يسعدني بمناسبة تصدر طلاب السلك التحضيري للمدرسة العليا المتعددة التقنيات المسابقة الدولية لولوج أعرق مدارس المهندسين الفرنسية أن أهنئ الطلاب المتألقين وأساتذتهم المتميزين وإدارة السلك التحضيري وقيادة المدرسة وجميع أطرها وموظفيها.وهو وسام شرف يؤكد نجاح هذا المشروع الوطني الكبير القائم على الشراكة بين وزارة الدفاع الوطني ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي وتقنيات الإعلام والاتصال من أجل تكوين المهندسين الموريتانيين على أرض بلادهم، بالأعداد والتخصصات المطلوبة وفق أعلى معايير الجودة في مجال تكوين المهندسين.
وتصدّر هذه المسابقة الدولية بهذا الرقم القياسي يعتبر شهادة لا مراء بعدها على الجودة العالية للتعليم الذي يتلقاه طلبة المدرسة في السلك التحضيري. وهي بالمناسبة ليست الشهادة الوحيدة من نوعها، وإن كانت الأشهر، حيث أنهم تألقوا أيضا في مسابقات أخرى مشابهة. كما أن طلاب السلك الهندسي نجحوا أيضا في دخول أعرق مدارس المهندسين الفرنسية والإقليمية التي سيتوجهون إليها في بداية العام القادم لإكمال دراستهم فيها. وذلك ضمن شراكة بين المدرسة العليا المتعددة التقنيات ونظيراتها الفرنسية والتونسية والمغربية. وهذه أيضا شهادة لم يعد من حق مكابر بعدها أن يشكك في المكانة المرموقة التي تبوأتها المدرسة الفتية.وهي فرصة للتذكير بأن دمج مدارس المهندسين الذي حصل منذ ثلاث سنوات قد صاحبه تجديد عميق للخطط الدراسية والمناهج التربوية ورافقته دراسة معمقة لاحتياجات سوق العمل من الكفاءات المهنية. فالأقسام الستة المتوفرة حاليا في السلك الهندسي للمدرسة قد صممت من أجل تنمية الكفاءات والمهارات المطلوبة محليا وهذا ما سيعزز سرعة الدمج في سوق العمل، وهي : هندسة المعادن والبترول والغاز، هندسة الحاسب والشبكات والاتصالات، الهندسة الكهربائية، الهندسة المدنية، الهندسة الميكانكية، والهندسة الصناعية. وهي المقاربة نفسها التي اعتمدت أيضا في تصميم المعهدين العاليين التابعين للمدرسة : المعهد العالي لمهن البناء والأشغال العام والعمران بألاك والمعهد العالي لمهن المعادن بازويرات، حيث أن رسالة المدرسة هي تزويد البلاد بحاجتها من الأطر العليا والمتوسطة ذوي الكفاءات العالية.وينبغي أن يتوقف التحسر على حجب المنح الخارجية عن الطلبة المتفوقين في شعبة الرياضيات من الباكالوريا. ألا ترون أن الطلبة المتألقين حاليا، الذين لم يتسرعوا في مغادرة البلد منذ سنتين، حققوا الآن ما لا يصبو إليه طموح، ولا حتى خيال، كثير من طلاب الهندسة، في فرنسا نفسها. وهم الآن سيحصلون على منحة بعد حجز مقاعد مستحقة في أعرق مدارس المهندسين العالمية. هذا بالنسبة لطلاب فصل النجم من السلك التحضيري.
أما طلبة الفصول الأخرى الذين نجحوا في المسابقة الوطنية للمهندسين الموريتانيين، التي تعطيهم الحق في ولوج سلك المهندسين في المدرسة، فحظوظهم موفورة وآفاقهم واعدة، حيث سيتمكن المتفوقون منهم من ولوج أعرق المدارس الفرنسية والإقليمية ضمن شراكة تتيح الحصول على شهادة مزدوجة، شهادة المدرسة وشهادات شركائها. هذا مع العلم أن المدرسة العليا المتعددة التقنيات قد شرعت، بعد حصولها السنة الماضية على الاعتماد الوطني، في برنامج الاعتماد الفرنسي والأوربي الذين لم يحصل عليهما حتى الآن إلا عدد قليل جدا من مدارس المهندسين في القارة السمراء. وسيعني حصول المدرسة عليهما اعترافا رسميا بتكافؤ المدرسة مع نظيراتها الأوروبية.ولا شك أن التطوير الكبير الذي حصل في السلك التحضيري والسلك الهندسي سيعزز من استقطاب المهندسين الموريتانيين من طرف سوق العمل في الخارج، وليس هذا هو الهدف الوطني، فنرجو أن تسهم فرص التنمية الواعدة في البلد في الحد من هجرة هذه الكفاءات، كما نعول على الحس الوطني للشباب وعوامل الجذب المحلية الأخرى. كما أن العقول المهاجرة تظل أيضا سفراء للبلاد وأينما أمطر خيرها فلن يعدم البلد حظه منه.
وليس للبلد خيار آخر غير بوابة التعليم المتميز للعبور منها إلى اقتصاد المعرفة، لأن بناء الإنسان هو الاستثمار الناجح حيث تنضب الموارد الطبيعية ولو كثرت في باطن الأرض أو قيعان البحار، وتبقى الموارد البشرية المتعلمة مبدعة لا ينضب عطاؤها.
د.محمد عالي ولد لولي
مدير الشؤون الأكاديمية في المدرسة العليا المتعددة التقنيات