"صوت الناخب الذى يعكس إرادته الحرة " بحاجة ماسة للحماية؛ فالمال السياسي واستخدام النفوذ وضغط العوامل الاجتماعية وتوظيف الانتماءات الضيقة، تتناهشه حد الإجهاز عليه، لكن مقومات تحقق تلك الحماية تحتاج لجهد جاد ودؤوب يعتمد التبادل والتشاور بين كل الفرقاء وخارج أوقات الدوام السياسي الرسمي، أي شرط أن لا يكون بمناسبة انتخابات قائمة أو حالة، وأن يتوج بصياغة نصوص واعتماد إجراءات يحترمها الجميع، و تفرض عليهم.
"أصوات الشباب ما دون سن التصويت" تصدر عن حبالهم الصوتية (حس) وصحتها فيزيولوجيا تكون بعقلنة استخدامها فى المهرجانات والتظاهرات الانتخابية. ويستعان عند اعتلالها برأي الطبيب المختص.
سياسيا تحمى تلك الأصوات من خلال التنشئة السياسية السليمة.
أما " الصوت الانتخابي المجسد فى بطاقة التصويت" فحمايته فرض عين بالنسبة "للجنة الوطنية المستقلة للانتخابات "والهيئات القضائية (المجلس الدستوري بالنسبة للاقتراع الرئاسي) ولأجهزة الدولة كافة فى الإطار العام لمسؤولياتها.
أكبر فشل للمستقلة للانتخابات؛ أنها لم تستطع أن تتزحزح عن مرمى التشكيكات والاتهامات التى كانت توجه لإشراف طرف فى التنافس السياسي هو السلطة ممثلة فى وزارة الداخلية على الانتخابات.
لم يحترم تشكيل لجنة تسيير اللجنة التمثيلية المفروضة حسب نصها المؤسس، حتى يتسنى لها أن تضمن تفهم وسكوت الفرقاء السياسيين عن ما يقع من هنات أثناء سير العملية الانتخابية، مثل ما تحقق للمجلس الدستوري القائم، الذى فوق تمتع قراراته بقوة الشيء المقضي بحكم الدستور، ستحظى قرارته بقوة قبول إضافية مستمدة من تعدد الجهات التى اقترحت للتعين أعضاء تشكيلته الحالية.
كذلك لم تنجح اللجنة -وربما خارج إرادتها-فى جر أولئك الفرقاء للنظر لها كقيم على حسن سير العملية لا كخصم أو طرف منافس، ومن ثم التعاون معها لا الاكتفاء بانتقادها.
وضع المستقلة للانتخابات نفسها دائما فى موقع المدافع والمبرر لما يقع من خلل يرسخ مثل هذه النظرة، والمفترض لتغيير تلك الصورة النمطية أن تهتم اللجنة بكل الملاحظات بل وأن تطلبها وتطلب فوقها توجيهات واقتراحات ومشاركة الكل للتغلب على كل خلل تتم ملاحظته.
كذلك يتطلب تغيير الصورة أن تكشف للعلن حدود ما تمتلك فعليا من الاستقلالية التامة التى أعطاها القانون وعن مكامن ضعفها فى مواجهة السلطة، وأن تسعى بمساعدة الكل للحصول على استقلالية حقيقية ومكتملة المقومات خصوص فى المجالين المالي والقانوني.
حماية الصوت الانتخابي إذا، تحتاج: تعهد "مشروع الصوت الانتخابي" بالعناية قبل سن الرشد، من خلال توفير تنشئة سياسية سليمة. ثم لاحقا حماية "إرادة الناخب " المشكلة لصوته بتحريرها من كل إكراه.
وأخيرا، حماية "صوته الانتخابي المعبر عنه " من خلال توفير الضمانات اللازمة لأن تعكس نتيجة الاقتراع بصدق إرادة أغلبية الأصوات المعبر عنها فعلا.
لذلك، لا يعد تعهد أي طرف بحماية أصوات ناخبيه "تحديدا " حرصا على سلامة العملية الانتخابية أوخدمة للصالح العام، فحق التمثيل فى المكاتب الانتخابية وحضور عمليات الفرز والحصول على نسخة من محاضر التصويت أمور "متاحة " وتفي بالغرض، إذا لم يكن المقصود من إعلان ذلك التعهد التحضير لتبرير عدم الحصول على نسبة معينة حددت سلفا ووعدت بها الجماهير، دون مراعاة أن الأصوات المعبر عنها هى وحدها التى لها أن تحدد تلك الحصة.
التشكيك المسبق في نتائج الاقتراع لا يؤثر في مصداقية الانتخابات، فوحده الشك الانتخابي الذى له رصيد والقابل للصرف لدى جهة المجلس الدستوري يمكنه أن يرتب تعديل، الغاء، إعادة أو تحصين كل الانتخابات أو بعضها. أما شك غير ذلك، فلن يكون أكثر من "شيك بدون" رصيد، قد يصلح لتغطية مؤقتة على فشل انتخابي أو تبرير استمرار "رئاسة للفشل" أو هما معا، لكنه من الناحية السياسية والأخلاقية وعلى الأمد المتوسط قبل البعيد لا يصلح وسيلة لإبراء الذمة، أحرى أن يتأتى له حجب التزكية عن انتخابات ستفضي لأول تداول سلمي على السلطة يتربص به، يستحق التضحية وقد طال انتظاره.