كلمة الإصلاح وصلت في حلقتها الثالثة إلى تحديد سبب الكارثة التي يعيشها الشعب الموريتاني حاليا والتي طرأت في زمن هذا الرئيس المنتهية ولايته، وقد بينت الكلمة أن هذه الكارثة من أصعبها على المواطن تدهور الأمن الداخلي بانفلات الأمن بتفاحش كثرة الجرائم من قــتل بالسلاح الأبيض وأنواع التلصص بما فيه سلب المواطن أشياءه جهارا نهارا بدون رادع .
وكذلك تدهور الأمن الغذائي بترك الفقراء الموريتانيين دون أي أمل في مساعدة فيما قدره الله عليهم من الفقر والعوز حتى أصبح يمكن أن يطلق علينا مليون متسول .
ففقراء موريتانيا أصبح جلهم في الشوارع أمام الأضواء الحمراء طلبا للترزق من أصحاب السيارات على جميع أشكالهم أجانب ـ دبلوماسيين إلى آخره حتى أن متسولي موريتانيا تزاحموا مع اللاجئين السوريين في التسول حتى أزاحوهم عن الأضواء الحمراء ووقفوا مكانهم بنفس الشكل أشياخا عجزة عارضين لحالة يرثى لها من الجوع كأبنائهم وكذلك أنواع المعوقين إلى آخره .
هذه المظاهر لا يمكن لأي منافق أو متملق إلى آخر الدعاية أن يدعى أن هذه الحالة بهذا الشكل المزري في الإسلام وفي الشعب الموريتاني خاصة العفيف المتعفف أنها بهذا الشكل سبقت هذا الحكم أو لم تصبح تتجدد وتتوسع مع تقدم سنواته في الحكم : هؤلاء المتسولون في الشوارع النوع الأول .
أما النوع الثاني من المتسولين فهم أقوى قليلا من الأولين وهم متسولوا المساجد فجميع مساجد مقاطعات انواكشوط التسع الكثر: فلم يقل الإمام السلام عليكم إلا وقام خطيبان أو ثلاثة من المتسولين يعرضون أجسادهم المصابة أو حالتهم المرضية ويرفعون معها وصفات الأطباء الغالية الثمن يطلبون تسديدها زيادة على أنواع من الأرامل والأرملات يتجرءون على دق الأبواب أو دخولها على الأسر إذا كانت مفتوحة لطرح مشاكلهم مع العيش ويؤكدون على وجود كثير من العيال لا قدرة لهم على الإنفاق عليه وهكذا أصبحنا في هذه السنوات على أنواع من المتسولين ، زيادة على متسولي التملق والنفاق أي :
ـ درجة متسول ممتاز
ـ درجة متسول عادي
ـ درجة متسول في طريقه إلى الموت .
فالمتسول الممتاز هو المتسول بالنفاق والتملق وأنواع التبعية العمياء وأصبحوا الآن هم أصحاب المبادرات في الحملة فأصبحت الأسرة تتوزع على التسول بالحملات الرجل عنده حملة وكذلك زوجه وكذلك القبيلة وتنقسم في الحملات تريد الخصوصية إلى آخره
أي تعلم الشعب الموريتاني من الحكم العسكري أن لا حاكم في الدولة إلا شخص واحد فلا دستور ولا قانون ولا وزير فجميع ما عند هذه الدولة من الأرزاق احتله الرجل الخارج من الجيش بقوة( بزب) ولم يصل منه أي شيء إلا عن طريق الولاء المذل الذي يتجسد في الآتي :
إن كان الشخص مثقفا فليكتب مقالا يقذف فيه من ما يكره وتعلمه قي جميع حياته ، وإن كان ذو جاه فليأت بأهله وذويه يجرون أذيالهم خلف صاحب المادة أو خلف من يمكنه أن يوصل للقائد هذا الولاء المطلق وهكذا .
هذه الظواهر السيئة بدأت من سنة92 ابتداء الديمقراطية العسكرية الهوجاء الفوضوية ، إلا أنها استفحلت واشتد عودها حتى تنظمت وتجسدت ووقفت دون أي خجل في مكان الدستور والقوانين والوظائف السامية في الدولة سالبة الوزير والوالي والحاكم وجميع المسؤولين المدنيين مسؤوليتهم التي تسندها لهم القوانين.
