يعتبر التعليم محددا أساسيا للهوية الوطنية وحجر الزاوية في اَي نهضة اقتصادية لاي بلد يطمح للنهوض من كبوته،لذا اعتقد ان الاستئناس بتجارب الآخرين فى إصلاح النظم التربوية قد يختصر علينا الوقت والجهد بدل الانطلاق من فراغ خصوصا ان هناك إرادة قوية و فهم ثاقب لحاجات هذا الحقل عند الرئيس المنتخب محمد ولد الشيخ الغزواني عبر عنها فى مناسبات عديدة.
وهنا اريد ان الفت نظر المهتمين بصورة مختصرة لإصلاحات ناجحة في قارات مختلقة افتتحها برواندا في قارتنا الافريقية نظرا للتشابه بين مكونات الشعبين.لقد ورد في تقرير جودة التعليم في العالم لسنة 2014 الصادر عن اليونسكو أن رواندا من أفضل ثلاث دول في تجربة النهوض بالتعليم. اننا جميعا ندرك ما عانت منه رواندا من إبادة جماعية قتل فيها أكثر من مليون شخص في صراع دام بين الهوتو والتوتسى. وفى النهاية اكتشف الجميع ان لا غالب ولا مغلوب بل المغلوب الحقيقي هو الإنسان الرواندي. لقد اكتشفوا ذلك بعد ان قيض الله لهذا الشعب قائدا صارما ركز على إصلاح التعليم وشدد على دولة المواطنة التي لا تعترف بعرق ولا لون ولا جهة. لقد شكل هذا القائد مجلسا اعلى للتعليم من اصحاب الاختصاص ومنحت لهم الموارد الضرورية والصلاحيات اللازمة فوضعوا سياسات واضحة الاهداف نهضت بالدولة في وقت قياسي فاجأ الجميع. لقد نهضت رواندا بالتعليم والإرادة و ليس بالموارد الاقتصادية. لقد ركز إصلاح التعليم في رواندا على ست نقاط لا يتسع المجال لبسطها وشرحها في هذا المقام لذا سأذكرها دون تفضيل:١-اعادة تأهيل المدرس: لقد شمل هذا التأهيل التدريب المكثف يقول نائب مدير مجلس التعليم برواندا موفوني" لا بديل عن المعلم المؤهل بامتياز الذي يلبى احتياجات السوق وينهض بالبلاد اقتصاديا"٢-تعليم يحارب العنصرية٣-التعليم المجاني٤-مكافحة التسرب المدرسي٥-ربط التعليم بالتقنيات الحديثة٦-توحيد لغة التدريسلقد صارت تجربة رواندا مثالا يحتذى تسعى الأمم الى التعرف عليها بتوجيه الدعوات اليهم فعلى سبيل المثال لقد قدم وزير التعليم السابق سيلاس لواكابامبا عرضا مفصلا عن أسباب نجاح تجربة دولته في التعليم فى مؤتمر مركز OCP للدراسات فى مجال إصلاح التعليم المنعقد في مدينة مراكش مؤكدا ان السبب الاول يعود الى توحيد لغة التدريس وإلغاء اللغات الأخرى كذلك اعتماد التكنولوجيا الحديثة.
ان التحديات التى تواجهنا في موريتانيا اقل بكثير من تحديات رواندا ونستطيع ان نحدث نهضة تعليمية كبيرة تكون مثالا في المنطقة فى وقت قياسي اذا توفرت الإرادة السياسية واحترمت الثوابت الوطنية وحفظ لمكوناتنا العرقية حقوقها فى دولة مواطنة يرى الكل ذاته فيها بعيدا عن معايير العرق واللون والجهة.
فالدرس الذي نستخلصه من تجربة رواندا ان الإرادة السياسية تأتي قبل الموارد الاقتصادية فى اَي نهضة تعليمية. فهل نحن على وعي بذلك؟