التجاهل الرسمي والشعبي للقافلة الصحية التي يُطلقها الدكتور محمد ولد أصنيبه في كل عام ليؤكد مرة أخرى بأن هناك حاجة ملحة لإطلاق أوسمة شعبية تخصص للمتميزين حقا، ولكل من يقدم عملا نافعا يمكث في الأرض، والدكتور محمد ولد أصنيبه هو أحد القلائل الذين يقدمون عملا ينفع الناس ويمكث في الأرض، ولذلك فقوافله الصحية تستحق استقبالا شعبيا ورسميا لائقا، كما تستحق تغطية إعلامية مناسبة، أما هو فإنه يستحق أن يوشح بأغلى الأوسمة، إن لم يكن رسميا، فعلى الأقل شعبيا.
حفظ الله موريتانيا..
محمد الأمين ولد الفاضل