ثار جدل كبير داخل الساحة التعليمية والإعلامية بعد الإعلان عن نتائج الباكلوريا يوم الاثنين 15 يوليو الجاري، فتم الحديث خلاله عن الأسباب التي جعلت نسبة النجاح في هذه المرحلة الدراسية الحساسة هي الأضعف في المنطقة.
لم أجد ما أسهم به في هذا المجال لأن كل الآراء تم استعراضها وكل المعضلات تم سردها وكل الحلول قد تم طرحها بحسب ما نشره أهل الاختصاص والبحثة، ولم ألمس في كل ذلك عزاء يواسني وأنا أشعر بألم لا أستطيع تحمله مرده الخوف على مستقبل هؤلاء الطلاب وما قد يجره فشلهم في التعليم على المجتمع والدولة في قادم الأيام.
لن أزيد على ما تم تداوله في الموضوع غير أني أردت في هذا الظرف الصعب أن أبحث عن الآفاق المستقبلية التي يمكن أن توقف تمدد هذا الإشكال حتى لا يتسرب إلى بناة المستقبل. لعل ذلك يخفف من وطأة الانزعاج الناجم عن هذه النتائج.
ارتأيت أن أقدم قراءة متأنية في الجزء الذي يخص التعليم النظامي في برنامج الرئيس المنتخب محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الشيخ الغزواني، والذي تعهد من خلاله بأن يجعل المدرسة تستعيد دورها، حقلا للقيم الجمهورية؛ ودعامة للوحدة الوطنية. وذلك عبر "إصلاح جذري للنظام التربوي، يتيح لكل طفل في سن التمدرس الانتساب إلى مدرسة عمومية حديثة لإعداد أجيال المستقبل تتحمل المسؤولية اتجاه البلد وتواكب تحولات العصر".
غير أن الرئيس المنتخب وهو يسطر هذه الرؤية كان على يقين بأن "مدة خمس سنوات لن تكون كافية لإصلاح الخلل في منظومتنا التعليمية. ومع ذلك فهو مصمم على الشروع بدون أي تأخير في تنفيذ الإصلاحات الضرورية لإرساء قواعد المدرسة التي نحلم بها جميعا لأجيالنا الصاعدة".
وبعد تشخيص معمق لكل الجوانب التي يجب أن توفر للطفل من أجل أن يكون مؤهلا لتلقي تعليم منطلق من التعاليم الدينية بما تحمله من قيم نبيلة ، وثقافة مجتمعية يغذيها الانسجام الاجتماعي النابع من التعدد العرقي للبلد. فقد أكد الرئيس المنتخب أنه لن يدخر جهدا في إيجاد "مدرسة توفر لكل فرد فرصة اكتساب المعارف والمسلكيات والمهارات التي تضمن له النجاح في حياته الشخصية والمهنية، طبقا لقدراته واختياره الذاتي".
وأكد البرنامج الانتخابي على أن ضرورة توفير البيئة الملائمة للمعلم من أجل قيامه بالمهام الموكلة عليه على أكمل وجه، ثم تعزيز البنية التحتية من خلال بناء مزيد من المؤسسات التعليمية.
ومع التشخيص المعمق الذي طالعناه في البرنامج الانتخابي للرئيس محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الشيخ الغزواني والذي قدمه للشعب الموريتاني ونال عليه ثقة أغلبية الشعب فإننا نجده يلح في طلب مساعدة الجميع من أجل تجسيد هذه الرؤية التعليمية المميزة، مؤكدا أنه لا يمكن له الوفاء بهذه التعهدات إلا حين تكون "القوى الحية في البلاد. وفي مقدمتهم المدرسون ونِقاباتُـهم، وآباءُ التلاميذ ومنظماتُـهم، وتشكيلات المجتمع المدني لا سيما المنظمات المهنية وهيئات أرباب العمل" عونا له على ذلك. وهذا يعطي انطباعا حسنا أن الرئيس المنتخب يقدم رؤية متكاملة عبر ثلاثية التلميذ والمدرسة والمعلم، معززة بالدور الرقابي للنقابات والذي سيسلط الضوء على مكامن الخلل ومواطن العجز، وكل ما سبق يؤكد أن أجزاء هذه المنظومة ستنال ما تستحق من عناية حتى يكون البناء قويما، والغرس مثمرا، وحتى تأتي المؤسسة التعليمية أكلها كل حين بإذن ربها.