اللجنة الوطنية للمسابقات ... معبر لتمرير الأخطاء ومخالفة القانون !! / محمد الامين باباه ديداه

من الغريب أن كافة الوزارات والإدارات  ، والمؤسسات مكتظة ، وممتلئية بمايسمى بالمستشارين القانونيين والإداريين ، ومع ذلك في كل إعلان عن مسابقة-  تابعة لأي وزارة مهما كانت - يفاجئنا إعلان اللجنة الوطنية للمسابقات ببعض العيوب المشينة ، و الأخطاء التي لاتغتفر ، وغالبا ما لاتتراجع عنها حتى ولو أحدثت ضجة كبرى ، وأثارت حافظة الرأي العام ، المتمثل في صفوف  حاملي الشهادات من الشباب العاطل عن العمل ، والذي كان عليها أن تحترم مشاعرهم ، وتراعي نفسياتهم  ، وتتفهم ظروفهم   .

فكان حري بأي وزارة تريد أن تقدم  طلبا لاكتتاب ماتحتاجه من كادر بشري أن يكون متكامل العناصر ، ومدروسا على أسس قانونية انطلاقا مما يحدده النظام الداخلي لأي عنصر مطلوب ، ويكون الأمر ضروريا إذا كان متعلقا بجانب تحديد الجهة المختصة بالإشراف على المسابقة ، وتحديد السن المطلوبة للمترشح  ، والشهادة المنصوص عليها ، وطبيعة عمله والتخصصات المستهدفة فيه  ، الأمر الذي لم يراعى ؛ بل يختلف في كل مرة حتي في الصنف الواحد من المسابقات ، وما إعلان مسابقة القضاة في السنة الماضية مقارنة بالمسابقة الحالية عنا ببعيد .

وإذا لم تقم الوزارة المعنية بذلك - كما يقع دائما -  فعلى اللجنة أن ترفض ذلك الطلب  ؛ لأنها حقيقة لايتناسب معها الوقوع في مثل هذه الأخطاء  وقبولها ؛ بل وتمريرها بتلك الطريقة الهزلية  . 

فمنذ أسبوعين أعلنت اللجنة الوطنية للمسابقات عن تنظيم المسابقة الكبرى - على حد تعبيرها  - وقد شابت إعلانها بعض الأخطاء ، وكان الجميع يتوقع  إعادة تصحيحها من طرف اللجنة وينتظره بفارغ الصبر  ، ولكن طال الانتظار دون جدوى ، مما يلزم الكل ببيان وتوضيح تلك الأخطاء ، والملاحظات العابرة ؛ حيث لفت انتباهي أن مايتعلق منها بالتكوين في المدرسة الوطنية للإدارة والصحافة والقضاء – وإن كانت كارثة تحديد السن عمت بلواها الجميع باستثناء القضاة - جاء بطريقة غير مناسبة ولا منصفة  ؛ بل جائرة ، وغير فنية ، فغالبية مواد المسابقة على اختلاف أصنافها ، وأنواعها ، وتخصصاتها اشترطوا فيها مع مادة التخصص لغة ثانية ، الأمر الذي فرض علينا محاولة إبداء بعض الملاحظات العامة  الواردة على ذلك الإعلان، والتي منها مايتعلق بالشكل ، ومنها مايمس المضمون  :

الملاحظة الأولى : أن تبني اللجنةالوطنية للمسابقات  لتنظيم مسابقة القضاة على وجه الخصوص أمر مخالف للقانون ؛ لأن النظام الأساسي للقضاء حدد لجنة القضاة مسبقا ، فقد نص في المادة 23- 4 الجديدة : (من الأمر القانوني رقم 2006 – 016  الصادر بتاريخ 12 يوليو 2006 المتضمن تعديل بعض مقتضيات القانون النظام رقم 012 -94 الصادر بتاريخ 17 فبراير 1994 المتضمن النظام الأساسي للقضاء ) على أن اللجنة تتكون من : 

أ  -  رئيس المحكمة العليا ..... رئيسا .

ب –  المدعي العام لدى المحكمة العليا .....عضوا .

ج –  ممثل عن وزارة العدل .....عضوا .

د –  المفتش العام للإدارة القضائية والسجون  ..... عضوا .

ه –  المدير العام للوظيفة للعمومية ..... عضوا .

و –  أستاذ قانون من أكثر الأساتذة كفاءة معين من طرف وزير التعليم العالي ..... عضوا .

ز –  شخصان لهما كفاءة وتجربة في الشريعة أو القانون يعينهما وزير العدل  ..... عضوين .

ح –  نقيب الهيئة الوطنية للمحامين .... عضوا .