ولذا فإننا نحن الآن نسمع للمترشحين وهم يلتزمون لكل شخص وكل هيئة بأنهم سيقومون بفعل كذا في شأنه وسيعطونه ويعطونه ويعطونه كأنهم سيرثون دولة لا قانون لها ولا حدود لمسؤولية في شأنها ، فهو يملكها روحا وجسما .
والآن أود أن أشرح السبب الرئيسي في تدهور الحالة الراهنة لموريتانيا بسبب فقدان الأمن الداخلي نهائيا والأمن الغذائي نهائيا كذلك ومن المؤسف أن هذين الضروريين للحياة الشعبية لم يتطرق إلى تحسين حالة الشعب فيهما أي مترشح ـ فقد حلق الجميع إما لزيادة الرواتب وإما إنهاء العنصرية وإما إصلاح التعليم إلى آخرة .
أما الوقوف دون قـتـل المواطنين في بيوتهم بالسلاح الأبيض وابتزاز اللصوص لهم في الشوارع وموت الفقراء في بيوتهم بدون أن يكون هناك هيئة اجتماعية مسؤولة عن الوصول إلى الفقراء لمعرفة عدم قدرته على إغاثة نفسه فمكان ذلك في الدولة هدمه حكام العسكر بالقضاء على الإدارة الإقليمية كما سنرى إن شاء الله .
وإذا نجح الأخ الغزواني وكان ترشحه امتدادا للرئاسة السابقة للمحافظة على ما أوصلها إليه الرئيس المنصرف من التنمية على مختلف الأشكال ـ فإذا كان الرئيس غزواني سينمي تدهور الأمن الداخلي وتقطيع المواطنين بالسكاكين وسيزيد المتسولين وكثرة فقراء المرض وموتهم في المستشفي دون تحمل دواء الفقير حتى في الحالات المستعجلة ـ فإنه سوف لا يكمل مأموريته الأولى إلا مع أرض موريتانيا جبالها وصحرائها وهواديها لا مع شعبها إلا بقايا المتملقين اللهم إلا إذا كان لا يريد أن يرى حيا معه إلا من يلبس البذلة العسكرية بجميع أنواعها ـ أما المدني فأيام حياته انتهت بعد السبعينات أو تدهورت حتى وصلت إلى سنة92 فانتهت صلاحية حياة المدني في السلطة الموريتانية أما أسباب ذلك كله فستتضح فيما يلي :
أولا : تدهور الأمن الداخلي : فأبسط مواطن يدرك أن رئيس الدولة هو الضامن في الدستور لحوزة حدود الدولة وضامن كذلك لحياة وأمن شعبها ونشر الهدوء والسكينة بين أفرادها وهذه المهمة لا يمكنه أن يتولاها هو بنفسه ولكن جميع الدول عينت لرئيسها في قوانينها هيئة تنوب عنه في هذه المهمة وأسمتها الإدارة الإقليمية وقسمت الدولة أرضها إلى ولايات ومقاطعات لتسهيل رعاية أمنها ويسهل كذلك نيابتها عن الرئيس في هذه المهمة حتى أضافت لها مراكز إدارية صغيرة فيها حكام يديرون قليلا من الساكنة نيابة عن الرئيس .
ولأجل هذه النيابة فقانون الدولة الصادر من المشرع أمر أي قائد مهما كانت رتبته في الجيش أو الحرس أو الأمن أن يخضع لأوامر هذا الإداري ولو كان العسكري جنرالا قائدا لأكبر قاعدة عسكرية فيها ثلاثون كتيبة ، فهو يحيي الإداري المدني تحية الاحترام وهذا القائد يسخره للأمن في الدولة رئيس إدارة المركز للتدخل في أي طارئ أمني أو كارثي، لأن هذا الأخير يمثل الرئيس القائد الأعلى للجيش والضامن للأمن في الدولة ويمثـله الإداري المركزي المدني ولا يمثـله الجنرال قائد المنطقة العسكرية ، والقوة العسكرية قوتها افتخارا للشعب لكن عملها يكون في الحدود وقوتهم موجهة سلاحها للخارج لا للداخل .
هذه الوضعية كانت تجعل الوالي والحاكم ورئيس المركز كلهم ضامن للأمن العام في الدولة والأمن العام هنا لا تقال للحفاظ على عدم وقوع الجرائم فقط بل للقيام بمراقبة الأمن : سياسيا واجتماعيا وثقافيا واقتصاديا إلى آخره .
وكل هذه المسميات يدخل تحت رعاية أمنها ما تتناوله فمثلا المجال السياسي يدخل فيه رعاية سلوك الأحزاب والتزامها بالقوانين والمجال الاجتماعي يدخل تحته القبائل والشرائح والأسر والوجهاء ، والمجال الاقتصادي يدخل تحته رعاية الأسعار وتأثر الفقراء بها ورعاية عدم إضرار التجار الكبار بالصغار ، والأمن الثقافي يدخل فيه التعليم ورعاية حضور الأساتذة إلى آخره وكذلك المؤسسات الدينية وتوجيهها واتصالاتها ونشاطها الخ .
كل هذه الحياة التي هذا نموذجا منها فقط هي التي يضمن الرئيس أمنها وحياتها ووجودها فوق أرضها وجودا مشرفا ، وليس عند هذا الرئيس لهذه المسؤولية إلا الإدارة الإقليمية وليست الإدارة العسكرية .
فالإداريون هم الذين يدرسون في مدارس الإدارة ما عليهم في هذه النيابة التي أعطتهم الدولة لتنفيذها قوة عسكرية أو شبه عسكرية الأولى تسمى الدرك وعملها مع بوادي الشعب والأخرى تسمى الشرطة وتعمل في المجال الحضري .
وهي تحت إمرة الإداري وليس عملها تحت أمر مدير الأمن الذي يقتصر دوره في إدارتها لوجتسيا وإحضارها للوالي جاهزة لعمله .
فالوالي هنا مسؤول أمام وزير الداخلية المسؤول رسميا أمام الرئيس عن تأمين كل هذه المجالات المتقدمة ولذا كان يجب أن يستقيل كل وال وحاكم ومفوض وقعت في حوزتهما جنابة ولا سيما إذا تكررت في الأمن الداخلي والأمن الغذائي والأمن السياسي والأمن الثقافي الخ .
كل ما تقدم في هذا التفصيل أعلاه جاءته الإدارة العسكرية وقضت عليه تدريجيا وتفاوت القضاء عليه حسب شخصية الرئيس العسكري الحاكم فإن كان هذا الرئيس لا يريد غرضا خاصا برئاسته بل جاءته الرئاسة هكذا مثـل العسكريين الأول ولا ينقصه إلا الجهل بالإدارة المدنية التي لم يتلق منها إلا الأوامر التي قرأها في القانون العسكري بالحضور لها ساعة وقوع الطوارئ وإرسالها لإخضاع تمرد مدني وهكذا .
هذا النوع من الرؤساء تدهورت معه الحالة الإدارية تدريجيا حسب فطنته وشخصيته وهذا ما عناه الشعب مع العسكريين قبل سنة92 دخول الديمقراطية وإدماجها مع نقيضها الإدارة العسكرية وعندئذ فسد جهاز الدولة كله بحثا عن الديمقراطية ففسدت الإدارة الإقليمية :ولاة ـ حكاما وفسدت قوة الأمن التابعة لها شرطة وحرسا ودركا وبقيت الدولة بين المنتخبين ينهشونها من كل جهة حتى هزلت وبان من هزالها كلاها وحتى ساوم الرئاسة كل مفلس .
فجاء هذا الرئيس وهي في هذه الحالة فظن أنه يستطيع أن يسيرها كلها وحده دون الإدارة الإقـليمية فقضى عليها واستولى على مسؤوليتها وقضى على الشرطة ومهمتها وقيل أنه عندما طلب منه القضاء عليها نهائيا قال التقاعد والموت كفيلان بالقضاء على هيئتها وفعلا ترك الاكتتاب مدة تسعة أعوام أثناء مسؤوليته ، والجميع استغنى عنه بالدرك لأنهم هم شرطة الجيش .
ولاشك أنه عند أخذه للمسؤولية كان في قـلبه الخيرات ويحب الخيرات وعازم على فعلها ولكن ما إن وصل 5 سنوات من مأموريته الأولى حتى أصبح في قـلبه الخير ويحب الخير ولا يبحث إلا عن الخير
وفهم أن المعارضة في الديمقراطية تقال للعدو الذي يريد أن يحتـل المواقع المتقدمة من الوطن فعاملها معاملة الأعداء المهاجمين .
وبانتهاء الإدارة الإقـليمية وقوتها انتهت نيابة هذه الإدارة في جميع المجالات أعلاه : سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثـقافيا .
وانتهت مراقبة الأحزاب ووجدت حرية التعبير الهواء الذي ترسل معه أفحش كلامها وأقذره بدون أي رقابة وفي الاقتصاد فمن يوم أخذه للحكم لم تخفض الأسعار ولم تزاد الرواتب مع أن الفقراء لا يعنيهم زيادتها ، فأصبح الأمن الداخلي مسؤول عنه اللصوص والفقر مسؤول عنه الأضواء الحمراء والمساجد والموت البطيء ونرجو هنا من المترشحين أن يأخذوا أسعار المواد الضرورية بما فيها الحوت ويعلنون للجميع ما سيتركه هذا الرئيس للفقراء من غلاء الأسعار .
أما عقوبة اللصوص فبالرغم من وجود الحكم الجنائي الإسلامي هو المقنن عندنا من يوم هيدالة جزاه الله خيرا وأثابه على خوفه منه حقا فلم يطبق منه حكم واحد بعده بل عاملنا أحكام الله كما فعل أهل الكتاب قبلنا (( ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون )) .
ولعدم استشارة أي أمني فقد قام هذا الرجل بسجن أصحاب المالية في بير أم كرين ، مع أنهم لا ضرر يخشى منهم بعد ذلك ولصوص القتل سجنهم جعله يجنب ضحاياهم ليسجنوا اليوم ويخرجون غدا للتلصص ويدخلون السجن ويخرجون للتلصص وهكذا فلم يستطيعوا أن يسجنوهم في المدن البعيدة ليبعدوهم عن مكان الإجرام .
ومن هنا أقول صراحة للمترشح غزواني عشتم مع زميلكم 40 سنة وفعلت فيها معه الخير والشر كما قـلتم في وداع الوزراء وبناء على ذلك فإن الشعب يناشدك وهو في هذه الحالة التي وصفنا آنفا أن تترك باختيارك هذه المأمورية لهذا الرجل الإداري المالي المدني صاحب الأخلاق التي تمنع من فعل السوء ولو كان مقدورا عليه كما تعلم من خلقك أنت التي أعطاك الله غرسا ثابتا في شخصكم الكريم مع علمنا لكفاءتك في كل أنواع الحكم ولا سيما العدالة الاجتماعية حتى يرد لنا المترشح سيد محمد بن بوبكر موريتانيا إلى الحظيرة الدولية يحكمها القانون وتفصل فيها السلطات وتختفي فيها إلى غير رجعة موالاة التملق والنفاق ومعارضة العداوة القـلبية الباغضة المبغوضة إلى النخاع ، ويعود الشعب الموريتاني كله إلى أخلاقه وطيبوبته وعفـته ووحدته إلى آخره ، وفي نفس الوقت يضمن لك الشعب في المأمورية القادمة بإذن الله إذا كان الجميع حيا أن لا ينازعك في المأمورية إلا ظالما ـ والسنوات الخمس سوف يمرون مر السحاب .
والآن أعود للشعب الموريتاني لأناشده أن يتوجه إلى صناديق الاقتراع وليس في قـلبه ولا في يده إلا التصويت لسيد محمد بن بوبكر ولا سيما أنتم سكان الأحياء الشعبية الفقيرة لتناموا بعد نجاحه غير خائفين من اللصوص لا في الليل ولا في النهار ، وليعلم الفقير منكم أين يذهب بوصفة دوائه التي لا يستطيع شراءها إلى آخره .
وأخيرا : فإني أقول للشعب الموريتاني إذا نجح المترشح غزواني ـ ورأيتم الرئيس المنصرف ذهب إلى الخليج ورجع والتقي مع غزواني وعاد إلى الخليج ورجع فعلى كل مواطن موريتاني يعرف أشخاصا من أي دولة أن يسارع إليها للعيش لاجئا هناك فمحور الشر كما قال الرئيس التونسي المرزوقي لا يصدر منه إلا الشر للشعوب عن طريق الدكتاتورية الأحادية والفتنة بين الشعوب والتنكر للإسلام الإلهي القرآني السني وإبداله بالإسلام الوراثي أو الإسلام المدفوع الثمن الموقوف صاحبه ساعة الموت مع الدكتاتوريين ليستمعوا إلى قوله تعالى (( وقفوهم إنهم مسؤولون ما لكم لا تناصرون بل هم اليوم مستسلمون ))