المشهد ....ورسائل الأشهر الثلاثة ! / محمد المصطفى الولي

في هذه الأيام تطفو دخان السياسة على سطح المشهد الحياتي الوطني في البلاد ، أدوار قبلية وجهوية وعرقية وطبقية فعلت بعد أن كانت خلاياها نائمة من اجل مبادرات واستقبالات لمرشح النظام ، ومهرجانات وتكتلات ومؤتمرات لتعزيز كفة المعارضة التي تدعو إلى ترجيح ميزان التغيير في بلد لم يعد فيه الموالي ولاالمعارض طائر فينيق يستحق العون في بناء جسر من التيه على أعتاب وطن يستنجد في صرخاته معسكرا لايرضى من الغنيمة بالإياب .. ممارسات وتصرفات تخترق السياسة فيها حجب الوازع الديني والأخلاقي والوطني الذي يحترم هدر المال العام واحتكار التصرف في مؤسسات الدولة وتوظيفها في حملات دعائية خارج القانون ، وقودها " المكرهون " ومن كانوا ينادون بمحاربة الفساد وترسيخ قيم الشفافية بمقتضيات الديموقراطية التي تقوم على أساسها الحكامة الرشيدة وتبنى في ظلها دولة العدل والقانون ، لكنها مقاسات قوم يلعبون بمن يكابد من موريتانيي الأعماق لقمة عيشه في مسيرة الألف عام دون أن يجلب هذا المرشح له أوذاك بارقة أمل تخفف من معاناته المستعرة إلا ماكان من الهش على مصالحه والضرب له تحت المحازم .

 

قبل أيام كنا شهداء على توديع ركن من أركان مواسم الخير؛ وشهرمن جملة شهور قال فيها الباري سبحانه وتعالى ( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يوم خلق السموات والارض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم..) ودعنا شهر رجب وأغفلنا السؤال المطروح : كيف استقبلنا رجب وبم ودعناه ؟؟ هل جعلنا من أيامه ولياليه وقودا نتزود به إلى رمضان ؟ أم أننا ظلمنا أنفسنا في شهر يعد البوابة الرئيسية والطريق الواصل – إن استغل – لأشهر البر وشراع الخير بعده ، هل سنقرأ رسائل أشهر ثلاث ؟؟ تتزامن المواسم الانتخابية في موريتانيا لهذا العام معها ، إذلابد أن يراعي الكل فيها خصوصية الزمان لأن الأحداث في الحياة تتطلب زماناً ومكاناً ، ولذلك خلق الله لها الزمان والمكان . إذا : فالحياة كلها تفاعل بين حركة الإنسان الخليفة في الأرض وبين الزمان والمكان .ولمايحمله من افكار ومشاعروتكاليف أنزلت له القيم التي تحفظ له معنويات حياته ، وأراد بها الحق سبحانه وتعالى أن تتساند حركة الإنسان ولا تتعاند ، ومعنى التساند أنْ تتحد حركة الناس جميعاً في إيجاد النافع لمزيد من الإصلاح في الأرض ، أما إن تعاندت حركات البشر ضد بعضها البعض ، فإن الفساد يظهر في الأرض؛ لأن كل واحد يريد أن يهدم ما يفعله  الآخر ، وهذا مايحدث في مثل هذه المواسم - للأسف- بين الأطياف السياسية موالاة اومعارضة ومن هم عوان بين ذلك ، فالعمل السياسي ليس المراد منه المماحكة والتنابز والتراشق والخداع والتزلف ....إنما المراد سياسية أمور الناس على ضوء الضوابط الشرعية والأخلاقية والسعي في مصالحهم والتخفيف من همومهم وأعبائهم ومد يد العون له من كل مامن شأنه أن ينفع الناس ويمكث الأرض ، الأمر الذي يكسر جبروت الشيطان والهوى في مثل هذه المناسبات التي يغفل الناس عن خطورة التماهي في زوابعها وإعصاراتها التي تنسف الحسنات ولاتراعي خصوصية الزمان ولا المكان ، ولا أن المعصية هي أكبر عائق للإنسان عن الاستفادة من مواسم الخير والطاعات وانتهاز فرص القرب من الله .

 

نعم ، لنجعل من هذه الأشهر طريقا إلى تجديد العهد نرفع فيه شعار " فلاتظلموا فيهن أنفسكم " ، نتعرض فيه لنفحات الله التي تطهرنا من درن السياسة والشقاق والنفاق ، إذ الأعمال العبادية من صلاة وذكر وصدقة ... مضافعة الجزاء في هذه الأشهر ، كما أن استحباب الصوم في شهري رجب وشعبان ووجوبه في رمضان ، أمر معلوم الفضل وأجره وفير ، وقد كان صلى الله عليه وسلم يكثر من صيام شعبان لأنه كما – قال – " شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم " .

وسئل عليه الصلاة والسلام : أي الصيام أفضل؟ فقال عليه الصلاة والسلام : « أفضله بعد صيام شهر رمضان صيام شهر الله المحرم » وقال عليه الصلاة والسلام : « من صام يوماً من أشهر الله الحرم كان له بكل يوم ثلاثون يوماً » . وجاء في لطائف المعارف للعلامة بن رجب الحنبلي قال : شهر رجب مفتاح أشهر الخير والبركة ؛ قال أبوبكر الوراق البلخي : شهر رجب شهر للزرع ؛ وشعبان شهر السقي للزرع ؛ ورمضان شهر حصاد الزرع . وعنه أيضا قال : مثل شهر رجب مثل الريح ؛ ومثل شعبان مثل الغيم ؛ ومثل رمضان مثل القطر . وقال بعض العلماء : السنة مثل الشجرة ، وشهر رجب أيام توريقها ، وشعبان أيام تفريعها ، ورمضان أيام قطفها ، والمؤمنون قطافها .

 

اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبارك لنا في رمضان ، وبلغنا إياه لافاقدين ولامفقودين ، واحفظ بلدنا وسائر بلاد المسلمين .

  

 

22. أبريل 2019 - 15:24

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا