تبدو اللحظات سعيدة جدا ومبشرة بتداول سلطوي قوامه الانتخابات التى جرت في الأيام الماضية والتى تعكس تطورا كبيرا في المؤسسات الادارية والانتخابية بصورة مجملة مما ينبئ بأن ثمة تحولا حصل في التعاطى وقبول الآخر ونزوعه نحو ترسيخ الديمقراطية في بلاد تحتاج إلى التعاطى برؤية مختلفة عن الماضي التاريخي للأمة.
حقا علينا أن نهنئ الرئيس الجديد للسنوات الخمس المقبلة محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الشيخ الغزواني ونتمنى له السير قدما بالبلاد نحو مسارات تنموية واعدة بانتظارات اقتصادية متميزة تنعكس على المواطن والبلاد بصورة مجملة.
سيادة الرئيس كانت التعهدات على قدر التوقعات لبلاد تحتاج عملا جادا من النخبة الوطنية عامة دون إقصاء لأي كان مهما كان نوعه أو طبيعة مطلبه فاللحظة تستدعى تشاركا وإجماعا وطنيا نحو مرتكز عادل جامع لأبناء الأمة الموريتانية . مما يتطلب مجموعة من الملاحظات تتمثل في الآتى:
- إعادة الخطاب السياسي وفق نظر إجماعي: تحتاج مسألة القرار والقول فى تجديد الخطاب السياسي ورسم الاستراتيجيات العامة الكفيلة بذلك إلى كثير من التروي والخطاب المعتدل الباحث عن الأصول والدلالات التفكيرية والتفكيكية للمصطلحات ومعانيها المعرفية، بمنطق المعادلة الوطنية الباحثة عن الاجماع الوطني وفق مصالحه وضرورياته التى أنتجت ذلك الخطاب، الدال على رؤية جديدة وفقها تسير الأحوال وتقام الضروريات.
ولا يخفى ساعتئذ أن ثمة أمرا مقلقا طرح نفسه بإلحاح على أولي الأمر ممن يحكمون وينفذون متمثلا فى كيفية إنتاج مقاربة مفاهيمية جديدة على أساس منها يُتحرك ويُحكم دعما لفكرة التغيير الجذابة فى أصولها الدلالية، وشعارا مميزا للحالمين طالما رفع من أبناء هذا المجتمع.
على أن القول الباعث على الأمل يبقي مثالا يحتذى وفكرة تنشد غير أن مبلغها أو الوصول إليها يحتاج إلي سبر غور المختصين والدارسين الميدانيين والأقوال المبتعدة عن كل نزغ همه الإشادة بالقرارات دون فحص فحواها ولا مراميها الهادفة إليها فى ثوبها القصير النظر أو البعيد.
إذا السؤال المركزي يتمثل فى كيفية النهوض والتغيير الجذري؟.
مما يدرك سذاجة هنا أن التغيير المنشود أو المؤسس له، ليس مسألة فكرة براقة تشد إليها الأسماع وتتلقفها الآذان، بل هو عمل يحتاج حسب نظرنا إلى مميزات يجب أن يتصف بها وعلى أساس منها يتحرك ليتميز بمميزات المشروع النخبوي الذي وفقه يدمج الشباب من أولى الكفاءة وتغير الإدارات نحو الأحسن والأمثل، و أن يتحول من موضوع شعاراتي يتنزل فى مكارم الممدوح إلى موضوع قابل للتحقق والانجاز معناه ضرورة أن نتخطى قضايا من قبيل المحاصصة والأنماط التقليدية فى الحكم والتسيير، ومحاولة تغيير العقليات فى مدى زمني طويل ينشد كي تكون النتائج على مستوى التطلعات.
- مبدأ الكفاءات المتميزة حتى لا أقول الاستثنائية من أجل وضع استراتيجيات تخدم الصالح العام دفعا لسنة حميدة و درء لمفسدة تترآى فى ظل المتغيرات والأوضاع المعاشة.
- الابتعاد عن المحاصصات والطرح المصلحي والمجالي القابل للتحول بنيويا فى الأشكال المقدمة والشاذة اجتماعيا المقللة من أي تحول استراتيجي من هذا القبيل.
- النظر في المظالم التاريخية ومعالجتها وفق توافق مجتمعي ينبني على رؤية استراتيجية على المدى البعيد من خلال تجسيد فعل المواطنة وترسيخه وتوفير الضمانات الكفيلة بذلك.
- مراجعات عميقة للمؤسسات التربوية والأكاديمية وتماشيها مع الضرورات والواقع المحلي.
- تجديد الخطاب السياسي وفق منظور استراتيجي يعكس التحول الذي حصل في البلاد، ولعل الانتخابات الحالية تعكس ضرورة المسألة واستعجاليتها.
من المنطقي جدا وفق هذه المنطلقات أن يبحث عن هذه الرؤية الاصلاحية التى وفقها تسير الأحوال وتقاس غير أن الوجاهة تكمن فى المنطق الذي نريد والآلية التى نقيس بها ليظل الحدث المبتغى وسيلة مدركة تتضح معالمها مع مرور الأيام وعلى أساس منها تتحقق المنجزات فى كل الآفاق المنشودة، كي لا يظل الأمر دولة بين ثلة معينة تنتهج الطرح المناطقي والمصلحي فى فضاءه الضيق البغيض.
مساءلة التاريخ والتجارب مسألة ضرورية وحتمية كي تكون النتائج على مستوى التطلعات والمطالب الجمعوية لدولة العدل والمساواة، حيث يتساوى الجميع فى الحق والواجب، وهو ما أتمنى كغيري فى المستقبل الواعد لهذه الأمة.