أيها المتدثر في جبة القداسة والشموخ / محمد عبد الله بكاي

لقد وطَّنَّا أنفسنا على هول المصيبة فما أفلحنا، واستشهدنا بعبر التاريخ فما سلونا.

نزيف المؤبنين وضجيج الآئبين يوحي لنا بأنك رحلت، ورغم ذلك فلا نزال نرنو إليك بأم أعيننا في حبوتك المهيبة وهزيم سيبك المتدفق في أعظم تجلياته وأجل خطراته، فهل حقا وارينا وجدان أمتنا بأنفسنا إلى الأبد.

ما هو أعظم من المصيبة  وأدهى من الثكل هو أن نهرع إلى معاجمنا ونفتش في موسوعاتنا فلا نجد كلمة واحدة تفي بفداحة الخطب، وهول المصاب الذي يلفنا كأمة جريحة، فهل فقدت لغة مجد الدين والزبيدي سحرها وألقها من بعدك، أم هل تعطلت «لغة الكلام» إلى الأبد.

إننا يا سيدي سنظل نتسكع بين أرصفة «لغة العجز» و «عجز اللغة» عندما نروم الحديث عن جنابك الطاهر ونبوغك المتفرد.

آه أيها المرابط الأغر... إني أُشفْق على هؤلاء الذين يُبْرون أقلامهم ويسيلون مدادهم في تعداد مناقبكم الجلى، فهم ببساطة لم يدركوا أنك أنت أنت، وحسبهم ذلك.

وبين هذا وذاك وأنا أستشعر رحيلك المهيب، أراني أرنو إليك في درجات الخلد وقد أُعِدَّت لك أريكة باذخة حتى إذا اعتدلت في جلستك استنشدت حميد ابن ثور ومحمد بن الطلبه من جيميتهما المشهورتين، فَطرْبت لهذا واستحسنت ذاك في أعظم ناد من النوادي الشعرية في جنة الفردوس.

آه أيها الرمز الذي لا يريم، فلئن عَبَرْت عنا إلى الشاطئ الآخر فستبقى شمس سؤددك ونبوغك وجلالك ساطعة بين أظهرنا وفي أفئدتنا، فوداعك أيها الطود الأشم لقاء، ولقاء غيرك وداع.

محمد عبد الله بكاي

1. مايو 2019 - 13:26

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا