عرفت بلادنا انتخابات رئاسية شفافة بين ستة مترشحين لنيل ثقة الشعب الموريتاني ’ حيث دامت الحملة خمسة عشر يوما من تقديم البرامج للناخبين لنيل ثقة هذا أو ذاك بغية إقناعهم بالمشروع الذي يقدمه للشعب ’ وقد اتسمت أجواؤها بالانضباط والمسؤولية بين المتنافسين ’ لأن الصراع على أساس برامج لا على أساس اثني ولا طائفي ولا حتى جهوى ’ هذا في الوقت الذي كان فيه البعض قد انتخب أشخاصا على أساس الثالوث السابق مع أن ذلك معزول ومنبوذ ’ أن نتميز في البحث عما هو عام من أجل أشياء خاصة فهذا ممجوج دينا وعرفا وأتيكيا وأخلاقا ’ فديننا الحنيف يحرم ذلك ’ فنحن شعب له دين واحد وأصول واحدة ’ على الرغم من تعدد ثرائنا الاثتى الذي هو مصدر قوة واختلاف لا مصدر تشرذم وخلاف ولهذا يجب على كل واحد منا التمسك بحبل الله أولا وسنة الرسول ثانيا والدفاع عن المكتسب ثالثا وخاصة القيادة لا أقول الجديدة وإنما المتجددة التي حبانا الله بها ’ وأن نبتعد عن الحقد والضغينة والتمركز الذاتي والعصبية لأنها مفاهيم رجعية ومستقطبة للفتنة التي هي نائمة وملعون من أيقظها .
فمنذ فترة إعلان فخامة رئيس الجمهورية عن ترشحه مارس الماضي من السنة الجارية وحتى لحظة تسلمه لدفة الحكم وأصوات المهرجين والمرجفين تتعالى تكاد تصعد غيظا وحقدا لأن الزمن يأبى الرجوع الى الوراء خاصة القيادة المتجددة ذات الباع الطويل والحكمة والحنكة السياسية والاداراتية التي آلت وأقسمت يمينا وأبرته وأشفعته بالعهد المسؤول بأن لا تعود سفينة الفساد لتعبث بمقدرات البلد ومواصلة الغبن والتهميش على الطبقات التي زكت برنامجه الانتخابي ’ فحظي بذلك في الشوط الأول دون عناء لنيل ثقة الشعب الموريتاني ولهذا يكون قائد الثورة ومفجر الطاقات الشبابية ومرشح الإجماع الوطني قد أنجز ما وعد به { أنجز حر ما وعد} فمن خلال قراءتنا للوحة الحكومة التي طغى فيها الجانب التكنوقراطي وكذا الطبقات المهمشة التي ولأول مرة في تاريخ نشأة الدولة الموريتانية تمثل فيها شريحة لحراطين بنسبة معتبرة { وللعهد عندي معنى } كما يقول رئيس الجمهورية ـ وان كنا نود الأكثر من ذلك ـ فهذه الشريحة عانت فهرمت وغابت وغيبت بفعل أنامل بيادق الأنظمة الحاكمة التي لا تريد العدالة والتي هي اليوم تطلق أصواتا مبحوحة من وراء ستار وأقنعة ستسقط صريعة أمام تعهدات رئيس الجمهورية الذي آلي على نفسه إحداث قطيعة راديكالية مع الممارسات الماقبلية . ولا شك أن تلك الأصوات ستعود إلى أغمادها عندما تحققت نبوءة الشعب بتقلد رئيس الجمهورية مقاليد السلطة يوم فاتح أغسطس المبارك وحق لهم ذلك باعتبار أن الحياة مؤسسة على التصارع وليس الصراع الذي ينتهجه هؤلاء والذي يعني الزوال والاضمحلال والفناء ’ فلو كان الأمر مبنيا على التصارع لكان خيرا , لكنه العكس مبني على الصراع وأحيانا العودة إلى المربع الأول بعد أن انتشلتنا يد الأقدار من جحيم لا يطاق ’ من فساد للقيم المادية والروحية , فليحذر هؤلاء بيادق وأباطرة الفساد من شق عصا الطاعة والابتعاد عن أساليب الديمقراطية التي يومنون ببعض منها ويكفرون بالبعض الآخر ’ بل لا يومنون بها إلا عندما تكون صادرة منهم أومن يتمالؤ معهم على ثروات الشعب وخيراته و وما يراكم الشعب هنا إلا مجموعات معزولة تتسلل لواذا ضحى أو عشيا من أجل البحث عن تدمير أنفسهم بأنفسهم وما عليكم إلا أن تؤوبوا إلى الباري جل جلاله متضرعين إليه كي يغفر لكم ما كبدتم الشعب من خسائر مادية وأخلاقية وأمنية وتشريد لرجال الأعمال الخيرين الذين كان جل شعبنا الضعيف المغلوب على أمره يسترزق من زكواتهم وعطاياهم ’ فأيبستم الحرث والنسل والحجر والمدر وظلمتم وهمشتم وخربتم ودمرتم حتى استعليتم وتجبرتم حتى سولت لكم أنفسكم الشريرة ملتمسا لولاية ثالثة للرئيس المنصرف ’ فاتقوا الله فينا فإنما نحن منكم وبكم فان استقمتم خير لكم وان اعوججتم فلا يحيق المكر السيئ إلا بأهله .
إن تسللكم نهارا جهارا واجتماعاتكم لن تفلح في عودة نظام الظلم والغبن والتهميش والنهب والتدمير ’ ولن توقف سفينة الإصلاح التي يقودها رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ محمد أحمد الغزوانى وما أدريكم أنه مصلح بعث الى الشعب ليجدد له إيمانه وقيمه ومعتقداته ’ فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول : { على رأس كل مائة عام يؤتى لهده الأمة من يجدد لها أمر دينها } وهذا ما يذكرنا بحديثه يوم إعلان الترشح حيث نشتم من خلاله رائحة تفوح منها نزعة إسلامية وعودة إلى الأصول والاحتماء بها والعض عليها بالنواجذ بعيدا عن محدثات الأمور التي تهلك صاحبها وأولها الظلم الذي حذر منه جل جلاله , ذلك أن دعوة المظلوم تحمل على الغمام يقول صلى الله عليه وسلم : { اتقوا دعوة المظلوم فإنها تحمل على الغمام ’ يقول الله عز وجل : وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين} وفى هذا غاية التخويف من عاقبة الظلم أما آن لنا أن نتعظ ونتشبث بالأخلاق الإسلامية ونبتعد عن عبادة الدريهمات والجشع وتحصيل الثراء الفاحش والتنابز بالألقاب والنميمة والوشاية التى كانت ديدن وسمة الحكومات السابقة . إن الشعب الموريتاني لن يقبل الرجوع الى الوراء وامتصاص ثدي الفساد والمفسدين وعودة أباطرة وبيادق جمع المال والثراء الفاحش مهما حاول المرجفون والمتباكون على الماضي العفن ألا سحقا لمافيا الفساد وما أجرأهم على الظلم .
ألا هل بلغت اللهم فاشهد
ذ . السيد ولد صمب أنجاي
باحث اجتماعي
كيفه بتاريخ : 11 ـ 08 ـ 2019