في ضوء الاهتمام المتزايد بالتعليم و شبه الإجماع على ضرورة إصلاح منظومتنا التربوية ، سأحاول في هذا المقال المشاركة في إثراء النقاش عبر تحديد بعض المفاهيم و طرح بعض الأسئلة التي أرى أن الإجابة عليها قد تساعد في فهم أهم إشكاليات هذا القطاع الذي هو حقيقة قاطرة التطور و رافعة النمو و الازدهار.
وفي هذا السياق وفي غياب أي عملية تقييم فنية معتمدة لمنظومتنا التربوية، هل من المشروع أن نتساءل هل تقدم منظومتنا التربوية تعليما جيدا ؟ وهل يمكن قياس مستوى جودة التعليم في بلادنا؟ وقبل كل ذلك ماذا نعني بجودة التعليم ؟ وهل تترجم نتائج الامتحانات و المسابقات مستوى منظومتنا التربوية ؟ وماهي طبيعة الامتحانات و المسابقات التي تترجم مستوى أي منظومة تربوية أصلا ؟ للإجابة على هذه الأسئلة سأحاول توضيح هذه المصطلحات وتقديم بعض التجارب الدولية وكذلك أراء بعض المتخصصين بشكل مبسط .
جودة التعليم
إذا كانت أهم استراتيجيات التعليم في الماضي صيغت دون التعرض لمفهوم الجودة (إعلان أديس أبابا عام 1961 ) - وإعلان جومتيان في 1990 حيث لم يذكر إعلان "جومتيان " جودة التعليم باعتبارها هدفا رئيسيا (اليونسكو (1990)). فان الأمر اختلف تماما في السنوات الأخيرة خصوصا بعد المنتدى العالمي للتعليم في داكار عام 2000، حيث ظهر مفهوم جودة التعليم للمرة الأولى (اليونسكو 2000) . و أصبحت بعده جودة التعليم مصدر قلق للهيئات الدولية المهتمة بالتعليم وظهر توافق في الآراء بشأن أهميتها واعتبار أي استراتيجية تعليمية لا تعالج مفهوم الجودة ناقصة و غير مكتملة .
هذا الإجماع حول ضرورة جودة التعليم قد يوحي بأن هناك تعريفا واضحا ودقيقا لهذا المفهوم. ومع ذلك فعند قراءة تقارير مختلف المنظمات و الهيئات الدولية المهتمة بالتعليم نجد أن هذا المصطلح يتم تعريفه بطرق مختلفة وغالبا ما يستخدم في أوساط مختلفة تماما وأحيانا لتحديد حقائق مختلفة. فمثلا يربط التقرير العالمي لمتابعة التعليم للجميع EPT لعام 2005 بين جودة التعليم "وطريقة تنظيم التعليم وإدارته ومحتوى التعليم ومستوى التعليم الذي تم تحقيقه و لما يجري في بيئة هذا التعليم "(اليونسكو (2005)، ص7).