المشهد غامض ومخيف، والوطن يدفع فاتورة أطماع البعض من سكينته ، من مكاسبه ،ودخان الحقد ورائحة الكراهية النتنة تزكم أنفاس الشعب في عقر داره ، ورفقاء السياسة داخل الحلبة والمواجهة حرة ، والعواطف الجياشة كالطود العظيم توشك إن تطمر وشائج التاريخ المشترك وأواصر القربى ، لكن تجربة التعايش الآمن تدعم التمسك بنعمة الأمن وتحتفظ بالوطن ككيان واعد لشعب واحد ، جزء من سر وحدته في تنوع مكوناته ، وعصب ارتباطه في تمسكه بعقيدته ، بتقاليده الراسخة ، وبقيمه الأصيلة ، لذالك حرم الشعب التلاعب بوحدة الحوزة الترابية ، ورفض إشاعة الفتنة ، والبغضاء بين مكوناته ، وستهزم إرادة خيره غرائز أطماع الطامعين الحاقدين المتمرغين في طين حقدهم اللازب ، ومكائدهم الدنيئة ، فالحق باق والكذب زائل ، والوطن صامد في وجه المتآمرين ، والشعب صمام أمان ، ودعاة الشر شرذمة منبوذة تجارتها كسدت ، وآمالها تحطمت ، وجهدها سيخور، ونحن جميع منتصر بالحق والعدل والإنصاف ، ولن يحقق الأعداء مآربهم ولن نستسلم لمكر مكروه وزيف روجوه؛
كما أننا لن نرضى أن نكون جزءا من تبرير الظلم ، ولا أداة فرض الأمر الواقع ، فالتجاذبات الداخلية تسويتها بالحوار وتحكيم الوقائع ، وقبول الواقع ، واحترام معايير اللعبة الديمقراطية ، فكل تنافس يفضي إلى فائز، ومقابل كل فوز خسارة ، وتقبل النتائج أسلوب حضاري يبرهن على جدية ووطنية الخاسر، ومدي تقبله لجهد الغير، واستعداده لتشخيص أسباب الخسارة.
حينما ينهب الشارع ، وسكينته ، ويعبث بالمكاسب ، وتتلف محاصيل تجربتنا في العيش المشترك ، فحري بالوطن أن يكون خارج التغطيه ، ومن حق قوات أمننا أن تتقوقع على الوطن ، وان تحمي شعبه ، وارثه ، وتاريخه ، وان تميز ضيوفه من أبنائه ، حتى لا يظن الضيف المقيم ولا عابر السبيل ، أن احد غيرنا معني بشأننا ، فخلافاتنا لا تستدعي التدخل من احد ، ومن تدخل انتهك خصوصيتنا ، ودخل فيما لا يعنيه ، وحتما سيلاقى مالا يرضيه ، وقد أكدت أحداث احتكاكاتنا المؤلمة ، إبان لحظاتنا المظلمة ، أننا نرنو إلى تعزيز السلم ، ونكفكف دموع أثار الخطأ ، ونسعى بجد إلى تضميد جراحه ، وردم بؤره ، ونواصل ترنمت أهازيج الإخاء والعدل والمساواة ، فشعار الجمهورية يكون أكثر وضوحا كلما هدد أعداء الوطن ألوطن ، وكلما حاولت أيادي الغير العبث بعواطفنا ووظفت جهدها الخبيث في نكاية الجراح وإحياء ألنعرات وإثارة الحمية ، حمية الجاهلية البغيضة المرفوضة شرعا وعرفا وتقليدا .
على الطبقة السياسية الوطنية ، أن تجنح للتهدئة ، وان تحترم إرادة الشعب ، وان ترسخ قيم الديمقراطية ألحقة ، وعلي أجهزة أمننا ، أن تحدد بدقة نطاق استهدافها ، حتى لا تصيب بريئا ، أو تبرر ظلما ؛ وعلى الشعب أن لا يحمي الخونة ، ودعاة الفتنة ، فاعترافات المجرمين تنذر بهول المؤامرة ، وخطورتها ، لذالك يجب أن يكون الجزاء من جنس العمل ، وان لا نعيد الغرباء الحاقدين المتآمرين بيننا ثانية ، فجزاء من أراد بالأهل سوءا ، أن ينفى من الأرض ، وان لا يعود أبدا ، فلا حاجة للوطن في ابن خائن ، فكيف إذا كان ضيفا متطفلا وحاقدا وخائنا .