 

وقد نص في الفقرة الثامنة من المادة 21 - من نفس الأمر القانوني - أنه يعهد للجنة المقررة في  المادة 23 – 4 أدناه باكتتاب الأشخاص المترشحين طبقا لهذه المادة .

 

من هنا يتضح أن لجنة القضاة مختلفة تماما عن لجنة المسابقات ، وعلى وزارة العدل ومستشاريها  أن يتراجعوا عن هذا التصرف المخالف للقانون والمصادم للنص ، وإذا تم التمادي من طرفهم  ، فعلى اللجنة أن تحترم نفسها ، ،وتمتلك الشجاعة ، وتعترف بأنها غير مختصة بالأمر إطلاقا . 

 

الملاحظة الثانية : مسألة تحديد سن الترشح  بعمر 36 سنة أو 37 سنة مخالفة أخرى صريحة للقانون الذي ينص على 40 سنة كاملة ، وتفسيرذلك النص بأن 40 سنة تحسب بعد انتهاء التكوين تفسير خاطئ أيضا ؛ لأن النص يفسر لصالح الطرف المتضرر ، فلا معنى لمنع وإقصاء 38 و39 و40 سنة فقط من المشاركة في المسابقة ، وإلا فلماذا تتركون السن القانونية للقضاة كاملة دون تفسير لها على غرار ما فعلتم للنص القانوني الآخر ؟

ليس لذلك من تفسير سوى التخبط ، أو ازدواجية المعايير !

 

 

الملاحظة الثالثة  : أنه ينبغي تحديد المواد ، والبرامج  التي تستحسن قراءتها ؛ وخصوصا في العناصر التي يقدم لها بشهادة الباكالوريا على اختلاف شعبها ، مع ضرورة تحديد ذلك في  الجميع . 

 

الملاحظة الرابعة : أنه كان ينبغي أن لا تكون هناك لغة ثانية ؛ لأن اللغة الرسمية للبلد اللغة العربية كما نص على ذلك الدستور الموريتاني ، وإذا كان ولابد من لغة أخرى ، فلا يقبل بحال من الأحوال أن تكون الفرنسية ؛ بل يجب أن تكون واحدة من اللغات الوطنية الأخرى مع العلم أن العدل ، والمساواة  ، وتكافؤ الفرص أمام الجميع  يمكن في إعطاء الخيار للمشاركين ؛ فمن يريد أن يعالج المواضيع بالعربية فله ذلك في جميع المواد ، ومن يريد خيارا غيرها فليأخذ ماشاء .

وفيما يخص مسابقة القضاة كان على اللجنة أن تستعين بعملها في السنة الماضية ؛ بل وتعتمده كمنهج ثابت حيث حددت فيه البرامج ، وألغت اللغة الثانية رغم وقوعها في خطيئة عدم الاختصاص .

 

ورغم ذلك  التجاوز السافر ، والتغاضي عن خطورة الأمر ، وبعد ما تم إجهاض المادة السادسة من الدستور الموريتاني في الكثير من الوزارات ؛ فلا يمكن قبول ذلك في البعض الآخر فوزارة العدل مثلا لايمكن أن تتم فرنستها بهذه الطريقة الوقحة  ، فكيف توضع اللغة الثانية في مسابقاتها ، وهي إحدى الوزارات  القلائل التي مازالت تحافظ على دستورية لغتها ؟ 

فكان الأولى والأجدر بهم  –  كأضعف الإيمان - أن ينتهجوا منهج المدرسة العليا للتعليم ، ومدارس تكوين المعلمين حيث التزموا الصفة التخصصية ، فأساتذة التربية والعربية لم تذكر فيهم لغة ثانية ، وكذلك أساتذة الفرنسية أو الإنكليزية أو غيرهم ، ونفس الشيء وقع في المعلمين .

ومن المعلوم أن المستهدفين بهذه المسابقات – أعني الكتاب ، والقضاة - هم من خريجي كلية العلوم القانونية ، والمعهد العالى للدراسات والبحوث الإسلامية والغالبية الكبرى من طلاب هاتين المؤسستين لا صلة لها باللغة الفرنسية ؛ لأنها لم تكن مادة مقررة أصلا إلا في السنوات الأخيرة تمت إضافة القليل منها في بعض مواد الأولى دون الثانية   .

إضافة إلى أن وزارة العدل لايتناسب مع طبيعتها ، وطبيعة عملها حتى الآن إلا أصحاب اللغة العربية حسب العاملين في حقولها .

بعد توضيح تلك الأخطاء ، وبيانها نأمل من الجهات المعنية التعامل مع الموضوع بطرق قانوتية حتى لايستمر الظلم ، ويتعمد الإقصاء !

 

بقلم : محمد الامين باباه ديداه

16. يونيو 2019 - 10:50

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا