أما آن للتعليم أن يصلح؟ (3) / المختار بن آمّين

أما آن للتعليم أن يصلح؟ (3) / المختار بن آمّين

بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه.

أما بعد فهذه الحلقة الثالثة من هذه السلسلة، أخصصها للحديث عن المعلم، وهو – بالاتفاق - نقطة الارتكاز في العملية التعليمية، وإن أي إصلاح لا ينبثق من معلم مخلص هادف متحمس متفرغ لعمله محب له فهو بالضرورة فاشل.

وأول مقترح في هذا الصدد هو إلغاء تلك الطبقية في التعليم بين "معلم" ابتدائي موظف على أساس شهادة الإعدادية أو الثانوية، و"أستاذ" إعدادي أو ثانوي، موظف بالشهادة الجامعية، واستبدال هذا النظام بما هو مطبق في أغلب دول العالم باعتماد مستوى تكويني واحد لا يقل عن أربع سنوات بعد الثانوية (بغض النظر عن اسم الشهادة) يترقى فيه أصحابه بالرتب الوظيفية (كحال القضاء والأمن مثلا) ويوجه كل إلى الميدان الذي تراه جهة الإشراف حسب المصلحة العامة.

وثاني الاقتراحات المتوقعة بداهة هي رصد راتب كاف للمعلم – ولا أقول: رفع راتب المعلم، إذ ما يخصص له عندنا لا يستحق الاعتراف به راتبا – وقد سئل مسؤول ياباني عن سر نهضة بلده مع شح الثروات الطبيعية، فأجاب: لقد أعطينا المعلم حصانة الدبلوماسي وراتب الوزير!

وفي ألمانيا – التي خرجت محطمة بعد هزيمتها في الحرب العالمية - اعتُمد برنامج تأهيلي يعتمد بالأساس على التعليم، والمعلومات المتدولة عن رواتب التعليم في ألمانيا تقول إن راتب معلم المرحلة الابتدائية 54 ألف يورو، بينما يصل راتب معلم المرحلة الثانوية 70 ألف يورو، أما المعلم صاحب الخبرة والتجربة فقد يصل راتبه إلى 113 ألف يورو!

وبالمناسبة فليست ألمانيا أعلى دول العالم رواتب للمعلمين؛ ففوقها في ذلك دول، وإنما قصدت بذكرها ضرب المثل حسبُ.

وقد يرى هذه الأرقام بعضُ القراء فيشكك في صحتها أو يعتبر إيرادها تعجيزا أو تكليفا بما لا يطاق، فأقول: لست بصدد صحتها أو كذبها، ولئن كان نقلها – كما هي – لواقعنا متعذرا فلا أقل من أن يحقق إيرادها لفت النظر لضرورة رصد رواتب مناسبة للمعلمين، وهو ما أسعى إليه.

وثالث الاقتراحات في إصلاح المعلمين هو توفير التدريب المستمر والرفع من مستوى الكفاءات، بإقامة الملتقيات، والاستفادة من ذوي التجارب والخبرات.

فهذا جانب آخر شديد الحساسية في العملية التعليمية، والخلل فيه معطل لأي إصلاح في الجوانب الأخرى، والتي تحتاج إصلاحا أيضا، سأتحدث عن بعضه في الحلقات القادمة إن شاء الله.

                                                            

فإلى الحلقة القادمة

29. يوليو 2019 - 16:38

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا