ظلت نُخب الوطن رقم تعارض أجنداتها تصر إصرارا على ترك بصمتها وإحكام قبضتها على الوطن وأهله وخلق مبررات إستمرارها في تصدر المشهد الوطني المقتصر على الصراع الشرس على خير البلاد وتوظيف العباد لحماية وتأمين النخبة وأهملت هذه النخبة إدماج الشعب في إهتماماتها وأرتجلت معظم الحلول الخجولة لقضايا الوطن الكبرى كالمساواة والعدل والمشاركة والتنواب وهي القضايا التي تضمن التأسيس لوطن جامع يعتز الفرد بشرف الإنتماء إليه ويعترف به كل ابنائه و يضمد جراح الصراع العنيف من أجل البقاء ويواسي ضحايا الظلم ؛ ولعل السمة الأبرز للوطن في شكله الحديث هي غياب تنسيق الجهود ومتابعة خطط البناء الوطني ، بل إن واقع أمم الوطن هي أن كل أمة أتت تلعن سابقتها وتعيد عملية البناء إلى مربعها الأول ولا تثبت أهداف الجمهورية الوليدة ولو عن طريق إستنساخ الشكل وتقليد المضمون ، لذالك فبعد كل تغيير يصل حدثه جذور العمل الوطني ، والمؤسف أنه من النادر أن يستهدف المسيطراصلاح الأخطاء المؤثرة في التطور الطبيعي للجمهورية ولا تعزيز مساوات الشعب ولا إتاحة تساوي فرص المشاركة بل إن أثر التغيير وتأثيره يقتصرعلى قشورالفعل الشخصي الظرفي المحدود والمحدد ولم يسلم لا الماضي ولا الحاضر أما المستقبل فمجرد آفاق حدود رؤية الفريق المسيطر؛ فهل المناسبة التالية تكرار لسابقاتها .. ؟ أم أنها منعطف حاسم في التاريخ السياسي للجمهورية وبشارة مؤكدة للتناوب السلمي السلس على السلطة أيا كان الفائز حتى وإن إقتصر على الفريق المسيطر ؟ أولا يحسب للرئيس محمد ولد عبد العزيز أنه أستطاع تعزيز روح الفريق مؤسسا لحقبة يحافظ فيها الفريق على مكاسب الوطن ويتيح فرصة قيادة احدعناصره للفريق نفسه وللوطن ... ؟ وفي المقابل اليس مايحدث هو التفاف على اللعبة وتضييق لجوهر التناوب السلمي ...؟أم أننا نُحقن باللعبة الديمقراطية في شكل جرعات حتى نمتلك المناعة ويعتاد جسمنا الرهيف والطري على المصل ..؟ ففريق القيادة لا يتيح فرصة الخطأ ولا إحتمال فهمِِ آخر للعبة وجوهرها ، فمركز القرار والتوجيه لن يتغير ولكنه سيتعزز بضخ دم جديد يلعب فيه أحد عناصر الفريق الواحد دور القائد الجديد حتي تكون النقلة بترِِوحذرِِ وتدرجِِ شديد ٠الصورة المعبرة عن المشهد السياسي الطاغي على غيره تؤكد أن التعاطي مع النظام الديمقراطي تم تحديثه وأن عناصره تحاول تبني أسباب التحديث لكن أحوال انظمة العالم وتقلباتها المتسارعة وتأثيراتها المتمددة والأدوار المتنامية للشعوب الناضجة أعطت تفسيرها المحايد على الساحة الوطنية التي تدعم فوز أحد فرقاء المشهد باحقية إحتساب تحديث النظام الديمقراطي ولو إقتصر هذ التحديث على الشكل كخطوة أولى إن ثُمنت فتحت المجال لتحسين المضمون لذالك فإن الأغلبية الحاكمة تبدوا أكثر جدية وتماسكا وأنفتاحا من المعارضة المنقسمة المتسللة إلى صفوف الأغلبية في شكل نزوح جماعي يستنزف أحد أوجه اللعبة الديمقراطية ويجفف منابع عطائها العذبة والأصيلة ويُقلل من صدق النضال فالتمسك بالقناعة الشاملة يشهد تشويها ملموس وحملة تشكيك مبررة كان بالإمكان تقليل وقعها عن طريق تطبيق إحترام إرادة الأغلبية داخل التشكيلات السياسية الوطنية المعنية وتعزيز التمسك بالقرارات التي تستهدف تنمية الممارسة السيا سية وتشجيع خلق الثقة المتبادلة وتنمية الإستعداد لخدمة الوطن من أي زاوية أتاحتها نتائج اللعبة الديمقراطية فالأجدر بالمتنافسين إحترام مبررتصدرهم للمشهد الوطني وحمل هم الشعب وتزكية النوايا الصادقة الُمعََبَر عنها الرامية الى خلق نموذج مهماكان شكله للتناوب على السلطة وتشجيع تجذيره والإعتراف به كحدث يؤرخ لمنعطف سيكون قطيعة مع الممارسات القديمة المكرسة لمقولة الزعيم الذي لايخطئ فالتناوب أريد به أن يكون سلسا داخل الفريق كممهد لتناوب أشمل وأعم ، فهل نحن مستعدون ...؟