للاسف ..لم تحظ موريتانيا قط بمعارضة تستطيع إثبات مصداقيتها كمنظومة وطنية تسعى فعليا إلى توسيع دائرة الصالح العام للوطن والمواطن ,لان معارضتنا تتقمص خلفيات ومظاهر التوتر التي ترى أو تسمع عنها في الدول الأخرى , ظنا منها ان المعارضة مجرد أداة لتزوير وطمس ايجابيات النظام ومضاعفة سلبياته
, وكثيرا ما تركز المعارضة عندنا على أشياء ثانوية وتتجاهل أخرى أكثر إلحاحا بالنسبة للمواطن , مثل ارتفاع الأسعار و محدودية البني التحتية للبلد ونقص الطاقم الصحي ومستلزماته إلى آخره ... فلم نسمع يوما عن تنظيم معارضتنا لمظاهرات تتعلق بمثل هذه الأشياء ولم نسمع أن معارضة موريتانية طلبت من نظام العمل سويا لأجل مشروع وطنيي عملاق ينعم من خلاله المواطن بمرافق أو مستلزمات يحتاجها أو الضغط على النظام لتحسين الظروف المعيشية للشعب , لكنك تراها تحشد الحشود لإلقاء خطب خيالية تشبه إلى حد كبير الإيحاءات و الصور الشعرية المجنحة التي لا تمت إلى الواقع بصلة , وتشحن ذهن المواطن البسيط بأشياء تافهة تزيد خياله بعدا عن الواقع ليبقى لسانه يلهج بقصيدة حاكها متسيس فاشل استغل منابر السياسة لإلقاء محاكاة شعر آسن تصعب مواكبته أحرى فهمه كخطاب سياسي موضوعي يلامس الواقع ويطرح حلا للمشاكل العالقة .. منابر المعارضة أصبحت أشبه بمنابر الفاشلين من شعراء الشعر الحديث , فتارة يعلنون عن حبر سري زورت به انتخابات راسية أو برلمانية , وتارة عن فيلم وثائقي يظهر خلاله ولد عبد العزيز وهو يبيض الأموال ويبرم الصفقات المشبوهة , وتقوم الدنيا وتقعد أمام مشهد هزيل ترفع المعارضة ستاره عن أهازيج خرافية تموقع المعارضة في ذيل الساسة الشعراء الذين ماعرفوا معنى المعارضة الايجابية التي يحتاجها هذا البلد بل انه في أمس الحاجة إليها .
اعتقد جازما بان كل هذه اللارهاصات التي تظهر هنا وهناك –لا تتجاوز أمورا مبيتة وموجهة من أطراف داخلية وخارجية لا تريد الأمن والاستقرار لهذا الشعب الفقير الضعيف الذي ينشد حاله ابا منذر أفنيت فاستبق بعضنا ... حنانيك بعض الشر أهون من بعض. فليست هناك معارضة بالمعنى الحقيقي .... أين هي النخب السياسية المعارضة التي تهمها المصالح العليا للوطن وتعارض بكل ما أوتيت من قوة لأجل الرفع من المستوى العام للوطن والمواطن ؟ , وتحافظ على المكتسبات الوطنية دون الأحكام المسبقة على هذا وذاك , لماذا محاولة استنساخ وضعيات تختلف جذريا عن وضعيتنا الوطنية ولماذا تقمص ادوار لا يمكن لعبها على الساحة الموريتانية ,, الشعب الموريتاني ليس بحاجة إلى الحرب والدمار والدعوة إلى حرب أهلية لا تحمد عقباها , يديرها كل حسب مزاجه ويزايد بها ( ايماراتيا )او يحامد بها (قطريا ) بعض السياسيين الذين لا يريدون الخير لهذا البلد , فقبل المطالبة برحيل الرئيس, من الأجدر بالمعارضة أن تطالب برحيل أمور أخرى تمس كيان الحياة العامة للمواطن و الأجدر أيضا أن تعمل على حلها قبل أن تطالب رئيس جمهورية بالرحيل قبل انتهاء مأموريته , والغريب أن الأشخاص المطالبين برحيل السيد الرئيس هم أول من أيده وباركه واعتبره منقذا وشرع انقلابه على انه أداة تغيير حقيقية ثم بعد ذالك اقره رئيسا منتخبا للخروج من الأزمة وقبل ذالك هم أنفسهم الذين اقروا في اجتماع داكار بنتائج الحوار والمشاركة في الانتخابات على أنها انتخابات قانونية , وهم أيضا الذين اقروا بشفافية ونزاهة الانتخابات وصحة نتائجها وبحضور المراقبين الدوليين , وهم أيضا الذين طالبوا ايضا بان يظل ولد الغيلانى- المعين من طرف النظام في مأموريته إلى حين إنتهائها ...... فلماذا يطالبون ول عبد العزيز بالرحيل قبل انتهاء مأموريته ؟؟؟ ولماذا قبلوا به رئيسا ويرفضون الحوار معه لأجل مصالح ضيقة وحسابات قبلية سمجة أكل الدهر عليها وشرب .. الشعب الموريتاني في أمس الحاجة إلى يرحل هؤلاء و أولائك لأجل المصلحة العامة للوطن والمواطن , ولو قبلنا جدلا باستبدال السلطة الحالية فان البديل طلب مفقود إلى إشعار جديد لان الذي يظهر على الساحة السياسية من الخيارات والوجوه ( النيرة ) لا يعتبر بديلا أفضل بل العكس ثم إن المجتمع الموريتاني تشكلة وجينا وحضارة لا يتباينون كثيرا ولا يختلفون اختلافا كبيرا, ويبقى الأمن والاستقرار وعملية التعايش السلمي بين مختلف الأعراق الوطنية قيم سامية فوق كل اعتبار وتسييس و ينبغى على النظام والمعارضة المحافظة عليهم
وعلى النظام ان يراجع حساباته مع المعارضة وإشراكها في حقيقة الوضعيات العامة للبلد وان يضع حدا لردوده النثرية الجافة التي تعطى للمواطن صورة قاتمة للحياة العامة من خلال إفهام المواطن ان الحرب على المفسدين لاتعنى بالضرورة بؤس العيش بل تعنى توزيعا عادلا لثروات البلاد وإعطاء كل ذي حق حقه , فالنظام يتحمل مسؤوليته كاملة تجاه المواطنين معارضة وموالاة ولكنه بالمقابل عليه ان يحفظ للسلطة هيبتها لان هيبة الدولة أساس لضبط الانفلات الامنى الذي يحاول البعض خلق نطرا لشذوذ خطابات النظام المتسامح أكثر من اللازم مقارنة مع الخصوصية التي يكفلها القانون لهرم السلطة .