وجوب الالتزام بمحاربة الفساد / الولي سيدي هيبه

"أهم عناصر قوة الأمة جودة تعليمها ونزاهة قضائها وحسن اختيار قادتها ومحاربة الفساد على كلّ مستوى"

لا بد أن تركز حملاتُ المرشحين، لرئاسيات يونيو المقبلة، بصدق وعزم وثبات على التعهد القاطع بمحاربة الفساد والرشوة وسوء التسيير وبالقضاء على آفاتهم المدمرة التي أنهكت البلد، وبددت قدراته الهائلة، وقوضت تنميته المتعثرة، وعمقت الهوة السحيقة أكثر بين غالبية الشعب التي تعاني من الفقر والمرض وتردي أوضاعها المعيشية، وأولادها من ضعف التعليم العمومي وحرمانهم، لضيق ذات اليد، من التعليم الخصوصي الذي يحظى به وحدهم أبناء طبقة الأثرياء من المال العام، ومعهم أبناء شريحة الموظفين السامين والمقربين من دائرة القرار والمشاركين في تسيير شأن البلد.

فلا أمر آخر يعلو مطلقا على هذا المطلب، بل إن جميع المطالب الأخرى تبقى ثانوية، على الرغم من أهميتها القصوى وشرعيتها التي لا يطالها التشكيك، وإنه وقد برهن التاريخ على ذلك، لا يمكن مطلقا أن تتحقق هذه المطالب في ظل الإبقاء على الفساد واستئثار قلة من اللاعبين على أوتار قبلية ولت وشرائحية وهنت وعبثية غلبت متمثلة في الاستهتار بقيم الدولة المركزية المدنية التي ترتكز مقومات سيرها وتطورها وضمان بقائها جميعها على محور المواطنة وسيادة القانون.

من حول البلد تغيرت النظرة إلى العريضة المطلبية للشعوب، خلال الحراكات الجماهيرية والمطالبات الشعبية والمسيرات الحاشدة النقابية والحقوقية والسياسية، والانتفاضات العامة وأثناء المسارات والحملات الانتخابية، من النداءات التقليدية بالقفز إلى تحقيق الوحدة وتأمين اللحمة كأنها أفعال جاهزة التطبيق بلا مسوغات مادية ومعنوية وثقافية وفكرية.

نعم لقد تغيرت هذه المعارض المطلبية التقليدية بفعل الوعي بالتحولات الكبرى التي شهدتها الإنسانية في فكرها وثقافاتها وتحولاتها العلمية والتكنولوجية الهائلة، حيث ولت الظلامية وتنورت العقول وتوحدت الحاجات والمطالب وزاد حجم التلاقح والتبادل والتكامل والتماهي بسقوط الحدود النفسية والجغرافية.

لقد أصبحت كل تلك المطالب التقليدية المتكررة والتي يرتكز أهمها حول مطلبي "الوحدة واللحمة" بين المكونات البشرية في أي حيز أرضي مشترك؛ أصبحت إذا مرتبطة في تحقيقها التلقائي بصلاح الحكامات وانتشار العدالة، وفي التحكيم المنهجي العملي إلى المستويات العلمية والابداعية والإنتاجية. فمتى ما صلحت الحكامات واعتمدت الديمقراطية منهجا للحكم انتشر العدل بحكم حلول دولة القانون ووجدت المواطنة الصالحة طريقها إلى خيار البناء والتعايش واللحمة والعمل المشترك على نشر ثقافة السلم والإنصاف والتوازن.     

من هنا كان لزاما على المترشحين أن يتسلحوا بإرادة إحلال هيبة الدولة وتقعيد حكامتها على أولية القانون من خلال الحفاظ على مقدراتها واستغلالها لما يخدم عملية البناء التي يجد فيها كل مواطن ذاته التي تأخذ حقوقها كاملة وتؤدي واجباتها بإخلاص.

هذا الذي بدأ يتحقق من حولنا وفي محيطنا الافريقي والعربي بفعل وعي الشعوب وإدراكها أن وحدتها ولحمتها مرهونتان بحلول دولة القانون والمواطنة.

وإن أي خطاب أو برنامج يغفل محورية محاربة سوء التسيير وتبديد الثروات ونهب الخزينة وحماية المفسدين من طائلة العدالة ومجراها، هو خطاب وبرنامج لن يحظيا بتأييد الشعب في قواعده العريضة التي تتعرض للغبن من طرف قلة، وترى استنزاف مقدرات بلدها من دون مشاهدة أي رجع على تنميتها.

فهل يكون للشعب في الخطاب والبرنامج الانتخابين ما يريد؟ 

7. مايو 2019 - 7:18

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا