عند الساعة صفر من هذا المساء (14يونيو) نكون قد قطعنا نصف المسافة الزمنية المقررة للحملة الانتخابية الممهدة لاختيار رئيس جديد للجمهورية، من بين عدة متنافسين، لا عهد لأي منهم بكرسي الرئاسة؛ وبذلك يتحقق للشعب الموريتاني نصف حلم الديمقراطية، البعيد المنال على امتداد أقطار أمتنا المستباحة، وفي قارتنا المنكوبة، وذلك النصف الذي تحقق من الحلم الكبير، هو الإمكان التاريخي، والحصول الفعلي للتداول السلمي للسلطة؛
نصف حلم الديمقراطية الثاني، والجامع لكل الموريتانيين، هو أبعد منالا، وإن ظل حلما مشروعا؛ فهو يتحقق- فقط- يوم يقر الحاكم أنه أجير عند الشعب، إلى أمد معلوم؛ فيكف عن استغفاله واستخفافه، ويتوقف عن مقايضة مصالحه بالارتهان لإرادته، وعن شراء الولاء الكاذب بالوظائف والخدمات، وعن استبقاء واستنساخ زعامات الزمن المنقرض، واستخدامها للتأثير؛
ثم لا يكفي ذلك لتحقق الحلم كاملا، فالنخب المغشوشة، وهي المسئولة عن صناعة الطغاة والمستبدين، والمرتكسة في حمأة الفساد والتملق وبيع الضمائر، والغائصة في وحل الفساد والتزوير، والماهرة في المكاء والتصدية وصناعة انماط الزيدنة المبتدعة، ستظل أكبر عائق في مسيرة النهوض، مالم يستبدلها الله بقوم غيرها ثم لا يكونوا أمثتلها، ليتوقف بيع قيم الورع والتقوى والمروءة في سوق النخاسة السياسية.
الديمقراطية الحقيقية حلم جميل ومشروع، لكنه بعيد المنال؛ وقد دفعت الشعوب التي تهيمن على العالم اليوم وتعلمه وتطعمه وتعالجه، ثمنا باهظا لتوطينها بين ظهرانيهم، فكان لها ما ارادت، أما نحن(عربا ومسلمين وأفارقة) فما زلنا نستجديها، بلا ثمن، ممن احتقرنا ذات يوم ساغب، فسلبنا أمرنا من غير مشورة، ثم رَكَمَ أحلامنا وجلس على ربوتها، يأمر وينهى، فيطاع ولا يعصى، مهمى طغى وبغى!
عن احلام المترشحين، منا، فإن واحدا منهم- فقط- سيحقق حلم الكرسي، فيما يحقق بعض الباقين أحلامال دون ذلك، وسيخفق البعض الآخر في تحقيق ما قام من أجله، جليلا كان أو حقيرا، كبيرا أو صغيرا؛ وما يعنينا كناخبين مسئولين عن صناعة الحدث وكتابة سطر التاريخ، هو ما يخصنا؛ هل أدينا واجبنا بصدق وتجرد، حتى نقترب، بفوز فائز، وخسارة خاسر، من تحقيق حلمنا الكبير، لا بعض أحلامنا الصغيرة!!