لقد درج الناس وفى كثير من المناسبات ، على تعديد المنجزات التي تحققت إبان عشرية البناء ، والنماء ، والتي ليس من أقلها شأنا إطلاق الحريات العامة والخاصة ، وتأسيس تجربة التناوب السياسي، ومرافق الخدمات ، وتشييد البني التحتية ، مرورا بتنوير الحقل المعرفي والثقافي ، . غير أن الواحد منا سيظل يبخس الرئيس حقه، ما لم ينوه ببعض المكتسبات التي تحققت، وبشكل منجز، في هذه المرحلة والتي نجد أنها، أجدر من غيرها بالإثبات:
لقد بدأ العد التنازلي لمرحلة مفصلية ، من تاريخ موريتانيا السياسي الحديث ، عندما أعلن رئيس الجمهورية ، وبدون مواربة ، التقيد بالدستور، نصا ، وروحا ، وكبح جماح دعاة التمديد – وهم كثر - وما من يوم يمضى ، إلا ويقرب الرئيس الحالي من صفة "رئيس سابق " ، تلك الصفة التي ترتعد فرائص الكثير من حكامنا ، وقادتنا العرب ، من ذكرها ، ويشفقون على أنفسهم من ملاقاتها ولعل هذا ما يفسر لنا حركات التململ الآخذة في التصاعد ، التي تشهدها بعض بلداننا العربية ، مما كان له بالغ الأثر ، وعظيم الضرر ... لقد آثر قائد موريتانيا الجديدة ، الإقلاع بوطنه ، وأمته ، وإدخال بلاده ومن الباب الواسع ، مصاف الدول ، والأنظمة التي حسمت مسألة التداول السلمي على السلطة ، تلك المعضلة التي أخفقت كل زعامات ، وحكومات البلد ، في حلها ، الأمر الذي زج بالبلاد والعباد ، ولأمد طويل ، في دوامة الانقلابات ، والبيان رقم واحد ...
لقد تسلم ولد عبد العزيز مقاليد الأمور في وقت كان وجه البلاد " معفورا " ، و "ركنها مهدورا " فلقد استطاعت الجماعات المسلحة النيل من المواطنين ، والمقيمين في قلب العاصمة ، ولم تسلم من ضرباتهم الوحدات العسكرية المرابطة عند الثغور، الأمر الذي عكر صفو السكينة ، وأثار الهلع في صفوف المواطنين ، وأفقد البلد ثقة المستثمرين ، والشركاء على حد سواء... لكن حزم ، وعزم ، الرئيس ، قد أرغم تلك الجماعات على تبديل مكانها حسب تعبير العسكريين.
لقد عمل الرئيس بجد لا يلين ، على حماية الحوزة الترابية ، والذود عن المواطنين ، مدركا جسامة التحديات الداخلية ، والخارجية ، وهكذا وفى ظرف زمني وجيز أعاد الهيبة ، وروح المبادرة إلى قواتنا المسلحة ، وقوات أمننا ، وبفضل العتاد ، والتجهيزات ، والمعدات ، استعاد أفراد قواتنا روحهم العسكرية العالية ،وحميتهم للوطن ، مما هدأ من روع المواطن ، وحصن البلد من غائلة الأعداء ،. ولم يقتصر دور قواتنا العسكرية على تأمين حوزتنا الترابية فحسب ، وإنما أمتد ليشمل حفظ الأمن ، والسلم ، في أكثر من بؤرة توتر، بمهنية ، وحرفية عالية ...
إن المقاربة الأمنية التي اعتمدها رئيس الجمهورية ، قد استطاعت أن تجنب الوطن ، والمواطن ، الكثير من المتاعب والمصاعب ، التي نراها اليوم تفتك بكيانات دول عربية ، وإفريقية ، ظلت وإلى الأمس القريب ، عزيزة الركن، قوية الجانب ،.بيد أن حكمة، وحنكة، قائد البلاد قد حفظت للبلد سيادته، وللأمة أمنها، واستقرارها، وضربت معاقل، ومقاتل، الجماعات المسلحة. وأبعدت خطرها الذي كان جاثما على صدر البلاد ، والمحيط بها إحاطة السوار بالمعصم .
ويجدر بنا في هذا المقام، أن ُنذكر بدوره الرائد في بلورة وإنشاء، ما أصبح يُعرف بالقوة المشتركة لبلدان الساحل. تلك المظلة الأمنية التي حازت قبول، وإعجاب المنظومة الدولية، واهتمام الدارسين لشؤون الأمن في شبه المنطقة.
لقد حاز الرئيس قصب السبق في إبراز، وتحديد هوية الوطن، والمواطن. فبفضل الإحصاء المؤمن ، والضابط للحالة المدنية ، تم وقف السطو على هويتنا الوطنية عبر عمليات " المرتنة " والتجنيس، والتي ظلت بلادنا عرضة لها طيلة العقود الماضية ، الأمر الذي أدى إلى إختلالات عرقية ، وديموغرافية ، ما تزال تداعياتها قائمة،. لكن تأمين نقاط العبور ، وتنظيم شروط الهجرة والإقامة ، واعتماد وسائل علمية صارمة ، كلها أمور من بين أخرى، قد وضعت حدا لتلك الهجمة على مستنداتنا وأوراقنا الثبوتية ، وأصبحت تلك الممارسات من مخلفات الماضي.. وخليق بنا ونحن في معرض الحديث عن صيانة الهوية الوطنية، أن ُنعرج على رمزية، علمنا، ونشيدنا الوطنيين، تلك الرموز التي أصبحت بفضل التعديلات الجوهرية الأخيرة، خير شاهد ، وأصدق معبر ، عن عمق أصالتنا، ورسوخ قيمنا، وتمجيد مقاومتنا، واستنهاض همم ناشئتنا... زد على ما تقدم أن بلد" المنارة والرباط" ، وبرغبة قديمة من علمائه وساكنته ، مشفوعة بإصرار قائده ، قد قام بطبع المصحف الشنقيطى ، قراءة ، ورسما ، أما الجامعة الإسلامية ، ومعهد تكوين علماء المحظرة الشنقيطىة ، واستحداث إذاعة القرآن الكريم ، وقناة المحظرة،والشروع في بناء مسجد موريتانيا الكبير، وتطهير البلاد من طاعون اليهود ، فحدث ولا حرج...
ليس من باب الغلو أو المبالغة القول، إن فتحا دبلوماسيا مبينا، قد تحقق لبلدنا إبان عشرية التشييد والتأصيل ، الأمر الذى منح بلدنا مكانة متألقة ، داخل محيطها العربي والقاري والدولي .، فقد استطاع بلدنا باحتضانه لفعاليات القمة العربية، وما سبقها من مشاورات تمهيدية، أن يكسر طوق العزلة، متجاوزا مقولة بلاد " الأطراف" ، والتي كثيرا ما لمزنا بها بعض " الأشقاء" !، كما تحمل بلدنا وفى ظرف زمني ضاغط، مسؤولية جمع الأفارقة ، داخل أروقة قصر " المرابطون ".. هذا علاوة على الديناميكية التي أتسمت بها دبلوماسيتنا ، مما خولها ترؤس ، وقيادة ، الكثير من المبادرات ، الهادفة إلى حفظ الأمن ، وبسط السكينة ، وتهدئة الأزمات...
لن تعدم هذه المنجزات، والمكتسبات، من يضمن استقرارها ، ويحيى آثارها، إذا ما تم اختيار مرشح الإجماع الوطني ، خلفا لرفيق دربه ، فقد خاض معه غمرات الإصلاح ، والتصحيح .
.