توضح فيها ما يطلبه الشعب الموريتاني من رؤسائه / محمدو بن البار

كلمة الإصلاح لمعرفتها الكاشفة أن بنيان الدنيا هي والآخرة جاء ملخصا تلخيصا فير قابل للتبديل في فحوى الآيات القرآنية التي بين دفتي المصحف ، وما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أي ما جاء في الوحيين القرآني والسني ولذا سنبين أن غيرهما  من جميع الاجتهادات في كيفية حياة البشر ومعاملته بعضه لبعض سواء كانت ديمقراطية أو اشتراكية أو رأسمالية إلى غير ذلك من المسميات المتناقضة والمتداخلة كل ذلك يحتاط به فحوى آية واحدة وهي قوله تعالى (( الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيء)).

 فبحث الكتاب والمدونين في تحليل آخر يقال له فتح الخيال اللا أخلاقي أمام المترشحين أو الهروب إلى المجهول عن جهل.

هذه الآية هي التي بمقتضاها يسير هذا الخلق بالرغم منه بمعنى أن جميع البشر مهما كان جماعيا أو فرادى حاكما أو محكوما مجبر على سلوك هذه الطريق إلى نهايته أي هو في سجن إجباري، هكذا فهو لا يستطيع أن لا يخلق وإذا خلق فآلة رزقه وآلة استعمالها يجد نفسه مجبرا على فعل ذلك في حياته وعندما تحضر ساعة موته لا يستطيع أن يمتنع ويقول أنا لا أقبل الموت : وإذا مات لا يستطيع أن يمتنع من الحياة عن السؤال وما بعد ذلك  .

فإذا كان سلوك هذه الطريق إجباريا على الجميع فعليه أن يعترف بذلك ويحاول أن ينطبق عليه قوله تعالى(( من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيـينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون )) فهذه الحياة الطيبة في الدنيا والجزاء الحسن في الآخرة أحوج شخص إليهم في الدنيا ذلك الشخص الذي كانت تعتبره أهل الدنيا أن عنده ميزة  وهو مسرور بتلك الحياة التي تعامله الناس بها  فإذا كان بعد تلك الحياة التي يتيقن هو أنها منتهية ويتيقن ذلك الإنسان الذي يعظمه عليها وإن كان يخفيها عن نفسه عادة فهي موجودة في قلبه هو وفي قلب الإنسان المعظم له بقوة المشاهدة ويقين المصير فعليه إن كان رئيسا أن يستمع إلى حاجة الشعب إليه في المعاملة  تحت أوامر الله وذلك على النحو التالي :

أولا : بما أن الشعب الموريتاني من فضل الله عليه شعب مسلم كله فعلى أي رئيس إن  نجح أن يتفقد في كل مدينة أو قرية ما تحتاجه من ما يعينها على ما يطلبه منها إسلامها من أدوات مثل المدارس الحديثة  وأدوات العبادة كالمساجد والمحاظر وإثبات سلطة تحافظ على أمن وإيمان دائمين وعلى مكارم الأخلاق ورسوخ السلوك الطيب بين جميع فئات الساكنة المحلية وتكون هذه السلطة نفسها هي قدوة حسنة  في سلوكها في المجتمع : فالمولى عز وجل لم يكتف من المسؤول الأول من السلطة قي الإسلام بالأوامر العامة فقط دون رعايتها وممارستها والإشراف عليها دائما فقوله تعالى (( الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهو عن المنكر )) فإن لفظ  أوامر الآية يدل على الإشراف على دوام استمرارها ونفقدها ورعايتها ــ لأن ذلك هو الذي يبنى عليه جزاءه  عليها  بأحسن ما عمل وبتمتعه بالحياة الطيبة في الدنيا فالحياة الطيبة في الدنيا ،فالحياة الطيبة والجزاء الحسن شخصي متعلق بكل شخص بمفرده ولا يناله إلا من عمل بنفسه العمل الإرادي المؤكد بالقصد المباشر ونية الفعل المؤدي إلى تحصيل ذلك .

ومن هنا أعطي مثالا بعمل هذا الرئيس الحالي في قضية الإسلام الذي نفذ لصالحه كثيرا من الإنجازات انتفع بها جميع الشعب ولم يسبق لها ـ  ولاشك أنه نفذها من غير آراء مستشاريه ولا المكلفين بمهمة ولا الوزراء بل يظهر أنه نفذ جميع تلك الإنجازات الإسلامية بوحي من ضمير قلب كان يحس أن عدم وجودها نقص في  مظهر الإسلام في الدولة  فهذا الاهتمام والتشجيع بهذه المنجزات كانت موريتانيا بحاجة إليه .

