ازدادت وتيرة الكراهية ضد الإسلام في ما بات يعرف بالاسلاموفوبيا ابتدءا بالرسوم المسيئة ثم حرق المصحف الشريف وأخيرا قتلهم بدم بارد في مسجدين بكندا ونيوزلندا..
ولكن هذه العداوة لم تكن وليدة الساعة فقد وقف وزير المستعمرات البريطاني غلاد ستون عام 1895 م قائلا لزملائه, وقد امسك بالقرآن في يده:( لن تحقق بريطانيا شيئا من غاياتها في العرب والمسلمين إلا إذا سلبتهم سلطان هذا الكتاب أولا أخرجوا سر هذا الكتاب مما بينهم, تتحطم أمامكم جميع السدود..
وإذا استقرأنا تاريخ فرنسا الاستعماري نرى أن الذي روج له الكتاب الغربيون في ذالك الوقت لتبرير ظاهرة الاستعمار, هو أن الأمر يتعلق بنشر الحضارة..
كان العالم منقسما في نظر أولائك الكتاب- بمن فيهم بعض فلاسفة الأنوار إلى قسمين: عالم متحضر وعالم متوحش. وكانوا يعتقدون- بصدق أو بغير صدق, لا يهم- أنه من خلال الاستعمار وبفضله, ستخرج الشعوب المستعمَرة من مرحلة التوحش إلى مرحلة التمدن فكأن الصراع بين الغرب والشرق آنذاك كان بين الحضارة والتوحش!. مما يعني أن الغرب لم يكن يعترف بأي حضارة أو ثقافة أخرىCRISTIAN LAGREيقول المسمي(كريستان لجرى) في رسالة سرية إلى الوزير المعني في فرنسا ما خلاصته:
« إن الأفارقة قلدونا في الملبس وفي كل شيء ماعدا موريتانيا التي تمثل الثقافة فيها أعلى مراقي المجد فما زالت لها مكتباتها(700 مجلد من شنقيط وحدها) ولهم قضاؤهم المستقل» ثم يقترح حلا لذالك الصمود, وهو زعزعة مكانة العالم والمحظرة وتشجيع أطفال المدرسة الحديثة بإعطاء المنح وفتح الكفالات وتوفير الملابس مجانا إلى أخر الاقتراحات...
ولقد كلفهم هذا المظهر الكثير حيث أنهم غيروا من مدلولات الكلام نتيجة لما تضفيه سياستهم من ممارسات أصبحت عن طريقها كلمة (مستعمر) في ذهن السامع ترمز للقتل والخراب..والفضائح التي يندى لها الجبين, والتدخل في شؤون الدول الأخرى.. وهي معان جديدة, تختلف عما كانت عليه في الأصل.فكلمة(استعمار) مشتقة من (عمًر, يُعمًر) وهي في الأصل تعنى البناء والتعمير...غير أن الممارسات التي ارتبطت بالوجود الأجنبي في البلدان المستعمرة, وما لحق بهذه البلدان من ضعف ومهانة جعلت من كلمة استعمار مرادفة لكلمة خراب, واستغلال وظلم.أي أنها أصبحت توحي لأول وهلة بإحساسات لدى السامع تختلف اختلافا كليا عن معناها الاشتقاقي الذي يعنى البناء والتعمير. ونفس المثال ينطبق على كلمة (نازي) ومعناها القومية والاشتراكية في اللغة الألمانية, غير أن ارتباط هذا اللفظ بالممارسات السياسية للحزب النازي الهتلري الألماني..وما نتج عنها من حرب ودمار وخراب للعالم, غير كلمة (نازي) في الواقع تغييرا كليا حيث أصبحت تعنى العنصرية والطغيان والاستبداد....
ومن أوربا الاستعمارية إلى أمريكا الانتهازية بعد الحرب الباردة وسقوط الإتحاد السوفياتي أصبحت أمريكا تبحث عن عدو يحفظ لها توازنها وتأتي أحداث الحادي عشر من سبتمبر والأحداث لالحقة لتجد فيها ضالتها المنشودة كذريعة لمحاربة لإسلام وان اختلفت التسميات التي تتخفي وراءها:إرهاب تشدد,اعتدال...
( فبما أننا قضينا على الشيوعية أو كما يسمى الخطر الأحمر), فقد آن الأوان للقضاء على الإسلام الخطر القادم....
