كان علي هذا المكتوب أن يتناول الفرحة بعدما تم تنظيم انتخابات لم يقاطعها المعارضون وتجري بين متنافسين ليس منهم الرئيس الحالي.
ووددت في المقام نفسه لو ساهم كل ذلك في زيادة السلم الاجتماعي لا أن يحصل العكس فنخلق عندنا فوبيا انتخابية .
أما الانطلاق من حجم الحضور في التظاهرات وأنه حتما ينعكس على نتيجة الاقتراع فلا أري أن ذلك يمكن البناء عليه لأنه باختصار فهم سقيم.
فعلينا أن ندرك أنه لو كان الحضور في التظاهرات السياسية مقياسا انتخابيا ما نُظَمت الانتخابات أصلا واكتُفِي بحساب وعدّ حاضري المهرجانات.
ومع أن ذلك مناف لسريّة الاقتراع التي تعدّ ركنا أساسيا في الديمقراطية حيث يُسمح للفرد بالقيام بواجبه بكامل السرّية فهو أيضا غير واقعي حيث الأفراد يحضرون كافة المناسبات :فلمن نعدّهم؟
علينا أن ندرك أيضا أن من أمارات الشفافية عدم القدرة على أن نتنبأ بالنتائج و هذا ما تم بالفعل فقد رفعت النتائج من شأن البعض ولم تفعل بالبعض الآخر بل جاءت عكس ما كان يُتصوَر.
كما أن المال السياسي قد حُدّ من سلطانه في ظاهرة جديرة بالتقدير فالنتائج المتحصل عليها لم تماشي مستوى الإنفاق لدي المترشحين .
ومع أن المطلق صعب الوصول فموضوعيا تم تنظيم اقتراع مقبول في أدواته :لجنة مستقلة ومراقبين من مستويات مختلفة وممثلين للمترشحين في كافة المكاتب التي نيفت علي ال3500 .
أضف إليه أن ملاحظات المترشحين أو بعضهم كانت أقرب إلي الثناء علي الظروف عموما منه إلي النقد حيث لم يصرّحوا باقتراف أي غش انتخابي بل طالبوا بنشر المحاضر لمقارنتها بما لديهم.
وكنت قرأت عن أحد زعماء المعارضة تأكيده مطابقة المحاضر التي بيد ممثلي المترشحين وتلك التي صدرت عن اللجنة المستقلة للانتخابات ,ألا يدعم هذا الشفافية؟
ومن جهة ولأن الديمقراطية تكون وليدة ثم تنمو مع التجارب والتراكم فينبغي جعل ذلك في الحسبان وتسجيل البعد الجوهري الملفت في هذا الاستحقاق وهو أن الرئيس الحالي ليس ضمن المتسابقين .
ولئن كان تم التغاضي عن التظاهر باللون في الحملات واعتبار أن ذلك يزول مع الزمن فالذي لا يطاق والمحيّر في نفس الوقت هو جنوح البعض إلي التعبير عن عدم الرضي بطريقة عنيفة لا تراعي المصالح العليا للوطن والمواطنين, مع أن النصوص تكفل الطعن وأنه في الاستحقاق الماضي أُعيد الاقتراع والعدّ في مقاطعات ما يجعل التّأسي به أمرا واردا.
إن الآفة الحقيقية للديمقراطية هي العنف والعجلة علي النجاح وعدم المراهنة علي عنصر الزمن:ففي الغرب لا يبلغ المرشح مراده إلاّ بعد عشرات السنين .
إن استعجال النصر لا يضمن الأخير بل يجعله أبعد ما يكون وإن العنف الانتخابي لا يُنمّي في الناس حبّ الديمقراطية بل يجعلهم يخافون من ما يحمله قابل الأيام.
لقد بات لزاما علي العقلاء بدء البحث عن حل المشكلات المتمثلة في الميل إلي الانتخاب علي قاعدة اللون والجنوح إلي العنف الانتخابي وتصعيد التوترات الاجتماعية من خلال المزايدة بالقضايا العرقية.
آمل أن ما يتم الآن مجرد موجة عاطفية وأن إحساسي هذا هو فقط من باب كون الشفيق يولع بسوء الظن .
أدام الله عافيته علي الجميع ...يل إلي ادء البحث عن حل المشكلات راطي