وذلك مثل إذاعة القرآن الذي لاشك أن قراءته الدائمة وما معه من البرامج المتعلقة به انتفع بها كثير من المواطنين وكذلك خلق رواتب للأئمة إلى آخر كل ذلك من الاهتمام الداخلي بشأن الإسلام ولكن الإسلام ليس ضيفا أجنبيا على من يعترف به يقدم له الفراش أمام المنزل وترسل إليه الضيافة ليتصرف فيها رعاة الضيافة كيف شاءوا وكأن صاحب المنزل لا يعنيه من معاملة هذا الضيف في نفسه وفي محيطه وفي عالمه الخارجي  وفي حسن سير واستمرار وعمومية ما قدمه للضيف في الدولة إلا ذلك الفعل المحدود من أوامر الإسلام في الموضوع ـ بل إن هذا الرئيس في المقابل قام  بتقسيم مسلمي موريتانيا إلى موالاة لا تثير من الفعل الإسلامي إلا ما قدم هو للإسلام من أدوات خارجة عن مباشرته هو بالفعل له مقابل الصمت بالرضى بما فعل هو ضد الإسلام دون إثبات أي سبب يسمح له بذلك غير الإنفراد بالأوامر وتنفيذها في الدولة مثل : غلق المعاهد والجامعات الإسلامية والهيئات الخيرية والتعاونية على البر والتقوى فإيقاف طعام مسكين أو يتيم واحد أعظم عند الله من فتح آلاف الإذاعات من القرآن التي تبين كل ساعة أن سبب دخول النار (سقر) هو عدم إطعام المسكين الخ ذلك من خطورة التصرف بالسلب في شؤون المسلمين خارج تنفيذ الأحكام الشرعية بعد الحكم فيها من طرف القضاة المأمور بحضور المؤمنين لذلك التنفيذ إلى غير ذلك من ما هو معروف من معاملة المسلمين بالعدالة في شأن المستقيمين منهم داخليا وخارجيا وتنفيذ الأحكام في أشرارهم أن يقتلوا ويصلبوا  لكن كل ذلك غير تابع لمزاج الشخص لأن الشخص مهما كانت قيمته عند نفسه فلا قيمة له عند الله إذا خالف أوامره يقول تعالى(( ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه )) .

ثانيا : على الناجح من المترشحين أن يبدأ أولا بشريحة الفقراء من كل شرائح المجتمع ولا يكتفي بأنه رئيسهم فقط بل يتفقدهم بيتا بيتا في مكان تواجدهم ويضع بين منازلهم سلطة أمن ومراقبة تبلغه يوميا بما يطرأ عليه من الضياع والموت الخفي على فراشه بسبب مرض الجوع .

فهذه هي سيرة قادة خوف المسلمين من يوم عبوس فمطرير كما يقول تعالى عن المسلمين بعد إطعامهم للمسكين والفقير والأسير (( إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا فمطريرا )) وآخر الآية تعرف منها النتيجة المنتظرة لرئيس المسلمين  مباشرة أو الآمر أو الراعي للتنفيذ (( فواقيهم الله شر ذلك اليوم )) الخ الآية  .

فهذه الشريحة من كل الشرائح هي أولى الأولويات في عمل الرئيس الناجح المباشر إذا كان يريد استمرار حياته الطيبة إلى ما لا  نهاية .

ثالثا : معاملة رجال الأعمال والأغنياء في الدولة : فالإسلام لم يحدد لأي مسلم سقف ملك يقف عنده بل أمره فقط أن يحصل عليه من حله ويصرفه في حله فالله يقول له بعد أمره بالصلاة ((فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا)) ويخاطبه أيضا بقوله (( وابتغ فيما آتيك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا )) الخ الآية .

فالواجب على الرئيس الناجح الذي طلب الرئاسة في الدنيا ويتمنى الاستمرار فيها في الآخرة أن يعدل بين الأغنياء ويوضح لهم الطريقة الإجبارية لسلوكهم مع غناهم في تأدية ما فرضه الإسلام عليهم  من الإنفاق الواجب ويبين لهم طريق الإنفاق التطوعي وما أعده الله لأهله وقبل ذلك يعينهم بتوفير أدوات الإسلام ومتابعة تنفيذ أوامر الإسلام فيها .

فالله أمر بالعدالة بين الأغنياء والفقراء في قوله تعالى( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم) إلى قوله تعالى( إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا )

هذه الآية نزلت في خصومة بين غني وفقير وأراد الحاضرون أن يشهدوا للفقير نظرا لفقره فقط بدون معرفة الحقيقة،وهذا هو الهوى المنهي عن اتباعه في أي عمل فالشهادة تكون لله فإن كانت بين الأشخاص (( إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما ))الخ   الآية .

