هذه ليست موريتانيا التي نريد /محمد المختار ولد محمدفال

محمد المختار ولد محمدفالبعد رحلة تزيد علي نصف قرن، هي عمر الدولة الموريتانية، من المنطقي أن نتساءل عن حصيلة الإنجازات وعن حجم  ما تحقق علي الأرض ونقارن بين حالنا اليوم  وآمال الجيل المؤسس، لنتمكن من الحكم الموضوعي علي مسيرة لم تكن دائما من صنعنا ولا كانت خطوطها العامة تعبر

 عن خياراتنا، مسيرة دشنت بتهميش المقاومين وازدراء تاريخهم،  وغيبت خلالها هوية المجتمع وبرز عبر محطاتها المختلفة الإصرار علي اجتثاث حضارة الشناقطة  من الوجود، بلد كان البناء فيه للمجهول، بفعل تغييب الخيارات الشعبية والأولويات الوطنية.

هكذا كانت المسيرة وهذه هي بعض تجلياتها الماثلة: بلد يناقض دستوره في كل شيء ويؤدي اليمين القانونية فيه حماة هذا الدستور باللغة الفرنسية، ليصبحوا بعد هذا القسم أفضل حراس لهذا الدستور ويكتب فيه الرئيس إلي مرؤوسيه باللغة الفرنسية  ويوقع الإتفاقات الملزمة له بالفرنسية، بلد ينال المواطن فيه حظوته بمجرد إجادته للغة جلاد الأمس ومنتهك سيادة الحاضر،بلد يفاخر فيه ابن عميل الإستعمار بعلاقة" الوالد" بالمستعمر الغاصب لخيرات الوطن والمذل لعلية القوم والمتنكر لحقائق المجتمع والمسؤول عمليا عن التناقضات والتوترات التي نتجرع اليوم مرارتها بوتيرة تكاد تكون يومية.

فعندما أقسم أعضاء من المجلس الدستوري علي نص قسم صيغ باللغة الفرنسية، فهمنا بعدها لماذا تمت مباركة هذا المجلس لعملية الإلتفاف علي قراره اتجاه شرط التقدم في العمر لمن يشغل منصبا في اللجنة المستقلة للإنتخابات الذي أفرزه " الحوار الوطني" والذي استفز شباب البلد وأشعرهم بالتمييز وبالتنكر لحقيقة أن  " الخير كله في الشباب" وهو خيار قد يتحول إلي نقيضه عندما يصبح هذا الشباب أكبر معول للهدم ما دامت جميع الأبواب موصدة أمامه بإحكام داخل وطنه ومن طرف بني جلدته.

هذه إحدي المحطات التي استفزت أغلب المتابعين للشأن الوطني  ومن البديهي أنها لم تكن الأولي ولن تكون الأخيرة مادام شعبنا يستكين لهذه الملهاة التي يمتلك لمواجهتها كل الحق وهو قادر علي أن يقلب الطاولة فوق رأس كل حاكم لا يحترم قيمه وحضارته ولا يقيم وزنا لمطالبه وخياراته التي ضمنها في دستوره وله الحق كذلك في أن يصرخ في وجه الجميع ويعلن أن هذه ليست هي موريتانيا التي نريد.. ، وبدون هذا الخيار فإن كل مواطن سيجد نفسه في البداية والنهاية مسلوب الإرادة منتهك الحقوق، يعيش في بلد تزداد غربته فيه وسيكتشف متأخرا أنه صمم -علي ما يبدو- لشعب غيره ولأجندة قد تخدم كل طرف إلا هذا البلد ومواطنيه.    

15. يناير 2012 - 9:32

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا