نَبِهُوهُمْ / محمدو ولد البخاري عابدين

نبهوهم كمواطنين وكمسؤولين ومشرفين وقولوا لهم إن الساحة الفسيحة التي ظلت منذ استقلال البلاد ونشأة مدينة نواكشوط ساحة لأشجار البروزوبيست " أكّرون لمحاده " القبيحة والشائكة المعتمدة في ريها على تبول المارة وسيول مجاري المراحيض، بعد أن تم تخطيطها وتبليطها اليوم وتزيينها بالمروج والشجيرات والأزهار والنوافير والأضواء وأصبحت تحت إسم ساحة الحرية فإنها ليست، أو لا ينبغي أن يرى فيها المتعطشون لساحات التنزه ضالتهم مثلما قرأت في بعد المواقع أنه يعول عليها في تعويض الغياب أو النقص في حدائق وساحات التنزه في العاصمة، وأنها بالتالي لا ينبغي أن تكون مكانا للشَّيِ والشاي على الفحم وسكب ورمي الفضلات من " تشليله ووركّه واحموم وبقايا عظام وكوشات  " في مكان كل جلسة ل " متنزهين " لا يلقون بالا لما يسمى المدنية والنظافة وليس ذلك من ثقافتهم، ولا يضعون في الإعتبار أنهم سيعودون في اليوم الموالي ومن الضروري أن يجدوا مكانا نظيفا لن يجدوه لأنهم لم يتركوه كذلك عندما لوثوه بالأمس بفضلاتهم، ولن يجدوا من تلك الشجيرات والأزهار والمروج ما يتمتعون بمنظره وأريجه ونسيمه لأنهم خلال " نزهتم الماضية " تركوا صغارهم المدللين يعبثون بتلك الأزهار والشجيرات والمروج..!

قولوا لهم إنها ليست حديقة عامة مفتوحة، وإنما هي ساحة مطلة على واجهات مراكز سيادية للدولة من قصر رئاسي ووزارات وإدارات يقتضي موقعها أن تظل نظيفة هادئة مُرتبة ومُهابة.. صحيح أنه من الجميل أن يكون المواطنون يتنزهون في ساحة على بعد أمتار من القصر الرئاسي في بلدهم كنوع من " التواضع السلطوي " وقرب القمة من القاعدة والقيادة من المجتمع، ولكن ذلك يتطلب مجتمعا يستوعب حدود ذلك ومعانيه ومتطلباته..

وصحيح أيضا أنه من حق المواطنين وجود حدائق وساحات عامة للتنزه والترويح عن النفس، وهذا معروف وبديهي وهو المعمول به في الكثير من مدن العالم وعواصمه، ذلك أن المدينة كائن حي والحدائق والأشجار هي رئتها التي تتنفس بها وتمدها بالأكسجين، وتصقل نفسيات وأمزجة ساكنتها من ضغوط وإكراهات الحياة اليومية، ولكن لا يزال في العاصمة نواكشوط من المساحات الفارغة ما يمكن تحويله لساحات وحدائق عامة مفتوحة للجمهور كالمساحات المقابلة اليوم لمبنى المتحف الوطني، وتلك المقابلة لمبنى جهة نواكشوط، وكالمساحات التي لا زالت تحتلها البنايات القديمة في الأحياء المعروفة ب " المدائن " وسط العاصمة.. فهذه يمكن هدمها وتخصيص جزء منها لإقامة الحدائق العامة، بل وهناك ما استبقته الدولة من مساحة المطار القديم يمكن أيضا استخدام مساحات منه في إقامة حدائق عامة واسعة.. وكل ذلك من أجل تحييد عبث وفوضوية ولا مدنية السواد الأعظم من أفراد مجتمعنا عن هذه الساحة " ساحة الحرية " لتبقى ساحة سيادية وبما تقتضيه السيادة من هيبة ومسؤولية واحترام.. ساحة تزين وسط العاصمة والمراكز السيادية فيها، ويُلقي منظرها الخارجي البهجة والاعتزاز في نفوس المارين في جنباتها لكن دون اتخاذها حديقة مفتوحة للجمهور.

هذه الساحة أيضا ولكي لا تصبح ممرا للمشاة الشاقين لها طولا وعرضا بقصد اختصار المسافات بين الإدارات المحيطة بها يجب أن تكون محمية لا بحائط إسمنتي يحجب مناظرها، ولا بسياج أو شباك حديدي صدئ ولكن بحواف من أنواع النباتات القابلة للتقليم والتشذيب والتشكيل بأشكال هندسية خضراء على ارتفاع معين ( الصورة ) تحميها من المارة وتميز حدودها وفي نفس الوقت تضفي منظرا جماليا عليها.

 

30. يوليو 2019 - 9:00

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا