من "الفِخاخِ" التي سقطت فيها المعارضة السياسية الموريتانية في السنوات الماضية، ما يأتي:
1-سقطت في "فَخِّ" انتهاج سياسة "الكُرسي الفارغ"، فقاطعت العديد من الاستحقاقات الانتخابية، سواء أتعلق الأمر بالانتخابات الرئاسية أم النيابية أم البلدية أم الجهوية.
وقد ترتّب على ذلك، تذمُّر وتمَلْمُل بعض قواعدها الحزبية ممّا أدّى-في نهاية الأمر-إلى التحاقهم بركب الموالين للنظام الرسمي القائم.
2-عندما قررت هذه المعارضة-وهي مُحِقة في ذلك- المشاركة في الاستحقاقات الرئاسية لسنة 2019م، سقطت في "فَخِّ" التشرذم، إذْ لم تستطع الاتفاق على مرشَّح موحَّد-من داخل أحزابها أو من خارجها-تُنَافِسُ به المترشِّح الذي حظِي بدعم النظام القائم والتف حول برنامجه طيف واسع من المبادرات وهيئات المجتمع المدني والمفكرين والمثقفين والكتاب والصحفيين والمدونين وأصحاب الرأي والمجتمع التقليدي، ممّا أدّى إلى تجاوز الأصوات التي حصل عليها في الشوط الأول من الانتخابات، مجموع الأصوات التي حصل عليها مرشحو المعارضة مجتمِعِين.
ومن المعلوم أن مترشحا ينجح في إقناع كل هذه الأطراف بشخصه وتجربته وبرنامجه، كان من المفروض أن يجعل المعارضة تقتنع بالبحث عن مرشح موحَّد قادر على منافسته (وهو أمر لم يحدث).
ينبغي اليومَ للمعارضة أن تستفيد من تجاربها السابقة، فتعترف بنتائج هذه الانتخابات التي فاز فيها السيد/ محمد ولد الشيخ الغزواني، وتبادر إلى تهنئته وتضع يدها في يده من أجل أن يشارك جميع الموريتانيين (موالاة ومعارضة ومستقلين) في استكمال ما تحقق من إنجازات.
وبذلك تحمي المعارضة نفسها من السقوط في "فَخِّ" عدم الاعتراف بالنتائج الصادرة عن المجلس الدستوري، لأنها غير قابلة للطعن، وتساعد الدولة-في الوقت نفسِه- على إشراك جميع الطاقات البشرية الوطنية في عملية البناء الشامل (الاتحاد يصنع القوة).
إنّ عدم الاعتراف بهذه النتائج، يعني العودة إلى "المربَّع الأول" المتجسّد في تجاذبات سياسية حادة ليست في مصلحة الوحدة الوطنية، ولا الأمن والاستقرار، ولا تخدم عملية النهوض بالبلد.
لقد أعرب الرجل غير مرة (أكثر من مرة) عن استعداده لفتح صفحة جديدة مع كل الطيف السياسي، وانفتاحه على جميع الآراء التي تصب في خدمة الوطن.
ثمّ إنّ نجاح الرجل بنسبة 52 في المئة فقط، يجعل هذه الانتخابات تَحْظى بحد مقبول من المصداقية، وكلنا نتذكر النسب المئوية (99 في المائة) التي كان-إلى عهد قريب-ينجح بها بعض الرؤساء في العالم السائر في طريق النمو الذي تنتمي إليه بلادنا.
نرجو من الإخوة الكرام في المعارضة (وكلهم من أبناء الوطن المؤتمَنين عليه)، أن يقفوا وقفة تأمّل من أجل تقويم الواقع المَعِيش واتخاذ الإجراءات المناسبة للتعامل مع هذا الواقع.
حفظ الله بلادنا من كل مكروه، ووفقنا جميعًا لما فيه الخير.