كلمة الإصلاح كانت قد قدمت في ملاحظتها الأولى عن الانتخابات ما لخصت فيه طبيعة الرئيس الموريتاني الحالي المنصرف المنتظر والحالة التي وجد فيها موريتانيا ، وما قام به من أوليات الإصلاح
والآن سوف نلخص ذلك ونكتب عن الضروريات المهمة في الدولة والتي لم يـلتفت نظر هذا الرئيس المنصرف المنتـظر إليها ،أما التلخيص لعمل الرئيس فهو كما يلي :
أولا : هذا الرئيس وجد دولة موريتانيا على وشك السقوط نهائيا نظرا للتداعيات الخارجية لأحداث 98 وتلافيها بأحداث الديمقراطية الفوضوية المدمرة من طرف الرئيس آنذاك .
ثانيا : تلافي هذا الرئيس للحياة في موريتانيا وقع بصفة شخصية جدا أي بتصوير أن موريتانيا بجميع ما يطلق عليه الدولة الموريتانية هو ملك شرعي خاص به ووجد في الديمقراطية الفوضوية سندا قويا لاستمرار ذلك .
ثالثا : أول ما اجتمع في دماغ هذا الرئيس من أولويات الإصلاح هو تقوية الجيش والأمن الخارجي وأن الاستعانة بذلك تكون في تحصيل الأموال من أنواع الضرائب التي كانت مهملة في زمن الديمقراطية الفوضوية ، وكذلك الاحتواء بصفة مباشرة بواسطة المنفذ المباشر على جميع مداخل الدولة برا وبحرا وجوا وقرضا وهبة إلى آخره فوضع يده على ذلك كله بواسطة المنفذ المباشر وتعنى الموظف الذي يعينه على أي مرفق يدر دخلا ويكيف كل ذلك على الأوامر الخاصة للرئيس وقد وجد خبـيرا في المالية مطاع ثم منـفذ للأوامر .
هذا الرئيس يسجل له أنه شجاع ومقدام ، وأنه إذا قال أنفذ بمعنى أن أكبر ما يمدح به أهل الدنيا رجل الدنيا في القيادة الأحادية يصلح مدحا مستحقا له .
أما الضروريات في الدولة التي لم يـلـتـفت إليها أبدا ــ وحتى كتابة هذه السطور ـ وهي المحتاجة لبدايتها بالأولوية من هذا الرئيس الناجح فهي :
أولا : الفقراء ـ ثانيا : الأمن الداخلي ــ ثالثا : التماسك الاجتماعي داخل الدولة الموريتانية .
وبذلك سوف نوضح ما يمكن إيضاحه في هذا المقال راجيا من الناجح الجديد مهما كانت علاقته بهذا الرئيس المنصرف المنتظر أن يبدأ للشعب الموريتاني بنفخ الروح في هذه الضروريات التي سوف يجدها في رمقها الأخير ، وتفصيل ذلك في الآتي :
أولا : الفقراء : يتفق جميع الموريتانيين أن أكثر الشعب الموريتاني يعيش في الدرجة الأخيرة من الفقر وأن ذلك ظهر في كثرة التسول حتى أصبح جله متسولا في الشوارع والبيوت والمكاتب ويعم جميع أنواع الشعب .
فالرئيس المدني الأول في زمنه بالرغم من أن موريتانيا آنذاك أكثرها يعيش في الريف والعيش في الأرياف بسيط وكانت موريتانيا آنذاك غـنـية في بواديها بثروتها الحيوانية ، إلا أن الفقراء القلائل في المدن عندهم ضمانات في البلدية فكل فقير أثبت فقره يتداوى على ضمان صندوق الضمان الاجتماعي .
وعندما وصل العسكريون للحكم حتى الآن وجاء الجفاف وأجبر الجميع على الهجرة إلى المدينة ليعيش فيها أسوأ فقر قي حياته لم يلـتـفت أي رئيس عسكري على فقراء الدولة مع كثرة المواد التي تجنيها الدولة منها ولاسيما هذا المحيط الذي أودعه الله فيه من عيشة المساكين من اللحم الطري لو وجد لذلك رئيس واحد يلـتـفت إليه بل جعلوه عيشة طيبة لأغنياء الدول الأجنبية لتنفقه على شعبها ، أما فعل هذا الرئيس في الموضوع فمن انقلابه الأول لم يخفض الأسعار بل كان كل شهر يرفع أسعار البنزين ليرتفع سعر الجميع نفقة وتـنقلا على الفقراء وعند انخفاض أسعار البنزين عالميا هو وحده في موريتانيا استمر سعره لتدوم المعاناة ، ولذا فإن الفقير الذي لا وسيلة له للتأمين الصحي ، فأناشد الكتاب والمدونين ومن يهتم بأمور الفقراء طلبا للأجر في الآخرة أو كان فاسقا يهمه حق الإنسان في الدنيا أن يزور المستشفيات ليجد الأشخاص الفقراء المعطلة جراحاتهم حتى يكملوا ملفاتهم وهكذا من ما يؤلم المطلع عليه ، والاستثناء الوحيد هو فتح حوانيت أمل والمنتفعون بها هم الموظفون فيها وقليل جدا من الفقراء استطاع الوصل إليها وفي مواد خاصة .