إن سقوط أحد طرفي هذا الصراع، كان بدون شك (انتصارا) للطرف الآخر، ولما كان المعسكر الرأسمالي هو المنتصر فإنه لم ينظر إلى هذا الانتصار على أنه انتصار من نوع خاص، لقد كان انتصار مجانيا، بدون ثمن..لقد إنهار الاتحاد السوفياتي. ومعه المعسكر الشيوعي. أما المعسكر الآخر فقد بقي كما هو بكل عدته العسكرية والاقتصادية... والإستراتيجية, والعلمية والفكرية، وأيضا بقي في حالة تعبئة وتجنيد، ولكن بدون عدو. وهذه هي القضية التي طرحت نفسها على (صانعي القرار) في الولايات المتحدة الأمريكية، أولئك الذين يعملون في مالا يحصى من مكاتب الدراسات الإستراتيجية، وهي مكاتب أنشأت في ظروف الحرب الباردة، ومهمتها مراقبة الخصم واقتراح خطط ووسائل لمواجهته،
والمتخصص في الدراسات الإستراتيجية لا يستطيع التفكير إلا في إطار المواجهة بين الطرفين، فإذا انسحب أحد الطرفين كان عليه أن يضع مكانه ما يقوم مقامه في الحال أو في الإستقبال، وإلا إنقطع به حبل التفكير.( )
إن المحلل الاستراتيجي كلاعب الشطرنج، لا يستطيع اللعب وحده!
وبما أن أمريكا لا تفهم في لعبة الشطرنج فقد استعاضت عنها بلعبة البسبول تلك اللعبة الراسخة على نحو عميق في الروح الأمريكية.
وقد رأينا من خلال القنوات الفضائية ووسائل الإعلام المقروءة والمكتوبة كيف أن أمريكا لم تفلح في لعبة البسبول هذه, التي حاولت تطبيقها على أراضى لا تعرفها, وهذا ما شاهدناه بالكلمة والصورة كأبشع جريمة ترتكب بحق الإنسانية عبر تاريخها الطويل, في العراق، وأفغانستان، وفلسطين، والصومال، ولبنان وسوريا...الخ
في إطار مشروع الشرق الأوسط الكبير،أو الجديد, الذي يسوق تحت شعار التحديث والإصلاح، الديمقراطي والاجتماعي والتربوي واللغوي، للانخراط فيه كرها طبقا لنظريات هنتغون وفوكا ياما في صدام الحضارات ونهاية التاريخ، تحت وطأة الضربات الاستباقية بالمطرقة الثقيلة، كما في تورابورا والفلوجة، وإرهاب فضائح التعذيب في غوانتناموا وأبي غريب..
وإذا كانت أمريكا لم تفصح للعالم عن هدفها من وراء هذه الحروب, فان الثوب الذي ألبسته لتلك الحروب باسم الحرية والديمقراطية بات معروفا لغير العميان على حد قول الشاعر:
ثوب الرياء يشف عما تحته فإذا التحفت به فانك عاري
وهو ما تشرحه وزيرة الخارجية السابقة مادلين أولبرايت في كتابها:(الجبروت والجبار), حيث تتناول في القسم الأول من الكتاب الموقف الأمريكي في العالم والدور الذي يلعبه الدين والأخلاق في صياغة السياسة الخارجية الأمريكية..
في ما يتطرق القسم الثاني إلى العلاقات المضطربة بين المجتمعات الإسلامية والغرب..
ثم تعرض المؤلفة أفكارها في صياغة السياسة الخارجية الأمريكية والدين, من أجل تحديد نقطة التقاء الاثنين السياسة العملية مع طبيعة الدين.
وتحت عنون:(أمريكا في عيون الناس) تتساءل المؤلفة أولبرايت كيف يمكن بأحسن الطرق أن ندير الأحداث في عالم يضم العديد من الأديان وتتناقض فيه نظم المعتقدات في نقاط رئيسية تناقضا تاما كيف نتعامل مع التهديد الذي يمثله المتطرفون الذين يحاولون باسم الرب فرض إرادتهم على الآخرين.
هذه الطبيعة بنظر المؤلفة ترجع إلى الأزمنة الوثنية وليست جديدة, ولكن الجديد هو مقدار الدمار الذي يمكن يلحقه العنف, لأن الحروب الدينية التي كانت تخاض بالسيوف والدروع والمنجنيق شيء, والحروب التي تخاض بالمتفجرات الشديدة شيء آخر.
وتعتقد المؤلفة أن مؤسسي أمريكا كانوا يدركون أنهم يبينون شيئا جديدا غير عادي, لنظام حكم قائم على حقوق الأفراد وواجباتهم, وذالك هو المفهوم الذي أثر في التفكير السياسي في العالم. رأى الأمريكيون أنفسهم وهم يؤسسون مجتمعا متفوقا في التنظيم والأخلاق على الارستقراطيات المضمحلة في أوروبا, وقارنوا أنفسهم بدون تحفظ بالإسرائيليين القدامى
كشعب اختارته العناية الإلهية للمشاركة في وضع خطة إلهية.
[وهذا ربما يفسر ادعاءات بوش المتكررة أنه يطبق مشيئة الرب...] وخلال عقود التوسع والازدهار الاقتصادي والإخفاقات الصاخبة تكرس اعتقاد أن الله ينير مسار أمريكا ومصيرها, وبقى هذا الاعتقاد منتشرا, وفد اقترن القرن العشرون وتجاوزت قدرة البلد وطموحاته الحدود الأمريكية المستقرة الآن إلى الأماكن البعيدة في المحيط الهدى.
وما ميل القادة إلى تمويه مصالحهم الضيقة بخطاب عن القيم العامة إلا انعكاس لرغباتهم قي الظهور بمظهر أفضل مما هم عليه..)( )
ويبدو أن الكابتن بوش وفريقه( المحافظون الجدد) كلفهم هذا المظهر الكثير حيث أنهم غيروا من مدلولات الكلام نتيجة لما تضفيه سياستهم من ممارسات أصبحت عن طريقها كلمة (محافظ) في ذهن السامع ترمز للقتل والخراب..والفضائح التي يندى لها الجبين, والتدخل في شؤون الدول الأخرى.. وهي معان جديدة, تختلف عما كانت عليه في الأصل.
وهم في ذالك يسيرون على خطى الاستعمار والنازية..كما تقدم آنفا...
ومع هذا كله نراهم يرحلون عن هذه الملاعب التي ابتدعوها وفى جعبتهم الكثير من الهزائم..
ويأت بعدهم الديموقراطيون وأباما ولا يختلفوا كثيرا عن الجمهوريين ففي الوقت الذي يجاهر المحافظون الجدد بمحاربة الإسلام نرى الديمقراطيين بعدهم يؤدون نفس الدور ولكن في السر وبطرق خفية محترسة....
والآن وبرجوع الحكم للجمهوريين يكشف ترامب بتغريداته الكثيرة كل مايدور في الخفاء ومن وراء الكواليس فالرجل تاجر ولا يفهم كثيرا في السياسة...
ثم تكتمل الصورة بارتكاب مجزرة نيوزلندا على يدي متطرف كتب على أسلحته عبارة ووقائع تاريخية تنم في ثنياتها عن توجهات عنصرية و وكراهية واضحة للإسلام والمسلمين فمثلا:
شارل مارتيل"، الذي يعد أحد ابرز القادة العسكريّين الفرنسيّين وصاحب معركة "بواتييه الشهيرة" التي أوقفت الفتوحات العربيّة في أوروبّا..
والحروب الصليبية وبالذات تلك الحملة الثالثة 1189، بقيادة فريدريك بربروسا إمبراطور ألمانيا، وفيليب الثاني أغسطس ملك فرنسا، وريتشارد قلب الأسد ملك إنكلترا التي كان هدفها إعادة السيطرة على الأرض المقدَّسة بعدما سيطر عليها الأيوبيّون بقيادة صلاح الدّين الأيّوبي في العام1187م,
هذا بالإضافة إلى أسماء عدد من الإرهابيين المُحدثين الذين قاموا بأعمال عنف وإرهاب أدَّت إلى إزهاق أرواحٍ في كلّ من كندا وإيطاليا وغيرها من الدول الأوروبيّة...
والسؤال الذي يطرح نفسه هل هو قاتل فردي؟
أم أنّه رجل يفكّر ويعي التاريخ، ، ويحاول الصّدام بين الإسلام والغرب ويَسعى جاهداً لإثارة الأحقاد والضغائن. كما فعل المنتج العنصري الهولندي بنشره للفيلم المسيء قبل اسلامه‼
ويفعل ترامب الآن منذ يومين عندما نشر صورة مجمعة لأحداث الحادي عشر من سبتمبر وفيديو عن تصريحات النائبة المسلمة الهان عمر..وغرد قائلًا:
"لن ننسى أبدًا " وهذ ه التصرفات تؤكد أننا أمام رؤية منظمة وغالباً ما خرجت من الاسلاموفوبيا، الذين يرون أنّ المُسلم إرهابي وبالضرورة، يتوجَّب الخلاص منه.
أم أنّه رجل يفكّر ويعي التاريخ، ، ويحاول الصّدام بين الإسلام والغرب ويَسعى جاهداً لإثارة الأحقاد والضغائن. كما فعل المنتج العنصري الهولندي بنشره للفيلم المسيء قبل دخوله للإسلام‼
ويفعل الآن ترامب عندما نشر صورة النائبة المسلمة عن الديموقراطين عمر ونشر بجانبها صور أحداث 11 سبتمبر وكتب لن ننسى...وهذ ه التصرفات تؤكد أننا أمام رؤية منظمة وغالباً ما خرجت من الاسلاموفوبيا، الذين يرون أنّ المُسلم إرهابي وبالضرورة، يتوجَّب الخلاص منه.
وما يقال اليوم عن الخوف من الإسلام أو الإسلاموفوبيا، ما كان ليحدث بهذه الوتيرة لولا حروب أمريكا واحتلالها لدول ذات سيادة وفرض أجنداتها عليها بالقوة.. فأصبح الذي يدافع عن وطنه وكرامته وشرفه إرهابيا عند العم سام بعد ما كان في نظره مقاوما محررا مدعوما كجهاد الأفغان ضد الروس مثلا... فالغرب مصالح.ولاشيء غير المصالح...
إن تاريخ الغرب_ منذ أن أصبح هذا المفهوم مفهوما سياسيا استراتجيا يكشف عن حقيقة أساس قوامها: مواقف متغيرة وثابت لا يتغير: إن موقف الغرب من العرب أو من الإسلام أو من الصين أومن أية دولة أخرى في العالم, موقف يتغير دائما, وقد يقفز من النقيض إلى النقيض إذا اقتضى الأمر ذاك,أما الثابت الذي يحكم تحركات الغرب وتغير مواقفه فهو(المصالح) ,ولاشيء غير المصالح فعندما تمس مصالح الغرب أو يكون هناك ما يهددها, تتغير المواقف في الحين....
وبافتعال هذه الحرب المشؤمة خرج الآلاف بحثا عن الأمن المفقود حتى إذا وصلوا إلى دولا أوربية من المفروض أن تكون آمنة قتلوا بدم بارد في بيوت الله ركعا سجدا..
والذي يغض مضجع الغرب هو سرعة انتشار الإسلام في العالم وكونه يحرر العقل من الخرافات..
هكذا نجد أشهر طبيب في أمريكا يشهر إسلامه بعد أن وجد الأجوبة للأسئلة الوجودية التي كانت تدور بذاكرته والتي كلفته الكثير من البحث في الديانات الأخرى والفلسفات وهاهو يروي القصة بنفسه من هذا الفيديو:
https://www.youtube.com/watch?v=BeveWIXa7mM
وفي السياسة نجد البرلماني الهولندي اليميني المتطرف يورام فان كلافيرن، عن حزب "من أجل الحرية" سابقا المعروف بهجومه الدائم على الدين الإسلامى ، والقائل بأن الإسلام: سبباً لانتشار التطرف فى الدول الأوروبية، يشهر إسلامه بعد بحوثا أجرائها عن الدين الإسلامي...
وبعد اعتناقه للإسلام ألف كتابا يدافع فيه عن الاسلام ويبين عدم صحة الأفكار المعادية له...افتح الفيديو...
https://www.youtube.com/watch?v=8LPlvaA2sA4
وكذالك مواطنه (فان دورن) الهولندي منتج فيلم (فتنة) الذي أساء به إلى رسول الإسلام اسلم هو الآخر وأصبح يعمل على فيلم لتصحيح خطئه يشرحه من خلال الرابط التالي:
https://www.youtube.com/watch?v=WJ19qq_8Wco
وهذه مديرة شرطة انيوزلنديا البلد الذي حدثت فيه المجزرة تحي الجميع بتحية الإسلام وتعزي أهالي الضحايا أنظر الفيديوا:
https://www.youtube.com/watch?v=Mz7LZ9W7Zhs
هذه نماذج من مئات الأمثلة بوسائط الصوت والصورة أردت بها أن أبين لماذا يعادي الآخر الدين الإسلامي والظاهر من هذه المعلومات الجهل بالإسلام ومن جهل شيئا عاداه كما يقال..
في حين نرى الأمة التي كان من المفروض أن تنشر الإسلام وتشرحه للعالم تتنكب عنه فقد تكاثر فيها الذين يعلنون عن تبرأهم من هذه الشريعة و المبادئ والأحكام التي قامت عليها وولعهم وإقبالهم على كل جديد أو مايسمى مستحدث وغدت نسبتهم إلى الإسلام نسبة انتماء(تراثي)...وغاب ذالك المنهج الذي كان المسلمون من قبل قد التزموا به لحراسة دين الله, واتخاذهم الدعوة إلى الله ديدانا لهم, وحراسة دينه وظيفة أقامهم الله عليها. عندما غاب هذا الشعور من كيانهم وغابت هذه الوظيفة من مجتمعاتهم التي كانت سبب وحدتهم وعزتهم
فإن الله عز وجل قضي بأن يكون في حل من حراسة هذه الأمة.. ننظر فنجد أن الفرقة حلت محل الوحدة والفقر حل محل الغناء رغم أنها مازالت أغنى دول العالم.. والذل حل محل العزة. لأن ذالك المنهج المستمد من فعالية الإسلام أصبح في خبر كان, ولم يبق إلا الانتماء الشكلي فقط. نقرأ في قوله تعالي﴿ وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ سورة آل عمران الآية:139. أي أن هذا الدين سيبقى عالي الشأن ومتألقا في مكانة باسقة.. فان كنتم على مستوى الإخلاص له كنتم على مستوى القيادة للعالم وان خنتم العهد يقول البوطي وأعرضتم عنه ولم تخلصوا في اتباعكم لله وتنكبكم لأوامره فلسوف يستبدل بكم قوما آخرين يحلون محلكم في حماية الإسلام ورعايته.قال تعالى﴿وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ﴾ سورة محمد,الآية:38 ويتابع البوطي في محاضرته القيمة واصفا هذه الجماعة التي ستتولى حماية الإسلام بقوله: إن ظهور جماعة أخرى محل العالم الإسلامي لا يتم طفرة وإنما يتم تدريجيا, تماما كما يتم تدرج في ما يتعلق بكفتي ميزان عندما ترجح الكفة الطائشة وتطيش الكفة الراجحة لكن بثقل متدرج عندما تكون الكفة الطائشة خفيفة ثم تلقى فيها ثقل بسيط ثم ثقلا آخر...وهكذا تهبط هذه الكفة المتدرجة شيئا فشيئا, في حين أن الكفة الثقيلة هي الأخرى تطيش وترتفع شيئا فشيئا... بما أن العالم الإسلامي يتراجع عن إخلاصه لدين الله وعن تعلقه بشرع الله وعن موقف الحراسة الذي كان يعتز به ويتشرف به. فإن ظهور الفئات الأخرى يتجلى شيئا فشيئا بمعنى أن كفة العالم الإسلامي عندما تطيش فان كفة الفئات الأخرى التي ستحل محل العالم الإسلامي ترجح شيئا فشيئا... ويريد البوطي أن يقول أنه كلما لاحظنا انكماش العالم الإسلامي شرعة ومنهاجا وعقيدة وتعظيما لله شيئا فشيئا. وحلت محلها ظلمات الحضارة الغربية في البيوت والمجتمعات والعقول كما تقدم آنفا..
فإن نور الهداية الربانية هو الآخر يسرى في أفئدة أمم أخرى شيئا فشيئا لكن ما هي هذه الأمم ؟
هذه الأمم التي يخطط قادتها للإطاحة بالإسلام والقضاء عليه. هي التي تحتضن الفئة التي ستحل محل العالم الإسلامي وهم الذين أشار إليهم القرآن في الآية السابقة:
﴿وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ﴾.
