في أتون الحملة الانتخابية (4) / الأستاذ محمدٌ ولد إشدو

إنهم يرتكبون نفس الحماقة التي ارتكبناها في رئاسيات 92 

لعل رئيس الدولة معاوية ولد سيد أحمد ولد الطايع واللجنة العسكرية  كانوا صادقين في وعدهم الذي قطعوه بإرساء الديمقراطية وأخذوا في تنفيذه؛ بادئين بانتخابات الرئاسة سنة 1992! لقد كان جو الحملة رائعا، وخرج المارد من قمقمه ليصنع ربيع انواكشوط العظيم الذي كان واعدا!

        ... وفجأة تغير كل شيء بسبب خطأ فادح ارتكبته المعارضة حين عطلت العقل واتبعت الهوى، وانساقت وراء عفوية الجماهير، فتبنت خطابا متطرفا يطفح بالتهديد والوعيد، ويتناغم مع الشعارات الانتقامية لأرامل وذوي ضحايا البغي العرقي الذي عرفته البلاد في ظل النظام العسكري!

وإن أنس لا أنس حين طفح الكيل مساء يوم كنا نستقبل فيه الرئيس أحمد ولد داداه وهو قادم من مدينة روصو بعد جولة انتخابية ظافرة. لقد كان الحشد الجماهيري العفوي كبيرا جدا يغطي جوانب الطريق على مدى عشرات الكيلو مترات! وكانت الأبواق والحناجر تصدح بأغنية المعلومة الرائعة والصادقة التي خلقت الحدث يومئذ، وألهبت حماس الجماهير. لقد كان المشهد في حد ذاته هائلا ومخيفا، ويمكن - إن لم تتم السيطرة عليه- أن يدعو السلطة إلى مراجعة الحسابات وإعادة النظر في المسار والتكيف مع الأحداث!

أما المعارضة فقد كانت في أوج عزها وهي سيدة الموقف؛ وبالتالي فإنها لم تر داعيا لالتزام اليقظة العالية وتحكيم العقل، وعدم استفزاز الخصوم!

وفجأة خرج من بين الجموع شاب أسمر فارع القامة جهوري الصوت ينحدر من الولاية الثانية وتابع لحملتنا في الميناء وكان معي في سيارتي، وكنت مسؤول حملة  الميناء؛ فجمع حوله في سرعة البرق لفيفا من المحرضين وأخذوا يصرخون بأعلى أصواتهم: "معاوية انتهى، معاوية هرب الآن، معاوية سيحاكمه الشعب" وسرعان ما تجاوبت معهم جموع غفيرة خرجت عن سيطرتنا وخلقت جوا بالغ التوتر والخطورة ترك من حينه أثرا بالغا على العملية برمتها! فآلت إلى ما آلت إليه! لأننا لم نبذل جهدا في رتق الفتق! وكان مرشحنا قد أدلى في خطاباته بآراء مماثلة في مدن الضفة!

        تذكرت هذه الحادثة وأنا أستمع بامتعاض إلى رسائل صوتية ومرئية سخيفة بثتها هذه الأيام جهات وأفراد من "المستهزئين" والسفهاء والعملاء تهاجم وتتوعد رئيس الجمهورية ومرشح الإجماع الوطني وموريتانيا بالويل والدمار، وتسب أوساطا وفئات وطنية واسعة وشريفة وتسخر منها!

إن هذا الأسلوب الدنيء الساقط الوقح لا يعبر بما لا يدع مجالا للشك عن درك اليأس والإحباط الذي وصل إليه أصحابه ومن يوجهونهم حين فقدوا صوابهم فحسب! وإنما يشكل كذلك محاولة بائسة من سفهاء مأمورين لخلق البلبلة والاضطراب، لعل وعسى! ذلك أن القوى التي كانت تعد عدتها لركوب موجة "المأمورية الثالثة" والمطالبة بدم الدستور المخترق، لم يبق في يدها إلا أن تحاول اليوم خلق اضطراب وفوضى يجعلان القيادة الوطنية تتراجع عن خطتها المحكمة لترسيخ الديمقراطية وإنجاز التداول السلمي للسلطة!

ولكن هيهات!

إن أصحاب هذه المحاولة البائسة يجهلون - أو يتجاهلون- الحقائق التالية:

- أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز من طينة أخرى غير التي ألفوها، ولا يقعقع له بالشنان، ولن يتراجع أبدا عما أعلنه وقرره حتى ينفذه على أحسن وجه؛ وبالتالي، فسوف يسلم مقاليد الرئاسة للفائز في الانتخابات في هذا الاستحقاق أيا كان، ولا يخاف عقباها!

- أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز وصحبه يتكئون على صرح من الإنجازات الوطنية، وعلى شعب أبي ذكي لن يخذلهم أبدا، ولن تخدعه الوعود والأماني الكاذبة! وهذه الوضعية المريحة هي التي ستمكن الرئيس محمد ولد الغزواني، مرشح الإجماع الوطني، من الفوز والنجاح بأغلبية مريحة في الشوط الأول مهما أرجف المرجفون وعوى المبطلون!

- أن الشعب والجيش وقوى الأمن يقفون اليوم وقفة رجل واحد بالمرصاد لكل من تسول له نفسه زعزعة أمن الوطن ليلقنوه درسا لا ينسى أبدا.

وإن غدا لناظره لقريب!

16. يونيو 2019 - 13:40

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا