كانت الانتخابات الماضية تجربة ديمقراطية ناجحة بامتياز حيث ترشح لها ستة مترشحين من أبناء الوطن حاول كل واحد منهم بطريقته الخاصة وبدون قيود كسب ثقة أغلبية الشعب الموريتاني الذي هو مصدر السلطة -حسب الدستور- وفاز فيها في الشوط الأول فخامة الرئيس المنتخب محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الغزواني بنسبة تتجاوز 52%من أصوات الشعب الموريتاني بمختلف مناطقه وفئاته وأعماره وقد تم إجراء هذه الانتخابات من طرف اللجنة المستقلة للانتخابات في مناخ جيد ومناسب حسب شهادة المراقبين الدوليين والإقليميين والمحليين الذين جاؤوا من أجل تسجيل أي ملاحظات على مجرياتها فقاموا بزيارات ميدانية لمكاتب التصويت اطلعوا من خلالها على طريقة سير العمليات الانتخابية وآراء ممثلي المترشحين الستة.وبما أن هذه هي الانتخابات الأولى في تاريخ البلد التي سيسلم السلطة فيها رئيس منتخب لرئيس منتخب بطريقة ديمقراطية سلمية وسلسة فسيكون لتنصيب هذا الرئيس في الأسبوع القادم أهمية كبرى وحدثا استثنائيا يستحق الكتابة والتخليد في صفحات الذاكرة السياسية الموريتانية.فقد تأكد حتى اللحظة حضور عدة رؤساء وملوك من أنحاء العالم لمراسيم حفل التنصيب ليحتفلوا معنا بتتويج هذا العرس الديمقراطي الجميل وربما للاستفادة من تجربتنا الرائدة في المجال لأن أغلب الدول لم تصل بعد إلى ماوصلنا إليه من نضج سياسي خاصة الإفريقية منها وهؤلاء الملوك والرؤساء سيشهدون أيضا على الانتقال الشرعي للسلطة ومايترتب عليه من صلاحيات تستمد قوتها من صناديق الاقتراع.وعلى المستوى الوطني فقد اشترط الدستور في المادة "29جديدة"حضور ممثل السلطة التشريعية والسلطة القضائية وممثل هيئة الفتوى والمظالم وحضور المجلس الدستوري الذي هو الحكم بين تلك السلطات لأداء الرئيس اليمين الدستورية على النحو التالي:"أقسم بالله العلي العظيم أن أؤدي وظائفي بإخلاص وعلى الوجه الأكمل وأن أزاولها مع مراعاة احترام الدستور وقوانين الجمهورية الإسلامية الموريتانية وأن أسهر على مصلحة الشعب الموريتاني وأن أحافظ على استقلال البلاد وسيادتها وعلى وحدة الوطن وحوزته الترابية.وأقسم بالله العلي العظيم أن لا أتخذ أو أدعم بصورة مباشرة أو غير مباشرة أية مبادرة من شأنها أن تؤدي إلى مراجعة الأحكام الدستورية المتعلقة بمدة مأمورية رئيس الجمهورية وشروط تجديدها الواردة في المادتين 26 و28 من هذا الدستور.وبعد أداء اليمين مباشرة يتسلم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني مهامه الدستورية كاملة غير ناقصة ليبدأ في إنجاز مشروعه الانتخابي البناء الذي تعهد به في فترة الحملة وتشكيل حكومة كفاءات وطنية تقوم بمساعدته في إنجاز تعهداته.ولا يستشير رئيس الجمهورية في تشكيل الحكومة إلا الوزير الأول علما أن استشارته شكلية ولا يترتب على تخلفها أي أثر وله الحق من باب التفضل لاعتبارات سياسية أو شخصية أن يستشير من يراه أهلا للمشورة.ويتطلع الشعب الموريتاني وخاصة نحن الشباب لإنجاز ما تعهد به من إشراكنا في تسيير الشأن العام للبلد وتوفير تأمين فرص عمل أكثر وخلق اقتصاد قوي والنهوض بالتعليم والصحة إلى مستوى عال والقضاء على الفقر والمرض عن طريق استيراتيجيات تواكب التطور الحاصل من خلال الانفتاح السياسي ومفرداته المتنوعة بما في ذلك دمقرطة الحياة السياسية وتكريس مبدأ دولة القانون وفكرة الحكامة الجيدة ونظرية الحكم الرشيد وفلسفة التنمية المستديمة ومذهب العقلنة الاقتصادية وتطبيق الليبرالية بصورة متوازنة تسمح للقطاع العام بالتطور وتشجع القطاع الخاص على الإنتاج والمشاركة في تحقيق النمو المتوازن وتفتح الباب أمام مختلف شرائح المجتمع للاستفادة من الفرص التي يوفرها القطاع العام والخاص على حد السواء.
بقلم زكرياء ولد العالم قانوني وشاعر