المنافسة إحدى الأدوات الهامة في بناء الأفراد والمجتمعات، وهي تتلون بلون طبيعة المنافس فتكون شريفة
أحيانا وفِي بعض الأحيان تفقد شروط النزاهة والشفافية .
وقد كان ذلك منذ الأزل ، مع نشأة أول إنسان حيث كان أول تنافس شريف على الخلافة في الأرض بين الإنسان والملائكة يعتمد على حسن الأداء والموضوعية وأدب الملاحظة: ((وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30) وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ )).ثم كان اللون الآخر من المنافسة التي تفتقد شروط النزاهة والشفافية وكسها إبليس بلون الأنانية و الكفر منتهجاً أسلوب الغرور والتكبر. ((وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ)). و(( قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ۖ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ)). وهكذا شهدت وستظل تشهد مسيرة الإنسان ألوان المنافسة ملتزمها ومنحرفها منذ أبني آدم إلى ما شاء الله. وسيظل الناس قسمان: قسم يتقيد بمبادئ المنافسة الشريفة في تحقيق غاياته وطموحاته اعتمادا على مرجحات التفوق كقوة الكفاءة والمؤهلات والثقة في النفس ، وقسم يغلب عليه اللون الآخر للمنافسة الذي يعتمد منهج التعدي على حقوق وخصوصيات الآخر وهدم الكل في سبيل الجزء وكلها أمارات الضعف والعجز والشعور بالدونية والانهزام . يقول غاندي :‘‘ ذات مرة جدي قال لي بأن هنالك نوعين من الناس : أولئك الذين يقومون بالعمل وأولئك الذين ينسب إليهم .. وأوصاني بأن أحاول أن أكون من ضمن الصنف الأول فالمنافسة هناك أقل،،. لكن الأصل يظل الأول دائما حيث لا كراهية ولا حسد ، والغاية الوصول أولا لرضا الخالق ومبتغى الدارين: في هذه النجاح والتفوق والإزهار وسمو النفس للرقي بالفرد والمجتمع عندما يكون إخلاص النيات منهجا للبناء والتعمير ويكون الصدق هو دافع الإنسان والمجتمعات إلى فعل الخير وتحقيق أهداف إنسانية سامية. وفي الدار الأخرى فردوس الجنة ونضرة النعيم .(( ... وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ )).
محمد الهادي ولد الزين ولد الامام