فالمطلوب من المترشح الناجح أن يوفر للغني ما يؤمنه هو وماله ولكن لا يستغل هذا الفعل الذي أمره الله به بابتزاز الغني دون حق شرعي ولكن يأخذ منه ولو بالقوة حق الفقراء الذي جعله الله في ماله إجباريا عليه .

رابعا:  معاملة المترشح مع جميع الشعب الباقي بعد الفقراء والأغنياء :

الجمع يعلم أن أكثر الشعب الموريتاني فقير وهو ما تقدمت وصية المترشح الناجح عليه وأقله أغنياء وهو ما تقدم قريبا ماذا يفعل معه الرئيس المسلم .

وأما غير الغني والفقير من موريتانيا فهو أقل من الفقير وأكثر من الأغنياء ولكنه القوة المتحركة والنشطة في كل شيء في الدولة وأكثر ذلك التحرك يكون في شأن السياسة التي تتجاذبه طلبا للانتفاع .

ومن المؤسف أن هذا الصنف من الشعب لم يستفحل وينتشر ويتميز بما تميز به من إتباع مفرط للرؤساء نسى فيه دينه ومروءته وأصله إلا بعد استيلاء العسكري على الحكم .

فقبل ذلك لم يجد الشعب في الدولة مكانا لزرع هذه الصفات المذمومة في الإسلام بل ولا في عالم الأخلاق المتعارف عليه .

فالسلطة المدنية الأولى في الدولة كانت متضامنة وملتحمة بعضها ببعض بالتساوي ولا يمكن لأي مخادع ولا مخاتل أن يتـدخل لها في أوامرها .

وقد بلغ زرع كل هذه الأوصاف غير المحمودة من النفاق والتملق أوجها عندما أصبحت الرئاسة متعلقة بالانتخابات يوم جاءت هذه الديمقراطية الفوضية العرجاء المشئومة سنة92 .

ومن نحس طالع سعدها أنها جاءت في أيام العسكر الذي عنده تكوين آخر بعيد كل البعد عن التشابه أو القرب أو القرابة من الديمقراطية فجعلوها مع الأسف تعنى أن رئاسة الرئيس العسكري هي حصوله على أغلبية مريحة من الشعب مثقفوها يتقنون التملق والتزحلق بأنماط المديح وتزكية الأعمال قبل وضع أساسها و( تجليد أو تبتير) إن فهم معنى العبارتين كل رئيس عسكري جاء وكأن أعماله تتـنزل عليه من السماء وحيا لا فهما لعدم قراءة أصل الموضوع وأصبح هذا الشكل هو عمل ( حليمة ) واستمرت حليمة على عادتها .

فسلام على تفقد وضعية الفقير في الدولة وعلى مراجعة تدهور التعليم والصحة والتنمية إلى آخره كل ذلك عوضته الدولة بما يصدره جميع المثقفين المعنيين : وزراء ـ مدراء ـ نواب ـ عمد وكل الطامعين في خلافة هؤلاء من الإشادة بتحرك الرئيس قولا وفعلا وحتى إيماءا .

فنحن الآن مستقرون في هذه النقطة : (بيـمور) أعلاه :

رئيس عسكري ــ فقراء منسيون (كثير من الإنجازات العشوائية ) ــ ملك تام وكامل لحدود الدولة بحرا وبرا وجوا يتصرف فيها الرئيس كيف يشاء ــ وأصوات تحت الطلب إلى آخره .

وأول متعين إحداثه فبل التصريح بالممتلكات الشخصية التصريح بما يملك الرئيس دستوريا من التصرف  في أملاك الدولة وما تنتج إلى آخره .

وعلى العاقل أن يفهم من هذا التحليل الواقع الكاشف أن مصلحة موريتانيا كلها عسكرية كانت أو مدنية في أن تـنتخب هذه المرة مدنيا يعرف كيف يرد تسيير الدولة إلى تسيير دولة إسلامية بمعنى الكلمة مع طول الإسلام وعرضه وأصله ومصير أهله وقد أعطاها الله الآن هذا المترشح المدني وهو سيد محمد ولد ببكر وهي تعرف خبرته وأخلاقه ونزاهته إلى آخر كل الأوصاف الحميدة حتى يرى جيل أربعين سنة الحكم المدني النظيف فكما بدأه المختار بن داداه بأخلاقه رحمه الله يستأنف تجديده على سكة الأخلاق الحميدة سيد محمد ولد ببكر بأخلاقه وإيمانه بالله الواحد الأحد ونرجو من الله أن يعينه ويسدد خطاه  يقول تعالى بعد توجيه المسلمين (( هذا بلاغ للناس ولينذروا به وليعلموا أنما هو إله واحد وليذكر أولو الألباب ))                

                                  

3. مايو 2019 - 0:55

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا