لم تكن الحشود و الطوابير المُصاحبة لظِلال المرشحين الخاسرين أين ما حَلُّوا و أرتحلوا سوى دلالات مُبطنة على إنتصار أغلبية مهزومة تتربصُ بنفسها و لا تسِيرُ وفق خطط علمية للمُواجهة مما تسبب في شرخ كبير و أزمة في حكم الأغلبية "النمطية" لأقلية "رافضة"لقد أدى الصراع المحموم على امتلاك الشارع و تسويق إنتمائه لهذا الفسطاط تارة و للآخر تارة أخرى إلى أزمة ثقة بين المواطن و المؤسسات السياسيةأزمة من الخطأ و من الصعوبة بمكان القفز عليها أو تبويبها في خانة المعالجة المُتردية للفساد و تجزيئ المجزء و تقسيم المقسم مما يشغل الرأي العام و يعتبرُ رصده و الإهتمام به أولوية و عربونا للمصداقية و بناء لجدار الثقة المطلوبة. إن المُتمعن في المشهد السياسي الوطني لن يجد صعوبة في قراءته و إستنتاجِ أن كل الإجراءات و التدابير قد اتخذتْ لإظهار و تصوير العملية السياسية اصطفافا وراء السلطة و إستفتاء على نموذج من الحكم و طريقة للتدبير و التسيير تضمن الولاء السياسي لأكبر قدر من المواطنين و تمنح أكبر الفرص لإستمرار النموذج المراد لتسيير شؤون البلاد و الطريقة المثلى لدى الحكام للتداول السلمي على السلطة إن عدم الإلتفات إلى آراء الناس مهما كانوا أقلية خطوة أولى نحو الإنقسام السياسي و التنافر بين الفقراء و الطريق الأقصر لإستنساخ أزمة سياسية جديدة كما أن إمتهان عقيدة سياسية لا ينبثق عنها سوى مصالح ضيقة شخصية أو حزبية و لا تعتمد الا على المعارضة المطلقة لن تكون هي العقلية السياسية الأنسب لرعاية شؤون الناس و تحسين ظروفهم خصوصا أن الشارع كان يتطلع إلى ظروف ما بعد الإنتخابات ليجني حصاد إستعداداتٍ و حواراتٍ و تفاهماتٍ تابعها على مدى السنوات القليلة الماضية. لا شك أن "الصراع" المتوقع بين الأغلبية أو الرئيس المنتخب من جهة و بين المعارضة أو المرشحين الخاسرين من جهة أخرى ليس سوى صراع تنافس لا يتعلق بالوجود و لا ينتهج مبدأ الإقصاء تُغذي تلك الفرضية سرعة عودة الناس إلى حياتهم و هجر التنابز و تغذية الصراعات السياسية التي لا تقدم للناس و لا للوطن أكثر من ظواهر صوتية يجب أن نفترض النصر من أجل إنطلاقة دولة القانون و نتوقع الإحتكام إلى المواثيق و القوانين المنظمة للعلاقة بيننا كمؤسسات سياسية و أن نقبل بالحلول مهما كانت ناقصة أو جزئية فالوطن و همومه أولى من مشاغل الساسة و إستقراره لا يجب أن يكون مهددا ممن يحكمونه أو ممن حاولوا ذلك في مرحلة ما من مراحل حياتهم السياسية.