أيهما أولى المبادرة القبلية السياسية أم المبادرة التنموية الإصلاحية؟ / بويايْ سيد أحمد اعلِ

لاتزال اللعبة السياسية الموريتانية تتعرض لضربات وهزات ولم تنضج بعد ولازالت تعيش في كنف القبيلة وحضن الأنا ، ولعل أبرز عائق في سبيل الارتقاء بالديمقراطية و تطوير العمل السياسي والنضج الشعبي هو المبادرات القبلية الموسمية في الأوساط الريفية والحضرية التي تَسرق وتُصادِر جهود وأفكار السواد الاعظم من البسطاء الذين لم تسعفهم ثقافتهم ومعرفتهم في تمييز الاغراض والدوافع من هذه المبادرات وربما كان للجهل هو الآخر نصيبه فى استغلالهم من أطراف بعينها ،وما من شكٍ أيضا أن هذه الممارسات تُكرِّس هيمنة ما يسمى شعبويا الوجيه القبلي أو السياسي أو الموظف المُستَغَلِ المقيد فكرا ورأيا الساعي خلف حظوة لدى النظام توددا وطمعا وربما خوفا وهو مايتنافي مع بناء الديمقراطية بمفهومها السياسي ،لا كما يتخيلها ويتصورها أهل " لخيام" إن المبادرات الجهوية القبلية فى حُلتها هذه لاتنم عن رُقيٍ فكري ووعي بقواعد وضوابط المبادرة السياسية والعلمية التي تسعى لتطوير العقل البشري وتنتصر لمصلحة المواطن على حساب مصلحة صاحب المبادرة الضيقة ، وطبعا المبادرة هنا ليست المبادرة التي تكتسي طابع الإبتكار وتطوير الذات بل إن هذه المبادرات الموسمية الهلامية فى أغلبها نفاق سياسي وعَقبةٌ في وجه الوعي وتضليلٌ للرأي العام وتحايُل على إرادة وعقول البعض وتَحدٍ أمام دولة المؤسسات وتعزيز لدولة المُحاصصة والطائفية والعشائرية وتشكل حارسا للنظام الحاكم بغض النظر عن طبيعته وملعبا للمراهقين السياسيين وانكماشا للممارسة الديمقراطية والفعل السياسي الواعي ،ثم إن النظام الحاكم إذا كان جادا فى تشييد دولة عصرية تمثل قطيعة مع الممارسات الرجعية عليه أن يسعى للوقوف في وجه المبادرات القبلية والجهوية وتجريم القائمين عليها وإفساح المجال أمام دعاة الإصلاح والغيورين على البلد من مثقفين ومتعلمين وخبراء مستقلين والبحث عن أصحاب الكفاءات من ذوي النُصح والرشد ولو كانوا غير موالين لأحزاب النظام والاجندة الحزبية داخل الهرم الحزبي وتفعيل وزرع روح حرية الأخذ بزمام المبادرات التي تخدم التنمية الوطنية والدولية وتُعيد للمبادرة مفهومها الإيجابي في نسق الابتكار ولإبداع والجودة وخَلْقِ مُناخ التنمية بكافة أبعادها كالمبادرة في سبيل تعزيز الولوج لخدمات التعليم والصحة والمساهمة في تحسين جودتهما والمطالبة بالإرتقاء بالخطاب والفعل السياسيين وتدعيم القوة الشرائية للمواطن عن طريق محاربة الفساد والاستبداد والرشوة وإشاعة روح التكاتف وبناء جسر الثقة بين المُعارِض والموالي وأن يبقى النظام على نفس المسافة من الفُرقاء ويكون الفيصل هو روح القانون وتطبيقه وليس النفوذ ولا الإستغلال الوظيفي والدوس على القوانين.إن الكثير ممن يعج بهم الحقل السياسي هم كالعجايا يرضعون من هذا الثدي ومن ذاك ويتلونون بتلون المرحلة وتغيُر الوجوه والأشخاص غير آبهين بالبرامج والخُطط والتخطيط ،يتأقلمون ويتماهون وِفق مصالحهم مُستندين على المقولة الحسانية ألِّى ماينافق مايوافقْ.بإختصار نحن بحاجة لمبادرة الإصلاح التعليم ومعالجته وإنقاذه من سلة المهملات وتطويره وتحسين ظروف جنوده وجَعْلِه هو والصحة أولوية الأولويات ومُراجعة نظام الرواتب وتسيير القطاعات بكفاءة والموارد الاقتصادية بعدالة ولسنا بحاجة لمبادرة سياسية قبلية أوجهوية برغماتية

4. مايو 2019 - 10:46

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا