مسؤوليتنا اتجاه موريتانيا المستقبل / محمد محفوظ المختار

حالة من الترقب سادت الأوساط السياسية في نهاية العام المنصرم، كان الكل ينتظر حدثا سياسيا مختلفا يفضي إلى تحريك الساحة ويبعث فيها مزيدا من الحركية والنشاط في ظل مشهد سياسي غامض. البعض تكهن أن المعارضة ستقف موحدة خلف مرشح توافقي مستأنسا بالبيان الذي وقعه قادتها مطلع نوفمبر المنصرم، بينما أكد آخر أن رئيس الجمهورية سيتجه إلى مأمورية ثالثة مستشهدا برغبة أنصاره وحماسهم الشديد لذلك.

لكن مع مطلع العام الجاري كان الساحة السياسية تشهد تغيرات جذرية تؤكد أن وضعا جديدا على الأبواب، وأن مشهدا مختلفا يوشك أن يصبغ المشهد السياسي بلونه الخاص. فاتضح بعد فترة أن كل التأكيدات والتكهنات لا محل لها على أرض الواقع الذي أفرز مرشحين لم يتم تداول أسمائهم.

انجلت الصورة عن محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الغزواني مرشحا لرئاسة الدولة بدعم واسع من النخبة وتأييد عريض من مختلف شرائح الشعب الموريتاني، وأفرزت الساحة سيد محمد ولد ببكر مرشحا بتزكية من أبرز أحزاب المشهد المعارض، مع شركاء متشاكسون لا يعرف أحد كيف التفوا حوله.

على وقع هذا المشهد انقسم الناس بين مندهش ومتفاعل ومتفائل، شخصيا رأيت أنه يجب دراسة هذا المشهد بشيء من التبصر والتأني، لذلك قررت الاستماع إلى خطاب إعلان ترشح كل مرشح على حدة.  وأخذ مني ذلك بعض الوقت مدونا بعض الملاحظات التي جمعتها وأعدت قراءتها مرارا ليتبين -على أساس تلك القراءة-  أنه لا مناص من التفكير مليا في مصير موريتانيا ونحن نسلمها لمن سيقودها في مرحلة سياسية واقتصادية دقيقة، هل لدى هذا المرشح الذي سنخصص وقتنا وجهدنا لخدمة حملته الانتخابية ونمكث بعد ذلك فترة من الزمن في ظل حكمه من المؤهلات القيادية ما يجعلنا نطمئن لوجوده على رأس أعلى سلطة في البلد؟

كان السؤال جوهريا ومحوريا ويجب أن تكون إجابته قطعية لا ريب فيها، ورأيت أن إجابة هذا السؤال بالإيجاب لا تدفع باتجاه دعم المرشح سيد محمد ولد ببكر لأن ما ورد في خطاب ترشحه من استعلائية طافحة حين خاطب المواطنين بمفردات من قبيل "مواطني الأعزاء"، وما حمله من ارتباك سياسي وغموض واقتصادي والتباس في النظرة للمشاكل الاجتماعية التي يعيشها البلد كلها عوامل تبعده عن دائرة الاختيار الأفضل.

أعتقد جازما أنه كان على أصغر الحاضرين في ملعب ملح وأقلهم شأنا وأهونهم على نفسه ملاحظة أنه لا يمكن بحال من الأحوال لمن هذا خطابه وتلك الملامح الأولية لبرنامجه الانتخابي أن يسوس موريتانيا، على الأقل في منعرج خطير كالذي تعيشه اليوم. ولا أدل على ذلك من أن هذا الخطاب كان مصدر إزعاج لبعض أحزاب المعارضة الموريتانية التي تشابهت مسالكها وتشاكلت مذاهبها قبل ذلك المهرجان فلم تقف خلفه كمرشح لها وإنما اختارت بديلا غيره.

أما خطاب المرشح الآخر محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الغزواني فقد أبان عن رؤية إصلاحية عمادها التنمية والأمن وقوامها الإصلاح والبناء. كما كشف عن روح وطنية تأنس بالاعتراف بالفضل لأهله وتستريح إلى التماس العذر وأحسن المخارج لمن أساء، كانت تلك الرؤية شاملة وواضحة  المعالم تشخص أزمات الحاضر السياسية والاقتصادية والأمنية والتنموية والاجتماعية، وتضع تصورا واضحا عن كيفية معالجتها عبر ما هو متاح من وسائل.

ورغم وجود مرشحين آخرين إلا أن ما شغل الرأي العام كان خطاب هذين المرشحين البارزين حيث كانا حديث الساعة فكان على من يريد أن إلى مستقبل البلد أن يقارن ويقارب ويعلم أنه مسؤول عن مستقبل موريتانيا وعليه أن يعمل جاهدا أن لا تقع إلا في يد من له القدرة على إدارة أمورها والسير بها على طريق الاستقرار والتنمية.

سأكون في مقدمة الساعين لأن يكون محمد ولد محمد أحمد ولد الغزواني هو الرئيس القادم لموريتانيا وذلك لاعتقادي أن من يريد موريتانيا آمنة متصالحة مع نفسها وحاضرها وماضيها سيكون في مقدمة الداعمين له، نظرا لما حمله خطاب الترشح من تلازم بين مصلحة الوطن وتلاحم مع رغبات الشعب وما أبان عنه المرشح من قدرة وحماس لإنقاذ موريتانيا من حافة الهاوية التي يحاول البعض أن يرميها فيها.

علينا أن نعمل لتحقيق هذا الهدف ونحن صفًا واحدًا، ثم ندعو الله أن ييسر الله لنا عسرنا، ويسهل أمرنا، ويصلح شأننا، ويؤيدنا بنصره.

25. أبريل 2019 - 20:54

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا