كثيرا ما نقرأ أو نواجه من حين لآخر بعض التساؤلات والإشكالات المتعلقة بالانتخابات عموما، سواء كانت رئاسية مثل ما نشهده هذه الأيام أو تشريعية أو جهوية أو بلدية، مثل الموسم الانتخابي في السنة الماضية، ولأن المنظومة الانتخابية عادة ما تكون في مدونة تشريعية وطنية متكاملة تنظم القواعد والأساسيات وتحيل الترتيبات والإجراءات لنصوص تنظيمية محددة ومكملة، إلا أن نصوصنا بدأت بالحياة السياسية على مستوى البلديات 1986 ثم 1987 التي ظلت المرجع التنظيمي في أغلب الانتخابات التي شهدت موريتانيا لاحقا، ولكن تسارع المنظومة التشريعية والمؤسساتية خلال السنوات القليلة الماضية وما شهدته من تعديلات ومراجعات جعلت الباحث القانوني بل والمتخصص المواكب لها يحتاج أكثر من مرجع والعودة لأكثر من مصدر، أحرى المراقب أو الممارس السياسي العادي، خاصة أن بعض هذه النصوص لم ينشر أو عُدل عدة مرات وظل بحاجة للتقنين والتحيين ، وكان ينتظر من اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات أن تعيد نشر وتحيين هذه النصوص ولكنها أيضا مثل بقية المؤسسات كالمجلس الدستوري و"الهابا" وغيرهما لم تشهد استقرارا ولم تستطع مواكبة هذه التحولات والتعديلات المستمرة، ويكفي أن نمثل بقانون اللجنة نفسها الذي يرجع في أصله لتجربة 2005 حين أنشأت اللجنة في طبعتها الأولى بموجب الأمر القانوني رقم 2005- 012 الصادر بتاريخ 14 نوفمبر 2005 والذي عدل بالقانون رقم 2009- 012 الصادر بتاريخ 05 مارس 2009، وكان عدد أعضائها 15 عضوا ودورها مراقب فقط ، قبل أن تعاد تشكيلها بموجب القانون النظامي رقم 2012- 027 الصادر بتاريخ 12 ابريل 2012، المتعلق بإنشاء لجنة وطنية مستقلة للانتخابات، وفي هذا القانون تم تقليص أعضائها ل 7 فقط، ثم عُدل هذا القانون بموجب القانون النظامي رقم 2018- 005 الصادر بتاريخ 12 فبراير 2018، يعدل بعض أحكام القانون رقم 2012-027 الصادر بتاريخ 12 ابريل 2012 المتعلق بإنشاء لجنة وطنية مستقلة للانتخابات ورفع أعضائها مجددا ل 11 عضوا، يعينون بمرسوم صادر عن رئيس الجمهورية باقتراح من الأغلبية والمعارضة.
أما المجلس الدستوري فرغم إعادة تشكيلته وتجديد الأحكام الدستورية المتعلقة بعدد وطبيعة تعيين أعضائه، إلا النصوص القديمة المتعلقة بإجراءات دراسته للملفات وإشرافه على البت في النزاعات الانتخابية لا زالت ترجع للنظام رقم 1997-02 المتعلق ببعض الإجراءات المتبعة أمام المجلس الدستوري بالنسبة لانتخاب رئيس الجمهورية وغيره ، مما يجعل تطوير وتنظيم ومراجعة منظومتنا الانتخابية ملحا وضروريا جدا، وذلك بمراجعة المدونة الانتخابية من ألفها إلى يائها تفاديا للتكرار والتضارب وعدم الاطلاع عليها حتى، خاصة أن مهمة تنظيم الانتخابات أصبحت مسندة لسلطة مستقلة عن الإدارة المركزية للدولة، وقبل أن تتهيئ الظروف لهذا المقترح والذي يتضمن أيضا إعادة النظر في النظام الانتخابي نفسه من حيث التقطيع الإداري ومعادلة الحساب المعتمدة في توزيعه ونتائجه، ينبغي للجنة الوطنية المستقلة للانتخابات- على الأقل- أن تجمع هذه النصوص المنظمة لكل الانتخابات سواء كانت رئاسية أو تشريعية أو جهوية أو محلية، وسواء كانت تشريعية أو تنظيمية أو إجراءات عادية؛ تضمنتها مداولات اللجنة أو المجلس الدستوري ، تجمعها في مدونة تشكل مرجعا واحدا محينا ومنقحا يمكن الرجوع له من طرف الهيئات والأفراد المهتمين بالانتخابات تنظيما أو رقابة أو نزاعا أو دراسة، ويشكل إنجازا منشورا للجنة تبقيه للمتخصصين.
وهذا رابط التدوينة على حسابي في الفيس بوك :
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=2808093712597557&id=10000190...