ثانيا : الأمن الداخلي : عندما وصل هذا الرئيس إلى الحكم تيقن أن سبب تدهور الحالة في موريتانيا هو الإدارة الإقـليمية وهيئة الشرطة والواقع أن هذين المؤسستين التي تتبع أحدهما للأخرى هما صمام الأمن الداخلي في كل دولة ولكن هذا الرجل ضربهما بعصى واحدة وحذفهما من مهنتهما الفعلية بدون بديل وترك بين اللصوص والمواطنين ولا سيما الفقراء وجعل سجن اللصوص مجاورا لضحاياهم لينـقضوا عليهم في أي فرصة خرجوا فيها وما أكثر خروجهم ليأخذوا سكاكينهم لابتزاز المواطنين لأخذ ما عندهم من المتاع حتى أصبحت جنايات القتل بالسلاح الأبيض والغصب عادية عند المسؤولين ولا تلفت نظر وزارة الداخلية .
وظن الرئيس لعسكريته أن هيئة الدرك تغني عن الشرطة وأن هيئة الحرس العاملين مع الإدارة الإقليمية تكفي لتسوية مشاكل المواطنين فيما بينهم .
وهكذا تدهور الأمن الداخلي ، ومن الغريب أن هذا التدهور لم يلـفت نظر هذا الرئيس حتى الآن .
ثالثا : الحالة الاجتماعية : فقد استفحلت الدعوات العنصرية حتى كادت أن تعصف بالدولة ككيان لولا المسحة الإسلامية التي تعم جميع المواطنين في موريتانيا بيضا من أي جنس وسودا من أي جنس كان .
ومع هذه الميزة الخاصة بهذا الشعب في التضامن والالتحام فإن كل شريحة أصبحت تطالب بأن ترى نفسها في كل تعيين .
وهذا الرئيس لم يلتـفت على معالجة هذه الكارثة التي تركها تستشري في هذا الشعب الذي تكوينه لا يتحمل صفعة واحدة عنصرية تفكك نسيجه الهش لولا الإسلام .
وهذه الضروريات الثلاثة لا تستطيع كتيبة برلمان ولا مثقف لا يطلب الكرامة بثقافته ولا نافذ في قبيلته المعروف في ولايته باسمه أنه مع كل سلطة قادمة يدعون لهذا الرئيس الالتفات إلى هذه الضروريات .
ونظرا لهذا كله فإني أقول وبصراحة للمترشح الناجح أن موريتانيا ترأسها ثمانية رجال قبله أربعة منهم مر عليهم اسم السيد الرئيس ولكن جاء بعده اسم الجنازة وأربعة مازالوا أحياء يسمعون اسم السيد الرئيس وينتظرون الاسم الآخر وقطعا ستسمع الناس به قريبا .
وعليه فإن في القرآن كثير من الآيات تصف مصيركم أنتم وصديقكم ولكن هذا الوصف ذكره الله للتحذير من تلك الصحبة التي كانت في غير الله يقول تعالى (( ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون )) .
وكما قـلتم في خطابكم الأول أنكم تعرفون ما في العهد فموسى عليه السلام وعلى نبينا الصلاة والسلام عاهد الله أن لا يعين ظالما في قوله تعالى (( رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين )) .
ومن هنا أنبهكم السيد الرئيس المنتخب أن هناك مثل شعبي يعبر عن حقيقة :على كل مسلم أن يجعلها نصب عينيه وهي ( ل ماه ماش أمعاك لا علك لك ) .
وبذلك أنبه سيادتكم أن زميلكم هذا اختار طريق الظلمة في المشرق العربي فجلهم قدوة لكثرة المال والحكم الأحادي ونبذ المساءلة الأخروية وراء ظهورهم فالخطر كل الخطر سلوك تلك الطريق التي تعبر عن طول الأمل في الحياة ، والحياة شركها النهائي يحيط بالشخص من كل جهة ((ولات حين مناص )) .
فنرجو للرئيس المنصرف المنتظر الرجوع عن ذلك إلى الطريق المستقيم ونرجو من الله نيابة عنكم أن يعينكم على أن يرى فيكم الموريتانيين شخصا عصاميا :فمن كان يعرفها عنكم فلتصدقه بإبدائها ومن لا يظنها عليكم فتكون رافعة لكثير من السمعة الأخرى يعرفها الجميع عنكم حتى يقول لسان حالكم للجميع:
نفس عصام سودت عصاما ** وعلمته الكر والاقـداماوأخيرا فالله يقول للجميع (( إن ربك لبا لمر صاد ))