كما يقول البوطي وحسب رأيه فإنهم يتنامون بتدرج كما أن العالم الإسلامي يختفي بالتدرج هذا إذا لم يتداركها الله عز وجل بيقظة جديدة..أما إذا سار الأمر على هذا المنوال في الابتعاد عن الإسلام نحو الدعوة إلى العلمية والى الحداثة كما تقدم آنفا..فلسوف يزداد وضع تراجع العالم الإسلامي عن المكاسب التي متعه لله بها ولسوف يرتفع شأن الآخرين الذين سيوظفهم الله عز وجل في حمل أمانة الإسلام... والإسلام الذي جاء به رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم هو ذلك الدين الوارد
[في لغة القرءان وهو ليس اسما لدين خاص إنما هو اسم للدين المشترك الذي هتف به كل الأنبياء، وأتنسب إليه كل أتباع الأنبياء].
هكذا نرى نوحا يقول لقومه ﴿وأمرت أن أكون من المسلمين﴾. سورة البقرة الآية: 120
ويعقوب يوصي بنيه فيقول: ﴿فلا تموتن إلا وانتم مسلمون﴾. سورة الأعراف الآية: 11
وأبناء يعقوب يجيبون أباهم: ﴿قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون﴾. سورة البقرة الآية: 133
وموسى يقول لقومه: ﴿ ياقوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمون﴾. سورة يونس الآية:84
والحواريون يقولون للمسيح عيسى ابن مريم: ﴿آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون﴾.سورة آل عمران الآية: 53
بل إن فريقا من أهل الكتاب حين سمعوا القرءان ﴿قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين﴾. سورة الشورى الآية: 13
نرى القرآن يجمع هذه القضايا كلها في قضية واحدة يوجهها إلى محمد صلى الله عليه وسلم ويبين لهم فيها انه لم يشرع لهم دينا جديدا وإنما هو دين الأنبياء من قبلهم.
قال تعالى ﴿شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك، وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه﴾. سورة الأنبياء الآية: 92
ثم ينظم القرآن الأنبياء في سلك واحد ويجعل منهم جميعا أمة واحدة، لها إله واحد، كما لها شريعة واحدة قال تعالى﴿ إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون﴾. سورة الأنبياء الآية: 92
إن هذا الدين المشترك الذي اسمه الإسلام، هو دين كل الأنبياء والمرسلين, وإن الذي يقرأ القرآن يعرف كنه هذا الدين، إنه هو التوجه إلى الله رب العالمين في خضوع خالص لا يشوبه شرك، وإيمان واثق مطمئن بكل ما جاء من عنده على أي لسان وفي أي زمان أو مكان دون تمرد على حكمه، ودون تمييز شخصي أو طائفي، أو عنصري، بين كتاب وكتاب من كتبه، أو بين رسول ورسول من رسله، هكذا يقول القرآن: ﴿وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين﴾. سورة البينة الآية: 5
ويقول: ﴿قولوا آمنا بالله وما انزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين احد منهم ونحن له مسلمون﴾. سورة البقرة الآية: 136. إذا هذا هو الإسلام الذي أتي به رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم والذي ينتطر في تطبيقة الأمة التي ستطبقه قلبا وغالبا والتي بدأت بوادرها تظهر تدريجيا.
الهوامش:
القرآن الكريم
الكتب:
كتاب الأصالة: محاضرات ملتقى الفكر الاسلامي التاسع عشر لجزء الأول الجزائر 1405 ها ـ 1985 م
الجبروت والجبار تأملات: في السلطة والدين والشؤون الدولية, مادلين أولبرايت.الدار العربية للعلوم ط1 2007م
كتابنا دين الفطرة:استنطاق الرياضيات والفيزياء بلغة انسانية:تصدير: الأستاذ الدكتور محمد المختار ولد أباه رئيس جامعة شنقيط العصرية,والمفكر الاسلامي سمير الحفناوي جمهورية مصر العربية تقديم: الأستاذ الدكتور أحمدو ولد محمد محمود رئيس قسم الفيزياء بكلية العلوم والتقنيات جامعة التكنلوجيا والطب والشيخ الدكتور أمين العثماني الأمين مجمع الفقه الاسلامي بالهند طباعة دار المعراج بيروت/دمشق سنة2014م
المجلات والجرائد
الإسلام اليوم: مجلة دورية تصدرها عن ـ ايسسكوـ العدد 19 السنة 1423هاـ2002 م (بالتصرف)
لموكب الثقافي: الجمعية الوطنية للتربية والثقافة والعلوم: العدادان 4.5 مايو 1996م (بالتصرف)