إنه استشكال جوهري ومصيري. وطرحه له ما يبرره في مرحلة التدافع السياسي الحاد التي تشهدها موريتانيا وهي مقبلة على انتخابات رئاسية مصيرية، ومع تواجد مرشحَين بارزَين هما سيد محمد ولد ببكر ومحمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الغزواني لما لهما من قدم سبق في خدمة الدولة من مراكز رسمية.
إننا ونحن نطرح هذا التساؤل يلزمنا العودة إلى الماضي لنبحث عن إجابة شافية لهذا الاستشكال
وذلك عن طريق تشغيل كاشفات أضواء نسلطها على حقبة تسيير كل من المرشحَين المذكورَين لمعرفة كيف كانت تجربة كل منهما في إدارة ما أوكل إليه من أمور البلد؟ وكيف ستكون عاقبة أمرنا إن نحن أوصلناه إلى سدة الحكم؟.
لقد شهدت موريتانيا أيام تسلم سيد محمد ولد ببكر مقاليد مجلس الوزراء مطلع التسعينات بداية تجذير الفساد والمحسوبية والرشوة والتأسيس الفعلي لسياسة الخصخصة التي أتت على أغلب مؤسسات الدولة. وكان حظ القطاعات العامة مثل الصحة والتعليم والنقل هو التهميش بل يمكن القول دون شيء من التجني أن تلك المرحلة كانت منطلقا لتدمير التعليم وإهمال القطاع الصحي وتعزيز مكانة الزبونية في منح الصفقات لخصوصيين مقربين من دوائر الحكم آنذاك، كما شهدت تلك الفترة من تاريخ البلد مضايقة الخصوم السياسيين وسجنهم وتعذيبهم بشكل فج وصادم. كل هذا يدعونا إلى العمل على تنبيه المواطنين وتذكيرهم بتلك الحقبة التي يتضح أنهم لم يحتفظوا منها إلا بما يجعلهم يحنون إلى إعادة تعزيز الفساد وملحقاته بقالب يواكب المرحلة ويساير الواقع. فمن كانت تلك آثار سالف تجربته في إدارة دفة أمور البلاد جدير بأن ننبذه وراء الظهور، لا أن نحمله فوق الأعناق ونوصله إلى إدارة مقاليد الأمور.
إن أجواء التنافس السياسي التي نعيشها اليوم تفرض أن لا نورد كل الوقائع السيئة التي تتصل بذات المرشح (هندسة العلاقات مع الكيان الصهيوني التي بدأت 1993 في مؤتمر مدريد كمثال) ولا نذكر كل الظروف التي أحاطت بتسيير البلاد في تلك المرحلة وإنما نكتفي بالإشارة لعلها تكفي، ومرد ذلك أنه توجد مساحة يجب الوقوف فيها بين ما سيعتبره أنصار ذلك المرشح مبالغة في التجني، وبين ما وضحنا أنه حقائق لا بد أن تقال حتى يستنير المواطن ويكون على بينة من أمره، وليعرف لمن سيمنح صوته يوم الاقتراع بضمير مرتاح.
أما مرشح الإجماع الوطني محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الغزواني فقد شهدت فترة تسييره للمؤسسة العسكرية الكثير من الإنجازات تؤكدها شواهد بناء الجيش الوطني على أسس قويمة وتزويده بالمعدات اللازمة ليشكل قوة ردع تمنع العناصر الإجرامية من مجرد التفكير في الاقتراب من حدود بلادنا وهذه وحدها ميزة كافية، لأن كل ذلك ما كان ليتحقق لو أن المؤسسة العسكرية لم تنل حقها من العناية والبناء الذي تستحق.
كما أن السمعة الحسنة التي تلهج بها ألسنة من عرفوا الرجل عن قرب تعتبر عاملا إضافيا تجعله الخيار الأنسب لإدارة أمور البلد بحنكة وجدارة، وهذه فرصة تجعلنا ندعو كل من له بصيرة لكي يقارن ويقارب ويجسد قناعته بناء على شواهد لا تخطئها العين ومشاهد لا يمكن التنكر لها. فالبلد ينتظر الأجدر بقيادته وعلينا أن نسعى جهدنا ليكون هو المرشح محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الغزواني، ذلك أن موريتانيا المستقبل لن تظفر بما نتمناه لها من تقدم وازدهار إلا إذا استطعنا أن نرتب أمورنا واقعيا بشكل صحيح مؤسس على دوام اليقظة وحسن التقدير.