إلى سنة من الإدارة بدون أحزاب .. تعاليا على الابتزاز السياسي (1) / محمد الأمين ولد أبتي

1987 – 2005 ثمانية عشر سنة من الاحتقان السياسي و الاجتماعي و الأمني، تلتها سبع عجاف متبوعةبسبع عجاف أخرى مابين 2005 – 2019،تميزت كلها بدرجات غير مسبوقة من الاستقطاب و الاحتقان السياسيين. المجموع اثنان و ثلاثون سنة من تعاطي التسيس باعتباره غاية لا وسيلة، و من منح الأولوية للمشاركة و الشرعية السياسيتينو حق هذا أو ذاك في أن يكون في هذا المنصب أو ذاك، على حساب الشرعية التنموية و المدنية و حق السكان المحليين في التعليم و الصحة و الماء و الكهرباء.

وتميزت الخمسية الأخيرةباحتلال الواجهة في الأحزاب السياسية - الموالية و المعارضة معا- من طرف"بشمركة" من السياسيين، الحزبي منهم بدون ماض نضالي أو بماض حزبي غير ناصع البياض، و الكثير منهم قادم من الصحافة و المنظمات الحقوقيةو شيوخ الدين أو شيوخ القبيلة،و الباعة و السماسرة المهنيين لكل شيء، بما في ذلك بيع و سمسرة بطاقات الهوية و بطاقات الناخب لمواطنين لن يروه قبل الموعد الانتخابي القادم.

هذا الجيل السياسي تخلق بدرجة من الميكيافيلية و المركنتيلية المعلنة لم تعرفه البلاد في أية مرحلة من تاريخها. و أسوء ما في الأمر أنهملما أدركوا أن الجماهير أصبحت معقمة ضد خطاباتهم الروتينية و أن غياب الصدق لديهم و التناقض بين ظاهرهم و باطنهم قد أصبحت مكشوفة، قرروا بدون حياء تعاطي كبائر الفسق الديني و السياسي، فتنة للداخل و استدرارا لعطف الخارج. لقد وصل البعض إلى حد تدنيس المصحف الشريف و بعض أخر إلى النيل من مقام النبوة، و ثالث إلى حرق كتب الفقه المالكي.

و في ظل الانهيار الكامل لمصداقية أحزاب الأغلبية و شيوع الصراعات و الترحال السياسي داخلها، صعدت - في سياق ما عرف بالمبادرات - موجة من القبلية و الأسرية لم نشهدها في أكثر مراحل تاريخ الحزب الجمهوري و حزب الإتحاد من أجل الجمهورية ظلامية. بالمقابل وصل الفسق السياسي و الاجتماعي ذروته عند بعض قيادات المعارضة عندما ركبت موجة الشحن العنصري و الشرائحي، دون أي مراعاة لعواقب مثل هذه الممارسة السياسية على نسيج المجتمع و السلم الأهلي بين مكوناته.

اليوم 1 أغسطس "من الله علينا" بتنصيب رئيس للجمهورية غير قادم من هذه الأحزاب السياسية، و لا يدين بشيء لحزب الإتحاد و لا للمبادرات القبلية، و لم يستطع المعارضون المتطرفون أن يجدوا دليلا قانونيا واحدا على عدم شفافية انتخابه. إذن من فضلكم أريحونا منكم سنة واحدة على الأقل. حررواإدارتنا و جماعاتنا المحلية و صفقاتنا العمومية من حزبيتكم.أتركونا نتمتع مع رئيسنا الجديد بتسيير الاقتصاد و التعليم و الزراعة و التجارة و الصناعة و الإدارة بدون حوار سياسي و لا حقائب وزارية للأحزاب السياسية، و لا للمبادرات القبلية المحلية. استفيدوا سادتي من سنة من الراحة تمكنكم من إعادة التفكير حول ما تريدونه، و من حل مشاكل أحزابكم، و معرفة ما إذا كان عليها أن تستفيد من "موت رحيم" بعد الموت السريري كحالة UPR. و هي حالة تعيشهافي نظرنا كل الأحزاب السياسية.

سيدي الرئيس، سيداتي سادتي الموريتانيين و الموريتانيات، أطلب منكم الدخول في عطلة 12 شهربدون ممارسة سياسيةحزبية، بعد 32 سنة من الأعصاب المشدودة. سيدي الرئيس من فضلكم تجاهلوا"الابتزاز السياسي" لهذه المعارضة التي تتحدث بدون حياء عن مقايضة الحوار السياسي بالاعتراف بنتائج الانتخابات و التخلي عن الشحن العنصري. إن هذا الحوار السياسي ليس أولوية و المطالبون به يرفضون الحوار مع المخالفين لهم في الرأي داخل أحزابهم. تجاهلوا كذلك سيدي الرئيس جماعة المصفقين من أهل المبادرات، الذين عرضوا أسرهم و قبائلهم للبيع في مزاد علني أمام الشاشات و عبر شبكات التواصل الاجتماعي.

اركب طائرتك فخامة الرئيس - كما قلت لك خلال الحملة -  وحلق بعيدا متعاليا على هؤلاء و مطالبهم الأنانية، و اتجه مباشرة إلى الشعب و أبناء القبائل و الموظفين في الإدارة و القضاء و البلديات بدون واسطة.

نواكشوط 1 أغسطس 2019

يتواصل يوميا

 

 

2. أغسطس 2019 - 7:45

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا